رغيف الفقراء في لبنان في مرمى التجار والمحتكرين
فياض: الأمر في المخيمات الفلسطينية محرج ومأساوي
بيروت- الحياة الجديدة- هلا سلامة- تزامنا مع الإضراب الذي ينفذه الموظفون في مصرف لبنان، عادت أزمة الطحين والخبز الى الواجهة في ظل توقعات توقف فتح الاعتمادات لاستيراد الطحين والقمح من الخارج بعد ان استنزفت الدولة أموالها على دعم السلع ومنها الخبز. مطاحن عديدة توقفت عن العمل بحجة عدم وجود قمح ما منع الأفران من العمل بقدرتها الإنتاجية الكاملة.
وأقفلت أفران عديدة في مختلف المحافظات اللبنانية أبوابها لعدم توافر مادة الطحين لديها، فيما انتقلت زحمة الطوابير إلى أخرى لا تزال تعمل وتبيع الخبز بكميات محدودة. هكذا دخل رغيف الفقراء في مرمى التجار والمحتكرين وصولا إلى المحال الصغيرة التي اختلفت بينها الأسعار حسبما حددها أصحابها.
وليس ببعيد، دق يوم أمس تجمع الأفران الصغيرة ومخابز المرقوق في الجنوب ناقوس الخطر معلنا في بيان له أنه على "الرغم من رفع الدعم عن الطحين وتحوله إلى الدولار، إلا أن الطحين مفقود من السوق وذلك بسبب عدم قيام المطاحن بتسليم الموزعين مادة الطحين بحجة عدم توافر القمح".
البيان أضاف "أن سبعين في المئة من مخابز المرقوق اقفلت بسبب عدم قدرتها على اكمال العمل بسبب الفروق الكبيرة في السعر بين ربطتها وارتفاع كلفة انتاجها وبين (ربطة) الخبز العربي وهذا تسبب بايقاف مدخول مئات العائلات الفقيرة".
وناشد أصحاب الأفران الصغيرة "العمل السريع على إعادة العمل الى المطاحن لإعادة تزويدها السوق بالطحين حتى لا تتوقف أفران المناقيش أيضا عن العمل".
وكان نقيب أصحاب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف صرح انه "من الطبيعي أن يكون هناك أزمة وسط إقفال خمس مطاحن في بيروت لأنه لا قمح في مخزونها مع العلم أننا كنا حصلنا على وعود من وزارة الاقتصاد بأن القمح مؤمن ولا نعرف لماذا لا يزال غير متوافر، لذا نضع هذه الأسئلة برسم المعنيين: لماذا المطاحن مقفلة في حين تقول الدولة إن القمح موجود؟ وإذا كانت المطاحن مقفلة في بيروت والبقاع كيف تنتج الأفران؟".
كما أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام في وقت سابق أنه بعد 9 أشهر سيتم رفع الدعم عن الطحين، مشيرا الى ان الاتفاق مع البنك الدولي هو لإنهاء الدعم عن الطحين وان سعر ربطة الخبز قد يصل إلى 30 ألف ليرة وسيكون هناك بطاقات تمويلية للأسر الفقيرة لشراء الخبز من خلالها.
أزمة الرغيف وكغيرها من الأزمات التي تضرب لبنان تباعا لا شك انها تنعكس توازيا على المخيمات والتجمعات الفلسطينية فأهلها يتأثرون كغيرهم من سكان المناطق اللبنانية.
مسؤول العلاقات الخارجية للجنة الشعبية الفلسطينية على صعيد بيروت كمال فياض وفي مقابلة مع "الحياة الجديدة" اوضح ان المخيمات الفلسطينية في لبنان تفتقر الى الأفران داخلها باستثناء مخيم الرشيدية الذي يوجد فيه فرن واحد يتغذى منه سكانه والجوار.
واضاف فياض: أي أزمة تطال الرغيف سيتأثر بها أهلنا بشكل كبير لأن المخيمات بالاجمال تعتمد على موزعي الخبز والمحال التجارية فيها، وبالتالي إذا انقطع الموزع عن تأمين الخبز لهذه المحال فلا شك ستكون هناك معاناة في تأمين رغيف العيش، أمر يكلف العائلة الذهاب الى الفرن من أجل شرائه، ودفع مبالغ مضاعفة بسب الارتفاع الكبير لكلفة المواصلات وبدل الـ 13 ألف ليرة مثلا ستدفع 100 ألف ليرة.
وبين فياض انه ومنذ بداية الأزمة تعاني دكاكين المخيمات من الشح في الخبز، فمن كان منها يستلم 100 ربطة يوميا بات يستلم 20 أو 25 ربطة وهذا أدخل الخبز وللأسف بزار السوق السوداء وتلاعب التجار والبائعون بسعره الذي يدفعه المواطن مضاعفا عن السعر الرسمي.
وعن أي تطور سلبي للأزمة والتحذيرات من اقفال الأفران وانعدام البدائل لا يخفي فياض تخوفه واصفا الأمر بالمحرج والمأساوي على المخيمات كما كل لبنان ويعلق: لو لدينا أفران في المخيمات لكنا ربما عالجنا من 50 الى 60% من الأزمة.
وتابع: حتى لو ارتفعت ربطة الخبز الى 30 ألف ليرة لبنانية كما اعلن وزير الاقتصاد اللبناني فان هذا سينهك أبناء المخيمات، فالعائلة التي تحتاج الى 4 ربطات خبز وكانت تدفع قبل الأزمة 6000 ليرة ثمنها ستدفع إذا ما طبق السعر الجديد 120 ألف ليرة، يعني ثلاثة ملايين وستمائة ألف ليرة، وهذا مبلغ لا تدخل بعض العائلات نصفه.
الخبز والدواء والاستشفاء والكهرباء والمياه.. حرب بشعة تهدد لبنان وكل من يعيش على اراضيه.. لعل مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم اصاب الوصف الدقيق والأليم يوم امس بان "الدولة تسقط بشكل متسارع لم يبق منها إلا المؤسسات العسكرية والأمنية التي يقاتل أفرادها باللحم الحي دفاعا عن الشعب وكيان لبنان ووحدته وأمنه بما استطاعوا الى ذلك سبيلا..." و"أن قوس الأزمات احاط بكل شيء في لبنان الذي صار بلد العدادات وصارت خريطته كلها عبارة عن إشارات حمراء تحذر من المخاطر".
مواضيع ذات صلة