عاجل

الرئيسية » عناوين الأخبار » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 19 تشرين الأول 2015

هبّة شعبية أم انتفاضة ثالثة ؟!

رام الله – الحياة الجديدة- محمد مسالمة –هل يمكن وصف ما يجرى حالياً بالانتفاضة الثالثة أم هو مجرد "هبّة شعبية"؟ وما الرهان على استمرارية المواجهة مع الاحتلال في "نقاط التماس"؟ القدرة على ادارة المواجهات تحتاج الى شعارات تتناغم مع أهداف الحراك الشعبي.. فهل يعي المشاركون ذلك؟!

وبالرغم من التلويحات السياسية، وصوت رحى الجهود الدبلوماسية التي تحركت منذ ايام، الا ان الاحداث مستمرة بطابع شعبي بعيد عن التنظيمات السياسية والحزبية.. فكيف تستفيد القيادة الفلسطينية من ضغط الشعب وأدواته؟!

 

"هبّة شعبية في اطار انتفاضة بدأت منذ سنوات"

قال المحلل السياسي جهاد حرب ان ما يجري "هبّة شعبية" في اطار "انتفاضة أوسع" بدأت منذ 3 سنوات على مستويين رسمي وشعبي من أجل تغيير معادلة العلاقة مع اسرائيل، اذ بدأ المستوى الرسمي بها عندما قدّم طلب الحصول على دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2011 وهي بداية الجهود الهادفة لدمج الشعب الفلسطيني في المجتمع الدولي، وكذلك طلب الانضمام للمعاهدات والاتفاقيات الدولية.

وتابع: ومن معالم الانتفاضة الرسمية حركة المقاطعة الاقتصادية، ومحاولات فرض عقوبات اقتصادية على اسرائيل، وهذه الحركة شعبية ورسمية وحزبية وجهود لمنظمات المجتمع، ونتج عنها مقاطعة اكاديمية وترميز لمنتجات المستوطنات من قبل الاتحاد الاوروبي.

وبخصوص المستوى الشعبي بتمثل في الهبّات الشعبية، وتفعيل المقاومة في داخل قرى تماس تضررت من جدار الفصل العنصري، مثل قرى بلعين ونعلين وسوسيا وكفر قدوم والنبي صالح، وتمددت جهود المقاومة الشعبية الى اقامة قرى على اراض مهددة بالمصادرة كقرية "عين الشمس" وقرية "الكرامة".

وتتجلى معالم الهبّات الشعبية بالمواجهات مع الاحتلال حيث نشهدها في الايام الاخيرة، وشهدها الشعب الفلسطيني العام الماضي خلال العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، وان المواجهات ترتفع وتيرتها وحدّتها وتقل ايضاً بحسب احتقان الشعب باعتداءات الاحتلال والمستوطنين.

 

لجنة سياسية تنتهي من صياغة ورقة لكافة القضايا

فيما أطلق عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جمال محيسين على المواجهات مسمى الهبّة الشعبية، والتي من الممكن ان تتسع فيها المشاركة وتتزايد مظاهرها الى انفجار انتفاضة ثالثة، مشيراً الى ان ذلك يرتهن بردات فعل الاحتلال الاسرائيلي في التصعيد.

وأوضح لـ "الحياة الجديدة" ان هناك لجنة سياسية تستفيد من الضغط الشعبي، وتواصل اجتماعاته باشراف الرئيس محمود عباس وغداً ستنتهي من صياغة ورقة تتضمن كافة القضايا الاجرائية حول الوضع الراهن، كما انها ستكون ترجمة لتنفيذ ما جاء في قرارات وخطاب الرئيس في الامم المتحدة.

وأكد أن المسببات الرئيسية للهبّة الشعبية اصرار الاحتلال على انتهاك حرمة المسجد الاقصى، ورعاية الحكومة الاسرائيلية لانتهاكات المستوطنين وتنكرها من السلام، وتصاعد جرائم الجيش بالاعدامات الميدانية التي ينفذها على الارض، حيث تجعل من الهبة الشعبية مستمرة وردود الفعل قائمة.

وحول خطاب الرئيس الاخير وتعليقه على الاحداث الميدانية، اشار محيسن الى أن ما جاء فيه تأكيد على خطاب الامم المتحدة الذي يستند على قرارا المجلس المركزي، بتحميل حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة على التصعيد والعنف، وكذلك وضع المجتمع الدولي في صورة ما يجري ومطالبته بتوفير حماية دولية لأبناء الشعب، بالاضافة الى نقد الموقف الاميركي الداعم للاحتلال والذي يجعل اسرائيل تستمر في انتهاكها لقرارات الشرعية الدولية.

وقال الكاتب والمحلل السياسي اللواء محمد المصري ان الحراك الشعبي القائم أعم وأعمق من الانتفاضة، حيث ينم عن حالة وعي يشارك فيه الشباب دون سن 21 عاماً، "الجيل الذي خلق في فترة أوسلو وقبل 10 سنين عندما كبر شابه الوعي بدأ يراهن على اتفاقية تعطيه شيئا على الارض"، ولكن الجيل لقي نفسه في أزمة خاصة بعد منتجات الانتفاضة الثانية المسلحة التي حققت منجزات صغيرة.

