رام الله- الحياة الجديدة- عبير البرغوثي- منذ عام ألفين وثمانية، التحقت عبير الريماوي بالعمل في جهاز الشرطة أي أكثر من 14 عاما، وتنقلت في عدة أقسام، ومنذ عامين انتقلت إلى وحدة الانضباط النسائي التي تأتي ضمن دائرة انضباط الشرطة التي تأسست عام 2018 بهدف تحسين أداء عناصر الشرطة، لتكون شريكة في العمل الشرطي في القيام بدوريات انضباطية لتفقد الشرطة في الميدان ومدى الالتزام بالتعليمات.
تلقت الريماوي عديد الدورات في مجال شرطة الانضباط كان آخرها دورة القيادة المتوسطة، وخلال سنوات عملها في السلك الشرطي، تؤكد أنها لا تشعر بالتمييز بين الشرطية والشرطي، فهما "شريكان في هذا المجال ودورنا تكاملي في المهام والمسؤوليات والواجبات، وهدفنا الأساسي هو إيصال الشرطة الفلسطينية إلى أعلى القمم"، تقول الريماوي.
وتضيف، "في دائرة الانضباط نعمل على صعيدين الإداري والميداني، والعمل الميداني يعطينا صلاحية القيام بالضبط والربط للعساكر في الميدان، وكعنصر نسائي يعمل في هذا المجال يعطينا صلاحية إجراء عمليات تفتيش على قيافة وهندام عناصر الشرطة سواء كانوا نساء أو رجالا، كما أن العمل الميداني هو عملية تفاعل مع الجمهور ومع المدنيين الذين نكون معنيين أن نظهر لهم الصورة المشرقة لعناصر الشرطة النسائية وأن العنصر الشرطي النسائي في عملية تطور وتقدم دائم، كما أقوم بالتعامل مع المهام التي توكل إلي ضمن القانون، لأننا نعتبر أنفسنا أداة لرسم القانون واحترام حقوق الإنسان".
عانت الريماوي كغيرها من الشرطيات من نظرة المجتمع السلبية تجاه الشرطة النسائية، لكنها غضت الطرف عن تلك النظرة وتجاهلتها، بإصرارها ودعم أهلها وعائلتها، وخلال عملها سطرت نجاحات في مجال عملها الشرطي كغيرها من زميلاتها الشرطيات جعل المجتمع يحترم الشرطية ودورها في أداء رسالتها ومشاركتها في بناء مجتمع آمن، وفي توفير الاستقرار في المجتمع.
وبلغ العدد الإجمالي للنساء في سلك الشرطة المدني الفلسطيني، 549 امرأة بما نسبته 6.5%، ويتم توكيل معظم النساء بوظائف مكتبية وإدارية وميدانية ودوريات، حسب العقيد لؤي ارزيقات المتحدث الرسمي باسم الشرطة الفلسطينية.
دور العنصر النسائي دلالة على مدى التقدم والتطور في أداء الشرطة الفلسطينية
وتحرص وحدة انضباط الشرطة الفلسطينية بشكل دائم ودؤوب على ترسيخ ثقافة انضباطية عالية المستوى، تليق بتضحيات أبناء شعبنا بما ينعكس على تحسين خدمة الأمن، ويؤكد العميد معروف البربري مدير عام الأمن الداخلي، "أن العنصر النسوي من منتسبات الشرطة عملن بشكل دائم جنبا إلى جنب مع إخوانهن الرجال في جميع المهام الموكلة لهن ولم يتخلفن عن أداء واجبهن والأوامر الصادرة، ولهذا نشاهد الملتحقات بجهاز الشرطة في جميع المهام يقمن بدورهن على أكمل وجه".
