عائلة الشهيد أدهم الكاشف.. عامان من الفقد ودهر من الوجع
رام الله- الحياة الجديدة- نسرين جبارين- رغم مرور عامين على استشهاده، ما زالت عائلة الشهيد أدهم الكاشف، تقاسي لحظات وجع، وكأن استشهاده كان بالأمس.. رصاصة غادرة لم تمهله طويلا، حولت وجوده الحي إلى صورة تحملها والدته وتَشْتَمُّها.. تتأمل وهي تلامس حجارة قبره في تفاصيل حرمها الاحتلال من لمسها مباشرة مرة أخرى.
الشاب أدهم الكاشف (20 عاما) من رام الله، الذي صادف يوم أمس، مرور عامين على استشهاده برصاص الاحتلال عند مدخل مدينة البيرة الشمالي، ارتقى ممسكا بسلاحه الوحيد، حجر وتراب من أرضه، التي زرع الاحتلال في بيوتها الحزن والألم، وفاحت جدرانها بعبق الشهادة.
فايز الكاشف والد الشهيد لم يستطع منع انهمار دموعه وهو يتحدث لـ"الحياة الجديدة".. ويقول: "اشتقنالك كتير يا أدهم، كان صاحبي، سندي ومعيلي بالشغل وبيحمل عني، اليوم سكرت الشغل حزني عليه مرضني، فقدت إيدي اليمين بلمح البصر".
بحسرة ومرارة، يستذكر الوالد فايز، أحلام نجله المحب للحياة، قائلا: "كان حلمه يحصل على رخصة القيادة، يحوِش، يتزوج ويعمل عيلة، سرقه الزمن منا، الله يرحمك يا حبيبي.. لا اعتراض لا حكم الله".
في غرفة أدهم، تبقت حصالة يتيمة جمع فيها بعض النقود، أملا ببيت يملؤه الدفء والفرح، ليتحول حلم الزواج إلى "الزواج الحلم" يزف فيه أدهم شهيدا حرا تغفو أحلامه الطاهرة بجانبه إلى الأبد.
بدموعها التي تنهمر بكثافة وببطء تؤكد جهاد الكاشف والدة الشهيد قسوة سنين الفقد، وتقول: "أصعب سنتين مروا علي، أنا كل يوم بمر علي بتكرر عندي الوجع، مكانه رح يضل فاضي، الله يرحمك ويتقبلك يا حبيبي".
غادرنا الأدهم مقبلا غير مدبر، ودعته والدته بقبلة على جبينه في مشهد اعتدنا على رؤيته، بثبات الأم الصابرة المحتسبة، وحديث تمتمته في مسمعه، يرافق جثمانه لرحلة الوداع الأخير.
حقيقة صادمة لن يستفيق منها فادي الكاشف ابن عم الشهيد واصفا لنا لحظة استشهاده: "أنا طلعت من شغلي مصدوم بلا وعي، أدهم استشهد بيوم غضب هو وثلاثة شبان آخرين، رصاصة بالظهر حرمتنا من وجوده الطيب بينا، الشب الشجاع والجدع، كان حلمه يفتح شغله الخاص ويبني عيلة، ولكن للأسف كعادته الاحتلال يغتال الحلم والحالمين".
تخاطب جميلة الكاشف شقيقها قائلة: "حبيبي وصديقي المقرب وبيت أسراري، الخال الحنون على بنتي رغد، رغد اليوم كبرت وكل يوم بحكيلها عنك، مستحيل ننساك يا روح أختك".
ضياء العداسي زوج أخت الشهيد وآخر من رافقه للمشفى صباحا قبل ارتقائه، ذهبا سويا للتبرع بالدم لشهداء حرب غزة كتب العداسي على صفحته على "فيسبوك": "كنا متفقين نتبرع بالدم مع بعض، بس ما كنت عارف إنك رح تتبرع بكل دمك وروحك فدا لفلسطين وغزة والقدس، طلعت أكرم مني يا صاحبي".
لا تستطيع عائلة الشهيد الكاشف أن تصدق أنها فقدت جزءا من روحها بين ليلة وضحاها، هي فرحة مخطوفة تبدو واضحة في وجوههم، وكابوس يتعمد الاحتلال استحضاره في كل بيت فلسطيني.
مواضيع ذات صلة