عاجل

الرئيسية » منوعات » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 30 تموز 2015

تطور الشيطانية الحديثة في الولايات المتحدة

الحياة الجديدة - ترجمة أمل دويكات - توافد المئات من المتابعين والمراقبين نهاية الأسبوع إلى محلٍ في ديترويت لمشاهدة رفع الستار عن نصب أقيم تمثيلاً لمعبد شيطاني، ويقول مُنظم الفعالية لمجلة "تايم" جيكس بلاكمور إن المعبد الشيطاني ليس منظمة دينية، وإنما هو مجموعة من الأشخاص الذين يعطون الأولوية للتفكير المنطقي.

واحد من معاني هذا النُصُب كما يقول بلاكمور هو الاحتفاء بالمصالحة أو التوافق بين الأضداد، تحديداً العلاقة مع المظهر العام لرموز الديانات والمعتقدات الأخرى.

على الرغم من أن النصب الجديد للرمز الشيطاني قد لفت الأنظار حديثاً، إلا أن الشيطانية قديمة.

في بداية سبعينيات القرن الماضي كان الاهتمام بالغموض في الولايات المتحدة كبيراً، بحيث خصصت مجلة تايم يوماً صفحة غلافها لهذا الموضوع، وركز جزء كبير منه على الشيطانية.

وتذكر القصة - كما أوردتها المجلة- فكرة "الشيطان" أنه مخلوق قديم، قبل وجود هذه الكلمة في العهد القديم، وشهدت المرحلة الأولى من المسيحية تطوير الأفكار الدينية (اللاهوتية) عن الشيطان، وزيادة سطوته وقوته في القصص الدينية.

وتوسعت الكتب والروايات خارج إطار الكتاب المقدس والشريعة الكنسية في وصف الشيطان في تلك الفترة، وبحلول القرن الثالث عشر، أصبح النظر للشيطان أنه كائن عظيم وذو شعبية، كافٍ ليكون صاحب المعتقد جديراً بالإدانة.

بعض الاعترافات في عصر محاكم التفتيش ]وهي سلطة قضائية كنسية مهمتها اكتشاف مخالفي الكنيسة ومعاقبتهم[ كان يجب أن تكون على قدر التحدي الكبير، بحيث تواجه المؤسسة الحاكمة المكرّسة من قبل الكنيسة، واتّبع الفلاحون المستاؤون الشكل الوحيد للتمرد الذي عرفوه (الشيطان).

وقالت مجلة تايم "أصبح الشيطانية مسيحاً جاذباً خاصة في أوقات اليأس مثل عصر الطاعون المعروف باسم الموت الأسود."

وأضافت "حقيقة كان أم خيال، فإن التحالف مع الشيطان قد يكون الأمل الأخير السيئ للنجاة في عالم متهاوٍ." وربما لهذا السبب لم تنجح جهود الكنيسة المسيحية لاقتلاع الشيطانية، ففي عهد لويس الرابع عشر كانت الطبقة الأرستقراطية الفرنسية تستهويها الحكايات المستوحاة من الطقوش الشيطانية "العارية"، وتصاعد الاهتمام بهذا الموضوع في العصر الفيكتوري، والمتشدد.

لكن وجود عبدة الشيطان كجماعة منظمة ومُعلنة في الولايات المتحدة هو ظاهرة أحدث، ويُعزى الجزء الأكبر من هذه الظاهرة إلى رجل واحد هو "أنطون سيزاندور لافيي" مؤلف كتاب "الإنجيل الشيطاني" عام 1969، وقد أسس لافيي كنيسة تدعى "كنيسة الشيطان" عام 1966 في سان فرانسيسكو، وكما توضح التايم عام 1972 فإن منظمة لافيي لم تكن شيطانية مخيفة مستوحاة من الخيال الديني. وربما تكون كنيسة لافيي وفروعها قد دعت الموحدين فيها إلى السحر والتنجيم.

واستثمر أعضاء الكنيسة أنفسهم في بعض المظاهر الأكثر بروزاً في التنجيم والسحر، ولكن طقوس السحر بالنسبة لهم كانت أقرب إلى الدراما النفسية أو أقرب إلى سخف الكرنفالات القديمة.

