عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 16 أيار 2023

في موكب التشييع.. حلم يافا لا يموت

نابلس– الحياة الجديدة– بشار دراغمة- كان موكب الشهيد صالح صبرة يشق طريقه من ميدان الشهداء في نابلس، عندما كان محمد أبو ليل يتحدث عن حلم العودة في الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة.

ينظر محمد الذي يسكن مخيم عسكر، إلى الجثمان المحمول بحسرة وألم، قائلا: "طريق العودة وحلم تحقيقها معبد بهذه الدماء، الحقوق لا تسقط بالتقادم طالما هناك جيل ما زال يرفض كل هذا الظلم، ينتفض بحجره ليقول للمحتل إنا عائدون إلى ديارنا التي هجرنا منها، صالح عندما استشهد كأنه كان يردد ذات العبارة، وقتل في زقاق المخيم لأنه يحلم بالعودة".

محمد الشاب الذي لم يعش تفاصيل اللجوء، لكنه حفظها عن ظهر قلب من والده وجده، ويعيش في مخيم تتكدس فيه البيوت والأحلام، ويعتبر "محطة انتظار مؤقتة لحين العودة".

يقول محمد: "هكذا تعلمنا، وهكذا نبقى، لم نر بلدتنا في يافا إلا في الصور والقصص التي يرويها لنا أهلنا". ويضيف: "أنا لست لاجئا، إنما أنا عائد. أعرف أن بلدي ينتظرني، وأنني أنتظره، ولا يمكن لأحد أن يسلبني حقي في العودة إلى أرضي وسمائي".

يحلم محمد بأن يعبر الحدود إلى وطن أجداده دون خوف أو قيود، وأن يكتب اسمه على جدار منزله عائلته الذي لم يره.

محمد مثل ستة ملايين لاجئ تشردوا حول العالم، يرون في أنفسهم شجرة الزيتون، التي لا يمكن اقتلاع جذورها، مثل نجمة الصبح التي لا يمكن إطفاء نورها، يرون في ذواتهم طائرة الحرية التي لا يمكن كسرها.

في موكب التشييع ذاته للشهيد صالح صبرة، مئات اللاجئين يحملون في ذكرى النكبة شهيدهم على الأكتاف، وكأن دماء الشهيد تقول لهم: إن حق العودة يتجدد الحلم به بهذه الدماء التي تمنحهم قوة إضافية للتمسك بحقهم، فلا يستسلمون لليأس، بل يصارعونه كل يوم للحفاظ على كرامتهم وهويتهم وحلم عودتهم.

محمد الذي تتلاشى الحدود بين الحاضر والماضي في مخيمه، يعيش على الأمل الذي ورثه من والده، رغم أنه لم ير يافا إلا في صور كثيرة وقصص جده التي لا ينساها، يحمل في قلبه حنينا لأرض لم تدسها قدمه، ويرسم في خياله مدينة لم تزره عيناه. ويقول: "لن نستسلم للواقع المرير الذي يحاصرنا، ولن ينسى حقنا في العودة فلا زلنا نعيش كل هذه المعاناة ورغم ذلك مع كل يوم يتضاعف الأمل بنيل حقنا المقدس".

قصص حارات يافا وأزقتها وأسواقها وكنائسها ومساجدها، يعرفها محمد جيدا، اكتسبها من الروايات الشفوية المتناقلة، التي يرى فيها قصص حب انقطع في خريف النكبة وتجدد بأمل العودة.