وأشار الى ان الجيل يريد الانتفاض والاحتجاج على الاعتداءات المتصاعدة في الاونة الاخيرة في المسجد الاقصى، والاعتداء على المرابطات الماجدات، وتجلت صور الاعتداء بخلع الحجاب عن رؤوسهن واعتقالهن واهانتهن، بالاضافة الى انه يرى الجندي الاسرائيلي يمنعه من الوصول الى المسجد الاقصى "مع ان المشاركين ليسوا متدينين ولا علاقة مباشرة لهم بالسياسة، لكن حرمة المسجد الاقصى تمثل حقا معنويا له يجب الدفاع عنه"، وان ما عزز الاحتقان اعتداءات المستوطنين بحق ابناء شعبه.

 

هل تستطيع السلطة الوطنية ايقاف "الحراك الشعبي" ؟!

وأوضح في حديث لـ "الحياة الجديدة" ان الحراك الشعبي ما زال محدوداً ومقتصراً على نقاط التماس، ولم يصل المخيمات والتجمعات السكانية داخل المدن، مشيراً الى ان اتساع رقعته سيجعل منه حالة جماهيرية شعبية ومشاركة واسعة لا تستطيع اسرائيل ولا السلطة الفلسطينية السيطرة عليه.

وتابع: بالشيء المعلن الرئيس يقول لا عودة للمفاوضات دون وقف الاستيطان، وكذلك الاسرائيلي لن يوقف الاستيطان لأنه بات سلوكاً ضمن اجنداته، وان حكومة نتنياهو لا تستطيع وقفه، والسؤال: هل يمكن العودة للمفاوضات على ارضية الاستيطان؟!

وأضاف ان الضغط على الرئيس عباس لوقف المواجهات بدأ ومستمر، ومن جهات غربية وعربية ايضاً ولكن التسلح بالمقاومة الشعبية والسلمية هو سيد الموقف، والموجهات والحالة العنفية هي رد فعل ترتفع وتيرته بارتفاع وتيرة الاعتداءات.

وأشار الى ان القيادة يجب ان تنتبه الى عدم عسكرة الحراك الشعبي، وذلك لأنها بعسكرته تدخل في مواجهة غير متوازنة في القوى مع الاحتلال الاسرائيلي، والأمر الاخر ان من سيدخل في المواجهة هم النخبة وليس الشعب، وبالتالي تحرم ابناء الشعب من مواجهة الاحتلال ومن استراتيجيتها في المقاومة والضغط الشعبي.

 

التدهور وارد جراء الأعمال الفردية

وقال اللواء محمد المصري أن عسكرة الحراك الشعبي وتحولها لانتفاضة مسلّحة وارد بحدث عسكري أو أمني يصدر عن احد الطرفين، سواء الاسرائيلي بالتصعيد والقتل والاعتداء او من الطرف الفلسطيني بعملية فدائية او حدث على مستوى أمني عالي جداً، وهذا الحدث لا يحتمل لدى الطرفين.

وأضاف: المعركة الحالية لا تنهي الصراع، وستحصل تسويات، لذلك يجب ان تكون شعارات الحراك الشعبي مقبولة، ومركّزة على الهدف من الحراك وهو حماية المسجد الاقصى من اقتحامات المتطرفين، وحماية المرابطات والحفاظ على وصول المصلين الى المسجد، وفي ناحية ثانية لجم المستوطنين عن اعتداءاتهم بحق الفلسطينيين بداية من حرق الطفل محمد ابو خضير".

وقال ان 3 أطراف حقيقيين في هذا الحراك الشعبي، هم الاحتلال الاسرائيلي الذي يريد ذل وكسر السلطة الفلسطينية وارادتها في التوجه الدبلوماسي، والطرف الثاني السلطة وقيادتها السياسية التي تريد من هذا الضغط الشعبي رفع الغبن وظلم المستوطنين ويوصل رسالة للاسرائيليين ان هناك طرقا ثانية غير المفاوضات يمكن التحدث من خلالها. اما الطرف الثالث فهم الشباب المتمردون على الواقع الصعب، ويريدون العدالة.

 

ما يميّز المواجهات الحالية عن سابقاتها

وحول ما يميّز هذه المواجهات الحالية مع الاحتلال، اشار المحلل السياسي جهاد حرب الى ان العمليات الفردية دون تبنّي الاحزاب والتنظيمات احد المعالم الجديدة، كما ان معظم عمليات الطعن والدهس وقعت في القدس ونفّذها حملة الهوية الزرقاء.

واضاف اتساع رقعة المشاركة الشعبية والطلّابية بالمواجهات في مناطق التماس بقيادتهم المباشرة، التي تستمر وقتاً طويلاً في الساعات والايام.

لم ترق هذه الاحداث الى تسميتها بـ "الانتفاضة الثالثة"، بل هي "هبّة شعبية" ضمن حراك شعبي، تتصاعد وتيرتها بتصاعد الاحداث الميدانية والتي من المحتمل ان تخلق حدثاً أمنياً كبيراً لا يحتمله أحد الطرفين.