وكان هؤلاء يدعون الشيطان ليس ككائن خارق، ولكن كرمز للعن الأنا والرضى عن النفس، وهذا هو ما يعبدونه حقاً، ويلقون نظرهم على أولئك الذين يعتقدون فعلاً بالقوة الخارقة، سواء كانت شيطانية أو غيرها.

كنيسة لافيي منظمة، وقد أدرجت بموجب قانون ولاية كاليفورنيا الذي يوفر لها كامل الحماية.

توقف لافيي عن منح أرقام عضوية عندما بلغ عدد أتباعه 10000 شخص، والذين عادةً ما كانوا يجتمعون في أماكن أشبه بالكهوف.

واللافت في أعضاء كنيسة الشيطان الذين يظهر أحدهم على غلاف مجلة تايم هو أنهم لا يبدون بمظهر غريب بل يبدو أحدهم طبيعياً تماماً. لكن مساهمات كنيستهم الأكثر خبثاً في هذا الأمر هي اعتقادهم الجازم بالطبيعة الحيوانية للإنسان، وتجريده من أي بعد روحي، أو أي أفكار متعلقة بالتضحية بالنفس.

ورغم أن ستينيات وسبعينيات القرن الماضي الماضي شهدت إدخال العديد من المفاهيم تحت مسمى الشيطانية، بدءاً من المعتقد الديني الفعلي وحتى العقيدة المستخدمة لتبرير الأفعال الإجرامية، إلا أن كنيسة الشيطان لم تختفِ.

 في عام 1978 حتى الجيش الأميركي كان قد ضم المجموعة في كتيب حول "المتطلبات والممارسات الدينية" ونشرها بين مئات من رجال الدين.

وذكرت مجلة التايم أن أتباع كنيسة الشيطان قد يحتاجون الشموع، والإكسير، والجرس، والكأس، والسيف، والورق الثمين، والقضبان. ولكن ليس من المتوقع أن يوفر قساوستها هذه الأدوات جميعا، وعلى الرغم من أن لافيي توفي في عام 1997، إلا أن الكنيسة التي أسسها استمرت بعد رحيله.

حديثاً، هناك شعار تجاري للشيطانية على شاشة في ديترويت يعبر عن نوع مختلف من الشيطانية الحديثة وهو "الشيطانية السياسية" الابتكار الأكثر حداثة، ويرتبط ناشطو الشيطانية السياسية بمعبد شيطاني، ومقر هذه الجماعة في نيويورك، وقد أمضوا السنوات القليلة الماضية في نشر شكلٍ آخر أكثر انتشاراً من التدين.

ويرى هذا المعبد الشيطاني أن الشيطان يرمز إلى الفردوس المفقود، وهو مجاز لغوي يمثل الشك والقدرة على تحدي السلطة.

المتحدث باسم المعبد الشيطاني قال لمجلة التايم عام 2013 إن هناك اختلافا بين المجموعتين وأن المجموعة الجديدة تركز على الأمور المثيرة سياسياً، في حين اقتبست فلسفتهم من المجموعة الأصلية المُؤسِّسة. وفي الوقت نفسه فإن المعبد الشيطاني الحديث قال إنه يهدف إلى الوضع الذي يتم فيه إدخال الدين إلى المجالات العامة من أجل ضمان أن يكون منظورهم عن العالم مطروحاً.  

استمرار منظمتين تتخذان اسم الشيطانية لوظيفتين مختلفتين، يسلط الضوء على نقطة أثارها جون كينكيد وهو وزير إعلام كنيسة الشيطان في منتصف السبعينيات، هي: رغم أنها - الشيطانية- تتخذ أشكالا عدة، فهي دائما تهتم بالغموض والتمرد.

ويضيف كينكيد أن "الحاجة إلى الاعتقاد" هي العامل المسيطر فيما يسمى الحقبة المستنيرة بالنسبة لنا  ولما كانت عليه في الماضي، مما يعني أن أولئك المشككين حاضرون ولهم تمثيل كذلك.

 

عن مجلة الـ"تايم"