عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 16 أيلول 2023

نظام استعلام الأفراد.. هل سيحد من ظاهرة الشيكات المعادة؟

*مواطنون يرحبون باعتماده "ومتعثرون" يخشون من ردات الفعل على تصنيفهم "الضعيف"

*خبير: نسبة ارتفاع الشيكات هذا العام أعلى مقارنة مع العام الماضي

*657 مليون دولار قيمة الشيكات المرتجعة في النصف الأول من العام من أصل 7.8 مليار دولار "متداولة"

نابلس- الحياة الاقتصادية- ميساء بشارات- ما أن سمع الشاب لؤي عبد الهادي، بتطبيق نظام استعلام الأفراد (PMA) للحد من ظاهرة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد، قام على الفور بتنزيل التطبيق على هاتفه لتجربته على الشيكات التي بحوزته، ولمعرفة تصنيف مصدر الشيك لدى سلطة النقد والاطمئنان على مدى صدقه في تسديد قيمة شيكاته.

عبد الهادي يعمل في تجارة السيارات، يشتري ويبيع للأفراد بالتقسيط عن طريق الشيكات الشخصية، وطالما وقع بفخ عدم كفاية الرصيد وقت تاريخ سداد قيمة الشيك، ليكتشف عند موعد الصرف انه بلا رصيد، ليتم اعادته له من قبل البنك، ما أثر على عمله ومصداقيته لدى الاخرين.

ورحب عبد الهادي بهذه الخطوة التي أعلنتها سلطة النقد، لعله يحد من خلالها من عدد الشيكات الراجعة، ويستطيع عبر التطبيق من معرفة تصنيف زبائنه الموثوقين وغير الموثوقين، ليقرر ان كان يستطيع قبول شيكاتهم او رفضها، لئلا يلحق به وبتجارته الضرر المادي.

وحسب سلطة النقد فقد بلغت قيمة الشيكات المتداولة العام الماضي، 23.5 مليار دولار، منها 1.5 مليار شيكات راجعة، بقيمة 500 مليون دولار شيكات أرجعت لعدم كفاية الرصيد.

وأطلقت سلطة النقد، في الايام القليلة الماضية، نظام استعلام للأفراد، للحد من ظاهرة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد.

وكانت سلطة النقد أطلقت قبل نحو سبع سنوات نظام استعلام للشركات، إذ تتمكن الشركة من معرفة تصنيف الزبائن بموجب تفويض منه قبل التعامل معه، لتتوسع خدمة الاستعلام بإطلاق البرنامج، لتشمل الأفراد، حيث يتيح لأي شخص معرفة تصنيف مصدر الشيك بمسح رمز “QR” الموجود على ورقة الشيك.

ويتيح النظام للأفراد معلومة وصفتها سلطة النقد "في أضيق الحدود" وتقتصر على تصنيف مصدر الشيك، ولا تخترق أية بيانات تشملها السرية المصرفية.

ويستخدم النظام عبر تطبيق اسمه PMA يتم تحميله على الهاتف، ويوفر خدمة استعلام الأفراد عن تصنيف مصدري الشيكات، ومتاح لجميع المواطنين.

الشاب نضال جريبان من مدينة نابلس، يعمل بالإعلانات، يؤكد أهمية نظام استعلام الأفراد عن الشيكات، لما لها من أثر ايجابي في معرفة تصنيف مصدر الشيك، الا أنه يقول: هذا النظام يعطي مؤشرات سابقة وقديمة عن تصنيف صاحب الشيك، لكنها غير حقيقية لأنه من الممكن عند الكشف عن صاحب شيك معين عبر التطبيق، يخرج تصنيفه A، لكنه بعد تقييمه وصدور دفتر شيكاته، تعرض لضائقة مالية لم تمكنه من وضع قيمة شيكاته الاخيرة، فبالتالي يخدع الفرد حامل الشيك، او قد يحدث العكس.

ويتابع انه قد يحدث العكس، يكون تصنيف مصدر الشيكE  لكنه في الفترة الأخيرة حدث انفراجة مالية لديه، وأصبح يحمل قيمة الشيكات، ويمكنه تسديدها، لكن التطبيق يعطي من يريد الحصول على الشيك تصنيفا سيئا يجعله يمتنع عن آخذه منه وبالتالي ايقاف مصالحه، نتيجة ظرف معين.

ويضيف أن الوضع السياسي والاقتصادي المتغير باستمرار سيؤثر على وضع العديد من التجار من حيث مواجهة صعوبات في وصول السلع، وبالتالي تأخر السيولة وتعرض الشيك للرجوع.

الشاب أكرم سعيد، التاجر في بيع السيارات والمعتاد على تقسيطها للأفراد وأخذ الشيكات كورقة وفاء، يقول ان هذا التطبيق سيفيده كثيرا في معرفة تصنيف مصدر الشيك، وخاصة انه يتعرض لرجوع الشيكات كثيرا لعدم كفاية الرصيد من قبل الأفراد الذين يشترون منه.

ويشير سعيد أنه الآن بإمكانه انتقاء الأفراد الذين يمكن بيعهم عن طريق التقسيط وقبول آلية الدفع بالشيك، بعد فحص تصنيف مصدر الشيك لضمان تسديده وعدم المماطلة او رجوع الشيك، وخاصة انه في بعض المرات يجير الشيكات، ما يسبب له الحرج والمشاكل في حال رجوعها.

