عاجل

الرئيسية » ثقافة »
تاريخ النشر: 23 تموز 2022

مختارات شعرية

روبرت غريفز

بشفتيها فقط

هذه الزوجة المستقيمة، متحداة عند الغسق

عند بوابة الحديقة، تحت قمر ربما،

في شذا زهرة العسل، تجرأت على نكران

حب عاشق لحوح: بشفتيها فقط

لا بقلبها. لم يكن موعد لقاء؛

بهت، ماذا عساها ان تقول سوى ذلك؟

من أجل الاطفال، الكذبة كانت مغتفرة.

"من اجل الاطفال"، حاجّت بوجدانها

 

مع ان كذبة فانية يجب ان تعقب قبل الفجر:

متحداةٍ كالعادة في فراشها هي، 

تعترض حب زوج لحوح،

ليس بقلبها لكن بشفتيها فقط؛

"من أجل الاطفال"؛ حاجّت بوجدانها

" من أجل ….  " __ فجأة التفتت ببرود نحوهم.

 

 

الذبابة الزرقاء

خمس نهارات صيفية، خمس ليالٍ صيفية،

الجاهلة، الجلفة، الطائشة الذبابة الزرقاءُ

معلقة دونما حركة على الدراقة اللزبة،

تدندن من حين لآخر: "يا حبيبتي، يا جميلتي"

كما في نشيد الانشاد

 

تتعظم ألف مرة، الحشرةُ

تبدو بسخافة كبشر؛ اضحك ان شئت!

رأس صلعاء، أجنحة جنية الطور، عيون عمشاء،

صدر منخسف، فكان أسودان أشعران،

فخذان مغزليان طويلان.

 

الجريمة اكتشفت في اليوم السادس

ماذا كان بالامكان القول أو الفعل حينها؟ من أي أحد؟

كان من الحقد، والدناءة وغير ذلك

ان تضرب بعنف تلك الذبابة لكونها ذبابة زرقاء،

لأفسادها الدراقة

 

هل من العدل أيضاً، ان تجلب مجهراً

لتكون على صلة بالمسألة، حتى في البحث عن الحقيقة؟

الطبيعة، بلا شك، لها سبب مُرغِم

لأتخام ناقلي أوبئتها -

     ولا الدراقة اشتكت.

 

 

حب مريض 

يا حب، تغذى بالتفاح حينما تشاء،

وأشعر بالشمس وامض في لباس ملكي،

ابتسامة بريئة على الطريق السماوي المعّبد،

 

ولكن بأي إصغاء مرعب للصرخة

التي تحلق في السواد الخارجي بفجاعة

الوحش الاعمى الابكم، الغضب الجنوني:

 

كن دافئا، تمتع بالموسم، ارفع رأسك،

أنيقا في نبض دم فاسد،

يرتعش مجدا لا يزدرى.

 

خذ متعتك في آنيتها،

سر بين عتمة وعتمة – فضاء ساطعا

بضيق القبر، لا بسلامه.

 

 

السيقان

كان هذا الطريق

يؤدي الى أعلى التل

ويؤدي الى أسفل التل

والى من حول ومن داخل ومن خارج.

 

وحركة السير كانت سيقانا،

سيقانا من الركبة فما دون،

رائحة غادية،

لا تتوقف أبدا.

 

والبالوعات قرقرت

بتدفق المطر،

والعصي على الرصيف

على غير هدى نقرت ونقرت.

 

ما جعل السيقان تتقدم

كان اللاتوقف أبدا،

والمصير المرعب الاخرق

كونها سيقانا.

 

سيقان للطريق،

الطريق للسيقان،

بعزم ثابت نحو اللامكان

في كلا الاتجاهين.

 

سيقاني على الاقل

لم تكن على ذلك الطريق:

على العشب جانب الطريق

وقفت تاما،

مراقبا غير القادرة على التوقف

السيقان التي تمضي

دونما تعثر بين خطوة وخطوة.

 

مع ان ابتسامتي كانت عريضة،

السيقان لم ترها.

مع ان ضحكتي كانت عالية

السيقان لم تسمعها.

 

رأسي أصابه الدوار، بعدها:

تساءلت فجأة،

هل أكون أنا ايضا سائرا

من الركبتين فما دون؟

 

برفق تلمست قصبتاي.

الشك فك قيدهما

وركضتا في عشرين وحلة

قبل ان استعيدهما.

 

 

 

 

 

إعداد: زهير رضوان

-------------------

تعريف..

روبرت غريفز (24 تموز 1895- 7 كانون أول 1985) شاعر بريطاني يعد واحدا من أعظم كتاب القرن العشرين أصالة وذو براعات متعددة، تألق في الشعر والرواية والنقد الأدبي والترجمة، ودراساته في الأساطير والديانات القديمة تعد مثيرة، وحياته مثالا للتجدد الذاتي المتواصل.

كتب دراساته غير التقليدية للأساطير الإغريقية والعبرية وأثار سخط السلطات الدينية بنشره روايته الملك يسوع 1946، وكتابه “إحياء الإنجيل الناصري”1958  (مع جشوا بودرو). قام بترجمات من عدة لغات، كتب روايات تاريخية وانتج شعرا غزيرا. حصل على جوائز عديدة أهمها ميدالية الملكة الذهبية للشعر(1968) وحصل على عضوية شرف في الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم. وفي أواخر سني حياته كان يتطلع إلى جائزة نوبل.

توفي روبرت غريفز في 7 ديسمبر( كانون الأول) عام 1985 بعد تهدم جسدي وعقلي طويل وبطيء، ودفن في مايوركا.