نزار الدباس مسحراتي منذ ٣٠ عاما
غزة - الحياة الحديدة- هاني أبو رزق- مع الساعة الثانية ليلا، ينطلق المسحراتي نزار الدباس إلى عمله في مهنة المسحراتي وإيقاظ الناس بمدينة خان يونس في رحلة استمرت على مدار أكثر من ٣٠ عاما، متنقلا بين مخيم اليرموك بسوريا وقطاع غزة.
يلبس الدباس جلبية ترمز إلى القدم، يحمل الطبلة التي يطرق بها بيده أجمل الإيقاعات، يعتمر الدباس الطربوش الأحمر فوق رأسه، يتوشح بالكوفية الفلسطينية ذات اللونين الأبيض والأسود، ويبدأ بالصداح بحنجرته والسير متنقلا بين المنزل والآخر.
الدباس يبلغ من العمر،٥٠ عاما وهو سوري من أصول فلسطينية يوقظ الناس للسحور بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة خلال شهر رمضان المبارك في مهنة تعتبر بالنسبة له سعادة كبيرة خاصة عندما يشاهده الأطفال.
“يانايم وحد الدايم، رمضان كريم “ هذه العبارة وعبارات كثيرة ينادي بها الدباس أثناء تجوله في شوارع وأزقة مدينة خان يونس, يقول الدباس :” المسحراتي هي مهنة من التراث الفلسطيني الإسلامي القديم التي بدأت بالتلاشي خلال السنوات الماضية في ظل التطور التكنولوجي الحالي, أعمل بهذه المهنة منذ سنوات طويلة، أكثر شيء يسعدني بها عندما أشاهد الأطفال يحملون الفوانيس المضيئة ويقومون بمراقبتي في جولتي اليومية، الأطفال يذكرونني عندما كنت أعيش في سوريا التي عملت بها مسحراتي”.
ويضيف وهو يطرق طبلته داعيا الناس إلى السحور :” يأتي إلى بيتي العديد من الأطفال الذين يحملون الفوانيس يطلبون مني أن اصطحبهم معي في جولتي أثناء إيقاظ الناس على تناول طعام السحور، فمهنة المسحراتي تعتبر جزءا متجذرا من شهر رمضان وهو أيضا فرحة“.
ويتابع الدباس، قائلا “للحياة الجديدة” :” مهنة المسحراتي جزء من التراث الفلسطيني الذي لا يمكن نسيانه أبدا، ومن الضروري أن أصنع البهجة وأرسم الابتسامة على شفاه الناس الذين يحبون أن أتواجد في مناطق سكناهم، منوها إلى أنه قام بنقل التراث السوري القديم إلى قطاع غزة ويعمل على نشره مع ارتدائه الزي التراثي السوري.
ويتابع الدباس قائلا :” عملت في هذه المهنة برفقة أخي عندما كنا نسكن في مخيم اليرموك، الحياة بقطاع غزة تذكرني بذلك المخيم، يجب أن نقوم بتوريث هذه المهنة لأبنائنا حتى نحافظ على عاداتنا وتقاليدنا القديمة، فمهنة المسحراتي تراث فلسطيني لا يمكنني تركها سوف أظل أعمل بها لوجه الله حتى آخر يوم في حياتي “.
مع وصول عقارب الساعة إلى الرابعة فجرا ينتهي الدباس من إيقاظ الناس في حارات وأزقة وشوارع مدنية خان يونس، يذهب إلى بيته ويستغل ما تبقى من دقائق معدودة ويتناول سحوره.
وينتشر الكثير من الأشخاص الذين يمتهنون مهنة المسحراتي في أزقة وشوارع قطاع غزة، العائد المالي البسيط من هذه المهنة يحصلون عليه خلال عيد الفطر عندما يصطحبون طبولهم ويتجولون على البيوت التي كانوا يقومون بإيقاظ أهلها خلال رمضان.
المسحر أو المسحراتي هو الشخص الذي يأخذ على عاتقه إيقاظ المسلمين في ليالي شهر رمضان لتناول وجبة السحور. والمشهور عن المسحراتي هو حمله للطبل أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر. وعادة ما يكون النداء مصحوباً ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية. مع تقدم الزمن وتطور المجتمع والتكنولوجيا، بدأت هذه المهنة بالانقراض، واختفى المسحراتي من معظم الحارات والأحياء، بعدما كانت مشهورة ومتزاولة بقوة في معظم الدول العربية.
مواضيع ذات صلة