ويتابع أن هذا التطبيق سيحميهم كتجار وأفراد من التعامل مع مواطنين يسيئون استخدام الشيكات، ويضعفونها اقتصاديا، وخاصة انها أصبحت ظاهرة غير صحية تؤثر على السوق الفلسطيني لعدم تسديد قيمة الشيك في موعده، والذي من المفترض أن يكون اداة لتسهيل التداول الاقتصادي والحركة التجارية بين الناس.

ويوضح سعيد انهم يسهلون على الناس حيث يقبلون الدفع بالشيك رغم أن حامله لا يملك قيمته حاليا، فيتم تأجيل الدفع لحين موعد الشيك، وفي حال عدم كفاية الرصيد لتغطية قيمة الشيك سيؤدي ذلك الى تراجع الاقتصاد ويسبب أزمة سيولة للتاجر، وربما قد تصل الى خسارته او افلاسه في بعض الاحيان.

وكان للشاب الذي فضل عدم ذكر اسمه رأي آخر، وهو يحمل دفتر شيكات ويصنف لدى سلطة النقد بـ E ويستخدم الشيكات كورقة وفاء في عمله كثيرا، يقول إن هذا التطبيق سيجعل الناس يتخوفون من أخذ شيكاته، رغم أنه يحرص حاليا على عدم رجوع أي شيك بسبب عدم كفاية الرصيد من أجل تحسين تصنيفه لدى سلطة النقد مستقبلا، وبالتالي سيتأثر عمله ويتراجع.

من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي وعضو الاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين، الدكتور ثابت أبو الروس: "إن هذا النظام جاء بعد أن تم تطبيقه من قبل سلطة النقد لصالح الشركات العاملة في فلسطين ضمن اتفاقيات ابرمت بين الشركة وسلطة النقد والجديد في الموضوع أن التطبيق أصبح متاحا لأي مواطن ويتم تنزيله من الانترنت، ويهدف الى معرفة تصنيف حامل الشيك لدى سلطة النقد".

ويوضح أبو الروس لـ"الحياة الاقتصادية"، أهمية التطبيق فهو يعمل على تعزيز مكانة الشيك في السوق الفلسطيني، ويسهل قضية التعرف الى أي مدى صاحب الشيك لديه الموثوقية لكي تقبل شيكاته، وفي حال عدم معرفة العميل يمكن فتح التطبيق ومعرفة الحالة الائتمانية لهذا العميل، مما يساهم في الحفاظ على ثقة المواطن في ورقة الشيك التي تعتبر اداة دفع رئيسية في السوق الفلسطيني بعد النقد.

ويتابع أن التطبيق يسهل التبادلات التجارية التي تتعلق بالشيكات ما بين العملاء من جانب والتجار من جانب ثاني، ويحد من قضية الشيكات الراجعة، وتمكن من معرفة تصنيف مصدر الشيك لقبوله او رفضه من الآخرين، فاذا كان التصنيف رديئا يرفضه التاجر، مما يعمل على تقليل حالة الشيكات الراجعة في المستقبل، والتي تؤرق السوق الفلسطيني والتاجر الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني.

ويشير أبو الروس الى أن الشيكات الراجعة هذا العام كانت أعلى من العام الذي سبقه فقد بلغت 8.5% هذا العام مقارنة مع  5% في عام 2022.

ويؤكد أن التطبيق خطوة ايجابية تقلل عدد الشيكات الراجعة، نظرا لأن آخذ الشيك سيقوم بفحصه على التطبيق وسيرفض أخذه اذا كان تصنيفه رديئا.

ويوضح أن التطبيق يؤثر على موثوقية الشيك ويسرع من قبول الشيكات في السوق الفلسطيني ويزيد من ثقة الجمهور في الشيكات كأداة للوفاء، مشيرا الى أنه على المستوى الاقتصادي فان عشرات الشركات خرجت من السوق وافلست نظرا للكم الكبير من الشيكات الراجعة، وهذا التطبيق يوفر معلومات عن الشيك تفيد التجار واخذي الشيكات قبل التورط في أخذها، كما انه سيكون له أثر كبير في الحد من الشيكات الراجعة لعدم كفاية الرصيد، وهذا الاثر يمكن قياسه خلال الاشهر القليلة القادمة.

وقال محافظ سلطة النقد فراس ملحم: "إن سلطة النقد تعمل على تطوير آليات ووسائل تسهم في تعزيز الاستقرار المالي وتطوير الخدمات المصرفية الرقمية".

وأكد أن "هدف نظام استعلام الأفراد هو الحد من استخدام الشيكات، وتقليل الشيكات الراجعة لعدم كفاية الرصيد، ما يوفر حماية للتاجر والمواطن، ويعزز الثقة بالشيك كأداة وفاء".

وحسب جمعية البنوك في فلسطين فقد بلغ عدد الشيكات المعادة في البنوك العاملة في فلسطين خلال النصف الاول من العام الجاري 320,004 ورقات، من أصل 2,987,442، بقيمة تصل الى 657 مليون دولار، من أصل 7.8 مليار دولار.

والجدير ذكره، أن شركة الأندلس للبرمجيات هي من أنجز التطبيق لسلطة النقد حول نظام استعلام الأفراد عن الشيكات، ويتوفر التطبيق باللغتين العربية والانجليزية.