مجزرة "صبرا وشاتيلا".. يوم الحساب آت مهما طال الزمان
بيروت- الحياة الجديدة- هلا سلامة- أربعون عاما.. مرور الزمن لن ينسينا "صبرا وشاتيلا" واسم المجزرة يسبقهما ويدلل على أبشع الفظائع التي ارتكبت على مدى ثلاثة أيام من عمر البشرية، لا المخيم تبدل ولا عيون الشهود خانت مسرح الجريمة الوحشية التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي والميليشيات التي كانت تعمل بتوجيهاته. أيلول 1982 ترك القتلة خطواتهم الثقيلة في ازقة صبرا وشاتيلا وبصماتهم في بيوت أهلها.. خطوات وبصمات الجريمة التي لا يمكن نسيانها، هنا، قلما تجد أحدا لم يفقد عزيزا في تلك المجزرة النكراء التي راح ضحيتها ما لا يقل عن ألفي شهيد ارتوت الأرض بدمائهم، اضافة الى آلاف المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم حتى اليوم.
طمست العدالة تحت جثث الضحايا من الفلسطينيين واللبنانيين وجنسيات اخرى، نساء وأطفال ومسنون عزل من أي سلاح أو ارهاب ادعاه القتلة لينفذوا مذبحتهم الهمجية على مدى ثلاثة أيام لم يتحمل بعدها المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه القوانين الدولية ولا الضحايا وأهاليهم، ليبقى التاريخ شاهدا على ما ارتكبته يد الاجرام في صبرا وشاتيلا.
وكانت المجزرة وقعت بعد حصار دام ثلاثة شهور للعاصمة اللبنانية بيروت من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي تعرضت فيه لأبشع أنواع القصف الهمجي تحت مسمى عملية "سلامة الجليل" وبعد توقيع اتفاقية فيليب حبيب التي سرعان ما نقضتها اسرائيل وكان من أهم بنودها خروج قوات الثورة الفلسطينية من لبنان بضمانات دولية مقابل التعهد بحماية اللاجئين في المخيمات الفلسطينية.
وكما في كل عام، تحيي المخيمات الفلسطينية ومناطق لبنانية عديدة ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا بفعاليات تذكر بفداحتها وتطالب بمحاكمة مرتكبيها أمام المحاكم الدولية ومعاقبتهم.
أحيت أمس الجمعة بلدية الغبيري وجمعية "كي لا ننسى"، وبالتنسيق مع مؤسسة بيت أطفال الصمود الذكرى الأربعين بمهرجان خطابي في المركز الثقافي لبلدية الغبيري (رسالات)، وبمسيرة رسمية وفصائلية وكشفية وشعبية انتهت عند مثوى شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا بوضع أكاليل على النصب التذكاري للشهداء.
وشارك في المناسبة الأليمة سفير فلسطين لدى الجمهورية اللبنانية أشرف دبور، ونائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني علي فيصل، ورئيس بلدية الغبيري معن الخليل، وعضو المكتب السياسي لحزب الله حسن حب الله، وأمين سر حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، وعضو المجلس الثوري لحركة فتح آمنة جبريل، وقيادة حركة فتح في بيروت ومخيماتها، ومسؤول جمعية بيت أطفال الصمود قاسم العينا، ووفد جمعية "كي لا ننسى"، وبمشاركة فعالة من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في لبنان والمكتب الحركي الطلابي المركزي واللجان الشعبية والقوى الأمنية الفلسطينية، وعوائل وأسر شهداء المجزرة، وحشد اعلامي واسع، وحضور شعبي من مخيمات بيروت.
بدأ المهرجان الخطابي بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني عزفتهما الفرقة الكشفية التابعة لجمعية ببت أطفال الصمود، وكانت الكلمة الأولى لفلسطين ألقاها أبو العردات، رحب في بدايتها بالحضور، معتبرا أن شعار "كي لا ننسى" يحمل الكثير من الدلالات، وهي عبارة عن رسالة يتم إرسالها كل عام إلى المجرمين والقتلة أن الشعب الفلسطيني لن ينسى ما حصل على يد الاحتلال وعملائه في العام 1982.