وبين البربري "أن تسليط الضوء على دور الشرطيات بشكل عام وشرطة الانضباط النسائي بشكل خاص موضوع مهم جدا، خاصة أن دور العنصر النسائي في الشرطة دور مركزي ومحوري ويدل على مدى التقدم والتطور في أداء الشرطة الفلسطينية لواجباتها، لأن المواطن الفلسطيني وتحديدا الفئات الأكثر ضعفا مثل النساء والأطفال وكبار السن محاطون برعاية كبيرة بحكم القانون الفلسطيني والتعليمات الصادرة عن مدير عام الشرطة الفلسطينية اللواء يوسف الحلو التي تؤكد على ضرورة أن تكون الإجراءات في خدمة المجتمع بشكل عام والتركيز على هذه الفئات بشكل خاص، من هنا يأتي اهتمامنا بموضوع الشرطيات وأداء انضباطهن وصحة الإجراءات التي يقمن بها أثناء المهمات وخاصة فيما يتعلق بالمواطنات الفلسطينيات وبالأطفال".
ويؤكد البربري: "نسعى أن نكون في مقدمة أجهزة الشرطة العربية في تقديم العنصر النسائي في الجهاز ونسعى دائما لرفع الأعداد والنسب لتصل لأعلى حد، طموحنا أن تكون النسبة 50% من عدد المنتسبات من النساء للجهاز".
ويتابع: "في كل عام نجد أن هناك انفتاحا أكبر على التقدم لجهاز الشرطة من قبل النساء وهناك تفهم أكبر لهذا الدور الضروري وهو الدور الخدماتي الحيوي للمجتمع إلى جانب الدور الأمني، وفيما يتعلق بالوصف الوظيفي في الإدارة وتوصيف كل من يقوم بعمل داخل الشرطة ومنها الشرطيات فإن ما ينطبق على الشرطي ينطبق على الشرطية في هذا المجال".
"في بعض المجالات الشرطيات يتقدمن على الضباط وخاصة في قضايا مثل قضايا الأسرة، وقضايا التحقيقات التي تخص النساء، وقضايا لها علاقة بالتفتيش والقضايا الفنية، أما في الشرطة الجنائية، فالعنصر النسائي يتقدم في بعض الميادين على العنصر الذكوري، لكن نحن نرى أن التدريب هو أساس العمل وهو أساس التقدم ونحن نُخضع الشرطيات مثل الذكور تماما، ففي كل الدورات يتواجد العنصر النسائي بهدف تطوير مهاراتهن وتقدمهن في الميدان ويتم التدريب في كل المجالات حيث نقوم بإرسالهن في دورات تخص العمل الإداري، إلى جانب التدريب في مجال مسرح الجريمة ورفع الأدلة ودراسة الأدلة الفنية، والتدريب في مجال المرور وقيادة الدراجات، وكل الدورات مرتبة حسب الجدول السنوي لإدارة التدريب ودائما هناك حصة وكوتا للعنصر النسائي"، يقول البربري.
وفيما يخص طبيعة الرتب التي تحملها الشرطية الفلسطينية يؤكد البربري "أن الشرطيات يحملن كل الرتب من شرطية إلى عريف إلى رقيب ورقيب أول وكل الدرجات يخضع لها العنصر النسائي، فاليوم لدينا مديرة إدارة حماية الأسرة، وهي من أهم المناصب المتقدمة في الشرطة. كما تم تعيين مديرات مراكز في بيت لحم، نحن نسعى اليوم لتطوير دور المرأة وتحديدا في الشرطة ونعتبر أنفسنا شرطة حضارية ديمقراطية ونحاول تطبيق المعايير والمقاييس الدولية فيما يخص عملنا، وبالنسبة لنا دور المرأة محوري وضروري".
يقول البربري "شرطة الانضباط هو قسم من إدارة مفصلية هي إدارة الأمن الداخلي ومنوط به واجبات متابعة حالة الانضباط والسلوك المنضبط والرقابة على أداء منتسبي جهاز الشرطة في الميدان وأثناء الخدمة، لذلك يعتبر قسم الانضباط من آليات المتابعة والرقابة، ومن المهم وجود العنصر النسائي في هذا القسم لأنهن جزء مهم من هذه المؤسسة، كما تقوم الشرطية بمراقبة أفراد الشرطة في الميدان، مهمة الشرطية في قسم الانضباط لا تقتصر على الرقابة على الشرطيات فقط، وإنما أيضا الرقابة على أداء منفذي القانون، ولأننا نقدم شيئا جوهريا للمجتمع والعقيدة الأمنية في صلبها فإن مهمتنا الأولى هي تقديم الاحترام للمواطن".
