نابلس تنفض عنها غبار الفوضى
رفض مجتمعي للاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة
نابلس– الحياة الجديدة– بشار دراغمة- نابلس التي عاشت أوقاتا قاسية تجاوزت الأربع وعشرين ساعة، تحاول كعادتها أن تنهض من جديد، تنفض عن نفسها غبارا كثيرا علق بها، تريد استعادة مكانتها الطبيعية وسط حالة واسعة من الخراب والدمار الذي حل بها جراء الاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة إثر الأحداث المؤسفة التي شهدتها. فالمدينة في عز أزماتها لم تقبل إلا أن تكون جميلة شامخة، وتواصل قص حكايتها العتيقة للعالم، وتصر على أنها شامخة رغم كل الألم، وتتغنى بأنها "دمشق الصغرى" ذات الحكاية الجميلة الطويلة.
بعد منتصف الليل شبان يهرعون إلى منطقة ميدان الشهداء، يسعون إلى إزالة مظاهر الأحداث المؤسفة وآثار الاعتداء على الممتلكات العامة من قبل البعض.
الشاب أنس محمود، وقف وسط ميدان الشهداء والألم يعتصر قلبه على ما شاهده من خراب وتدمير، واعتبر أن هناك ثقافة مجتمعية بحاجة إلى تصحيح المسار في طريقة التعامل مع الممتلكات العامة، وقال: "ما حدث في نابلس أعطى درسا ويجب أخذ العبر منه، فكان واضحا أنه من السهل انجرار الكثيرين وراء دعوات غير بريئة لتخريب الممتلكات العامة والخاصة وإلحاق الأذى في نابلس، في حالة يرفضها الكثيرون للتعبير عن الرأي"، مؤكدا أن ما يحدث لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال تعبيرا عن الرأي.
وحسب أنس محمود فإن الأمر يعود إلى ثقافة مجتمعية مهيئة بالنسبة للبعض في اعتبار الأملاك العامة بمثابة العدو، وبالتالي من السهل انجرار البعض وراء دعوات غير بريئة لتنفيذ مثل هذه الاعتداءات.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي برفض كامل لكل مظاهر الاعتداء على الأملاك العامة وتساءل سليمان الفيومي في تغريدة له على "فيسبوك" قائلا: "بالله عليكم هل اغلاق الشوارع بالحجارة وحاويات النفايات والقاء محتوياتها على الأرض وإشعال النار في دواليب السيارات وعجلاتها المطاطية وإغلاق المحال التجارية وتعطيل مصالح الناس والمؤسسات العامة والخاصة وحمل السلاح وإطلاق الرصاص، سيؤدي الى رحيل الاحتلال وتحسين الحياة وتطوير الديمقراطية ومقاومة الاحتلال؟".
وقال عبدالحكيم فقها: "سيتم تنظيف شوارع نابلس وترميم مظاهر التخريب بسرعة ولكن كيف نبرأ من ثقافة التخريب والتدمير والانتقام من الممتلكات العامة والخاصة، وندعي المدنية والتحضر؟؟".
بينما قال عامر طوقان: "شباب البلد أولادنا كما أبناء الأجهزة اخواننا وأبناؤنا فجميعكم أحبتنا، لكن تخريب الممتلكات العامة التي هي لي ولك ولكل مواطن يقطن في هذه البلد الطيب، ندفع ثمنها من قوت ابنائنا فالمساس بها خط احمر ولا يوجد في كل قواميس الاحتجاجات ما يبيح تخريبها".
وقال الإعلامي غياث الجازي: "لطالما شكل الدوار في نابلس رمزية كبيرة، لارتباطه- اسما وفعلا- بالشهداء، ولمكانته التاريخية كنقطة ارتكاز اقتصادي وسياحي ومعنوي على مر العقود وموقعه كبوابة عريضة لخميرة نابلس وقلبها "البلدة القديمة". فإذا كان "الدوار" بما يحمله بهذه الرمزية بخير فنابلس كلها بخير".
ودعا الجازي لإطلاق مبادرة على صعيد المواطنين في نابلس والشركات الكبيرة بالبلد لإعادة تأهيل "الدوار" بما يليق بنابلس ومكانتها. وقال "ولأننا نعرف العبء المالي على بلديتنا فإني أدعو الشركات الكبيرة بالإسراع والمبادرة بتبني تأهيل "الدوار" بأسرع وقت ممكن".
وكان محافظ نابلس اللواء إبراهيم رمضان وصف ما مرت به نابلس بالوقت العصيب داعيا إلى تصليب حالة التلاحم المجتمعي والوطني وتغليب مصلحة البلد والوطن على المصالح الفئوية الضيقة، وإعلاء صوت العقلاء والمحبين الحقيقيين لبلدهم.
وحول الاعتداء على الأملاك العامة قال: "ما يحدث من تخريب إنما يثلج صدور المتربصين بشعبنا وأحلامنا وكرامتنا. لذا فإننا ندعو إلى وقف كل أشكال التخريب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وضرورة التحلي بالمسؤولية والوحدة الوطنية، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه موحدين متراصين أمام مخططات الاحتلال. كما ونحذر في الوقت ذاته من انجرار فئة قليلة وراء أعمال التخريب والاعتداء الممنهج على الممتلكات أو الإضرار بنابلس وإرثها ومكانتها وسيكون لهم القانون بالمرصاد".
مواضيع ذات صلة