وأكد ابو العردات أن يوم الحساب آت مهما طال الزمان، ولن يضيع حق وراءه مطالب وفي هذه الحالة هناك شعب وراء المطالبة بإحقاق الحق، موجها التحية إلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في هذه المجزرة الرهيبة، وهم فلسطينيون ولبنانيون، وموجها التحية ايضا إلى الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، والى الوفود التي تشارك في كل عام في ذكرى المجزرة متكبدة المعاناة المعنوية والمادية لإحياء هذه الذكرى الأليمة.
واعتبر أبو العردات في كلمته أن الفلسطينيين في لبنان وعلى الرغم من كل ما يعانونه يقفون إلى جانب إخوانهم في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي أراضي الـ 48، حتى تحرير الأراضي الفلسطينية من الاحتلال.
وكانت كلمة لعضو المكتب السياسي لحزب الله حسن حب الله تحدث فيها عن جرائم الاحتلال الصهيوني وعن اهمية وضرورة الوحدة بين الفلسطينيين معتبرا ان النصر سيكون حليفهم مهما طال الانتظار.
والقى رئيس بلدية الغبيري كلمة اعتبر فيها أن مجزرة صبرا وشاتيلا ستبقى جرحا مفتوحا لا يخفف من آثاره سوى صمود المقاومة في مواجهة الاحتلال.
وشدد خليل على ضرورة إيجاد حل للعقار الذي تقع فيه مقبرة شهداء المجزرة، كونها ملكية خاصة، معتبرا ان الحل الوحيد هو شراء العقار من المالكين لقطع الطريق أمام أي جهة مشبوهة من القيام بشراء العقار بهدف طمس معالم جريمة المجزرة.
وأطلق خليل خلال الحفل جمعية اسمها "1982 صبرا وشاتيلا" التي سيتم من خلالها فتح باب التبرعات الشعبية لشراء العقار الذي تقع فيه المقبرة، مؤكدا أن هذه المهمة ليست بالأمر المستحيل، خاصة بعد تقاعس المعنيين في شراء العقار وتحويله الى معلم تاريخي عن همجية الاحتلال.
وألقت كلمة الوفود الأجنبية المشاركة ميركا غاروتي بدأتها بتوجيه التحية إلى أرواح الشهداء الذين سقطوا في أبشع مجزرة عرفها التاريخ الحديث، مؤكدة وقوف اللجان والوفود الأجنبية إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى إحقاق الحق.
واستذكرت غاروتي في كلمتها المجزرة التي استمرت لمدة 72 ساعة على يد الإسرائيليين وعملائهم، دون رحمة أو رأفة بالمدنيين والعزل، في إهانة للمجتمع الدولي الذي لم يدن الإسرائيليين ولم يضغط لتعويض أهالي الضحايا، مؤكدة أن الإسرائيلي سيدفع الثمن لأن هناك حقوقا لا تزال عالقة للشعب الفلسطيني.
كلمة أسر الشهداء والضحايا القتها فرح قويدر اكدت فيها أن اهالي الشهداء لا يزالون يعيشون يوميا مع هذه المجزرة التي ذهب ضحيتها الآلاف من الشهداء الأبرياء الذين سقطوا على يد الإسرائيليين وعملائهم، دون أن يتم محاسبة أي منهم، مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك وإحقاق حقوق أهالي الضحايا، كي لا تبقى المجزرة وصمة عار على جبين المجتمع الدولي.
وعند انتهاء المهرجان الخطابي، انطلقت مسيرة من قاعة رسالات باتجاه مثوى شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا، حيث قرأ المشاركون سورة الفاتحة لأرواح الشهداء ووضعوا اكاليل من الزهور باسم بلدية الغبيري ومنظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح والجبهة الديمقراطية على النصب التذكاري للشهداء.
يشار الى ان اشبال منطقة بيروت وبدعوة من حركة فتح وفصائل منظمة التحرير قد حضروا أمس الأول معرض الصور الذي اقيم لمناسبة الذكرى الاربعين لمجزرة صبرا وشاتيلا في قاعة الشعب بمخيم شاتيلا وشاركوا ايضا بالمسيرة الجماهيرية التي انطلقت من ساحة قاعة الشعب وجابت مخيم شاتيلا وتوجهت الى مثوى شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا حيث وضع اكليل من الزهور على النصب التذكاري للمجزرة بحضور العميد سمير أبو عفش أمين سر منطقة بيروت وممثلي الفصائل الفلسطينية. والقيت كلمات في نهاية المسيرة في هذه الذكرى الأليمة.
مواضيع ذات صلة