عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 17 أيلول 2023

إدانة

فتحي البس

بداية أرفض وأدين ما جاء في رسالة "الأكاديميون والكتاب والفنانون والناشطون الفلسطينيون، والناس من كافة مناحي الحياة" كما سمّوا أنفسهم، ولا قيمة لهم، وأرى أنهم ارتكبوا خطأ جسيما وتماهوا مع الجوقة المعادية للشعب الفلسطيني، ويجمع بينهم فقط مناهضتهم للشرعية ورأسها أبو مازن، وربما وافق بعضهم على وضع اسمائهم بمجرد أن قيل لهم أن البيان ضد الرئيس أبو مازن ودون قراءة المحتوى الخطير فيه، الذي صنف الرئيس على أنه منكر للمحرقة ومعاد للسامية، ولا يحق له "أي ادعاء بتمثيل الشعب الفلسطيني ونضالنا من أجل السلام". ولا أفهم ماهية نضالهم من أجل السلام وكيفيته، وأستهجن توقيع بعضهم على نزع شرعية الرئيس منذ عام 2009 بينما عملوا معه ومع المؤسسات التي يرأسها حتى عهد قريب جدا، أي إلى حين فقدوا مواقعهم.

الرئيس، كما كل الفلسطينيين لم ينكر المحرقة، وتصريحه الذي سارع الاتحاد الأوروبي واللوبي الصهيوني وأنصاره إلى شجبه، تحدث عن جدل تاريخي قديم حول المسألة اليهودية، وما تعرض له اليهود عبر التاريخ من مذابح وإقصاء وطرد في اوروبا منذ القرن الثالث عشر وحتى القرن العشرين، ومن أبشع الاجراءات ضد اليهود كان طردهم من بريطانيا عام 1290م بقرار من ملكها ادوارد الأول، قلدتها دول أخرى وطردتهم مثل المجر عام 1349 وفرنسا 1394 والنمسا 1421 ونابولي 1510 وميلانو 1597 وإسبانيا 1492 والبرتغال 1497 وغيرها، وتعرض اليهود في معظم دول اوروبا للاضطهاد، خاصة في روسيا وبولندا انتهى بجريمة هتلر ونازيته بمعسكرات الاعتقال والإبادة بالمحرقة.

أما شرعية الرئيس فإن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني، قد صادقت عليها، فمنظمة التحرير صاحبة الولاية على السلطة الفلسطينية، ولا ينزعها عنه بيان أو جهة غير مؤسسات المنظمة، والخلاف حولها قد انقضى منذ زمن طويل، فحتى الفصائل غير المنضوية تحت لواء المنظمة، تقرها وتتعامل معها، كذلك الأمم المتحدة ومئات الدول التي تتعامل مع الرئيس عباس كممثل للشعب الفلسطيني، فها هو في هافانا في قمة مجموعة الـ 77 والصين في الطريق إلى الأمم المتحدة للمطالبة بالعضوية الكاملة لدولة فلسطين، دون إغفال انجازات فلسطين الأخرى سواء في الاقليم أو مؤسسات الأمم المتحدة.

هل النقد للرئيس محرم؟ طبعا لا، ويمارس في فلسطين على نطاق واسع من قبل أفراد ونقابات ومؤسسات، وحتى في أوساط فتح التي يقودها، كما حصل في عهد الرئيس عرفات، ويعكس ذلك حيوية الشعب الفلسطيني ويلقى استجابة في ظل أوضاع صعبة جدا وقلق عميق ومشروع على مستقبل الشعب الفلسطيني في حدود فلسطين التاريخية والشتات.

لو اكتفى الموقعون على البيان بتوجيه النقد والطلب من الرئيس إقصاء نفسه عن الخوض في التاريخ القديم لأن أعداء الشعب الفلسطيني يناصبونه العداء ويلوون عنق تصريحاته ويسارعون إلى الاستخدام القبيح لكل ما يقوله، ودعوه إلى التركيز على معالجة الواقع المعاصر وإكمال مسيرته الناجحة في الأمم المتحدة ومؤسساتها، لربما أقول لهم هذا رأي مشروع، أما أن يصطفوا إلى جانب رأي أعداء شعبنا فهو موقف سيئ ومدان.