"يعتبر جهاز الشرطة سباقًا بخصوص ضم النساء بين صفوفه، وتتم الاستعانة بهن من قبل الأجهزة الأخرى لتأدية بعض المهام، إضافة إلى القوانين والأنظمة والتعليمات الصادرة عن مدير عام الشرطة اللواء يوسف الحلو والتي تصب في سبيل تعزيز دور الشرطيات في هذا الجهاز، ونحاول توزيع العنصر النسائي حسب تعداد السكان في كل محافظة وعلى هذا الأساس يتم توزيع الشرطيات في المحافظات، ونحاول أن ندعم زيادة نسبة الشرطيات، ففي محافظة الخليل نسبة الشرطيات جيدة تليها رام الله ونابلس وجنين وهكذا، لكن إلى الآن نشعر أننا ما زلنا بحاجة لمضاعفة أعداد الشرطيات في الجهاز"، يؤكد البربري.
المرأة ثلث شرطة الانضباط
ويؤكد العقيد عمرو عاصي/ مدير دائرة الانضباط في الأمن الداخلي: "أن المرأة تشكل ما نسبته الثلث من عدد أفراد شرطة الانضباط، ويمكن أن يكون تعداد العنصر النسائي في الشرطة الفلسطينية قليلا نوعا ما نظرًا لعدم إقبال النساء على الالتحاق بالسلك الشرطي وتفضيلهن للوظائف المدنية، وبالنسبة لشرطة الانضباط النسائي يمكن القول: إن هناك إقبالا جيدا من قبل المرأة على هذا المجال، خاصة منذ استحداث شرطة الانضباط النسائي في عام 2021".
ولا تختلف المهام والمسؤوليات في دائرة انضباط الشرطة ما بين الذكور والإناث، إلا أن شرطة الانضباط النسائي تتميز بكونها تختص بالشأن النسوي في الشرطة أكثر، ومن أهم مهام الشرطيات القيام بجولات تفقدية على عناصر الشرطة من الذكور والنساء المتواجدين في الميدان والمقرات وتفقد الدوريات والمنامات.
ويؤكد عاصي "في شرطة الانضباط النسائي لدينا كل الرتب الأمنية وأهمها مقدم ورائد وهي من ضمن الرتب السامية، وهذه الرتب في حالة تطور دائم، كما أن هناك تساويا في الكفاءة بين العنصرين الذكوري والنسائي على حد سواء ولا يوجد أي تمييز حتى في المهام الموكلة لكليهما فالنساء يقمن بواجباتهن كالذكور تماما ويقمن بها كاملة دون ملل أو كلل أو تذمر، ويتم إعطاؤهن الصلاحيات كاملة وبالتالي لهن كل الحقوق والامتيازات".
وحول اطلاع فلسطين على تجارب الدول في هذا المجال أكد عاصي "أقرب دولة إلينا ونطلع على تجاربها في هذا المجال هي الأردن حيث إن دائرة الانضباط في المملكة تم استحداثها عام 1969، واليوم تحولت إلى إدارة عامة ضخمة ومن ضمنها شرطة الانضباط النسائي، حيث قمنا بتنظيم زيارات للإدارة هناك وتم النزول معهم للميدان إلى جانب الاطلاع على استراتيجياتهم وهيكلياتهم في هذا الجهاز".
شرطيات الانضباط في الميدان
وتقول الرائد الريماوي: "نسعى لأن تكون شرطتنا الفلسطينية مواكبة للتطور والحضارة والثقافة وحتى مواكبة التطورات التكنولوجية ومن هنا أود أن أشير إلى أن لدينا شرطيات يحملن درجات علمية عليا من الماجستير إلى الدكتوراة، وتواجد النساء ضروري وداخل جهاز الشرطة نحن والرجال شركاء ونسعى للشراكة ودورنا تكاملي لوصول الشرطة لقمم الجبال .
وتقول المقدم حنان جمعة/ وحدة الانضباط النسائي "منذ 30 عاما التحقت بجهاز الشرطة مع بداية دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، وكانت أمنيتي أن التحق بالمجال العسكري الذي يعلم الإنسان الانضباط بالوقت واللباس، وفي عام 2018 جاءتني فرصة للالتحاق بدائرة الانضباط في محافظة رام الله".
"في السابق كانت الفجوة كبيرة في التمييز بيننا وبين الرجال، اليوم الوضع أفضل ولكن لا نستطيع القول إن التمييز اختفى بشكل كامل بحكم وجود مجتمع ذكوري، فالتمييز موجود إن قل، وهذا ما يشكل ضغطا مضاعفا على العنصر النسائي في الجهاز الشرطي لإثبات جدارته بشكل أكبر، وبالنسبة للحقوق نحن نحصل عليها كما الرجل، ولكننا كنساء نعمل في هذا الجهاز نسعى للوصول لمناصب حساسة وصنع قرار للحصول على الحقوق والواجبات في هذا المنصب، وعندما تأخذ المرأة قرارا للانتساب لهذا المؤسسة فإن عليها التقيد بتعليماتها وقوانينها، وأن تكون على قدر المسؤولية لأية مهمة توكل إليها، وتتحدى العقبات مهما كانت"، تقول جمعة.
وتتابع: "دائرة انضباط الشرطة النسائية هي جزء من دائرة انضباط الشرطة ككل، التي تعنى بالقيام بالمهمات الإدارية والميدانية، ونتشارك بها مع زملائنا من الضباط بالمهام والمسؤوليات الموكلة إليهم، بحيث يتم تسيير دوريات لتفقد مرتبات عناصر الشرطة العاملة في الميدان، وكل سيدة أو فتاة تنتسب لجهاز الشرطة تتلقى تدريبات في كلية الشرطة، حيث تلقيت 15 دورة عسكرية ومن ضمنها دورات التأهيل والقيادة المتوسطة، ولاحقا سألتحق بدورة كبار الضباط".
وتقوم دائرة الانضباط النسائي أيضا بعقد لقاءات توعوية بالمخالفات الانضباطية للشرطة النسائية حرصا على أن يظهر عناصر الشرطة بمظهر عال من الانضباط وليقدموا أفضل خدمة لأبناء شعبنا .
وتقول الرائد حمايل / وحدة الانضباط النسائي: "انتسبت لجهاز الشرطة الفلسطينية منذ 15 عاما، في بداية التحاقي كان هناك قلق لدى عائلتي بسبب الأوضاع الأمنية التي يفرضها وجود الاحتلال، ولم تكن هناك معارضة لانتسابي، شاركت في الدورة التأسيسية الأولى ودورة تأهيل الضابط إلى جانب دورات تخصصية مهنية أخرى، ويتم الالتحاق بهذه الدورات وفق احتياج العمل وطبيعة الدائرة التي يعمل فيها المنتسب، هذه الدورات ساعدتنا على خلق شخصية قوية، ومميزات أخرى تؤهل منتسبيها للقيام بالمهام الموكلة إليهم على أكمل وجه".
وحول أبرز المهام التي تقوم بها حمايل في الميدان: "نقوم بعمل جولات تفتيشية في الميدان لتفقد أفراد الشرطة من ناحية التزامهم بالمظهر والقيافة والهندام إلى جانب تحرير المخالفات الانضباطية للشرطة المخالفة، فأنا دخلت جهاز الشرطة من أجل خدمة أبناء المجتمع مهما كان الوضع الوظيفي لي لأن جميع أقسام الشرطة تهدف إلى فرض النظام العام وتوفير الراحة والطمأنينة".
الانضباط أحد أهم ركائز العمل الأمني الفاعل لتحقيق الاستراتيجية للمؤسسة الأمنية، فشرطة الانضباط النسائي أصبحت ضرورة ملحة تتطلبها طبيعة المجتمع وطبيعة وظائف الشرطة، وإن دور المرأة في هذا المجال لا يقل أهمية عن دور الرجل وتعيينها في مناصب مهمة في العمل الشرطي دليل على التجديد والتطور الكبير الذي طال الشرطة الفلسطينية في كافة قطاعاتها.