زينب القولق.. عمري 22 عامًا وفقدت 22 شخصًا
غزة- الحياة الجديدة- عبد الحي الحسيني- نظم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، الثلاثاء الماضي، معرضًا فنيًا للشابة زينب القولق، بعنوان "عمري 22 عامًا وفقدت 22 شخصًا"، بمقره الكائن في مدينة غزة، حيث عرضت فيه لوحاتها التي سردت من خلالها أصعب لحظات حياتها منذ مايو/ أيار الماضي حتى يومنا هذا.
نعود بالذاكرة إلى الوراء، حينما عاشت القولق اثنتي عشرة ساعة تحت ركام منزلها، بعدما قصفته طائرات الاحتلال الإسرائيلي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في أيار الماضي، وهم بداخله، دون سابق إنذار، في ساعات تساوى فيها الموت مع الحياة، تكاد تلفظ أنفاسها، حاشدة تفكيرها حول مصير عائلتها، لتنجو من تحت الأنقاض مع والدها وأخيها، فاقدين 22 فردًا من عائلتهم وأقربائهم، من بينهم والدتها وثلاثة من أشقائها.
تُترجم زينب تلك اللحظات بواسطة فرشاتها وألوانها، مطلقة العنان لإبداعها، معبرة عن آلامها وآمالها، لتكشف الستار عن جرائم الاحتلال، محاولة حضّ المجتمع الدولي لتحقيق العدالة من أجل عائلتها التي حُرمت منها وضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
تقول القولق: "عمري اثنان وعشرون عاماً عندما فقدت اثنين وعشرين فردًا من عائلتي، وهم ليسوا مجرد أرقام كما يعتقد الاحتلال".
وتضيف: "تم انتشالي من تحت الأنقاض بعد اثنتي عشرة ساعة، لأكون شاهدة على هذه المأساة، وأوثق ما حدث بشتَّى السبل الممكنة".
وتتابع القولق: "من هنا نشأت فكرة المعرض، الذي يحوي لوحاتي ونصوصي، فقد وثَّقتُ فيه القليل مما حدث"، معقبة بأنه صوتها الذي تسعى ليسمعه الجميع، فكل لوحة فيه توصف لحظة وذكرى مأساوية عاشتها.
وتكمل: "هذه الرسومات والكتابات ما هي إلا ترجمة ضئيلة لما أكنه في داخلي وتعبير بسيط عن صمتي، فهي ليست بحاجة لشرح عما تحتويه".
وتردف القولق: "بعد عام من العدوان، أسكن بمنزل يبعد ثلاثة كيلومترات عن منزلنا المُدمر، في محاولة لنسيان حجم الألم والمأساة التي عشتها".
وتعقب: "يظنون أنهم أخرجوني من تحت الركام، ولكنني لا زلت هناك"، مشيرة إلى أن "زينب" ما قبل السادس عشر من أيار تختلف عما بعده.
وتختم القولق: "لا تصفقوا لمأساتي أو تمدحوا آلامي، فقد آن الأوان لصوتي أن يُسمع، ولمعرضي أن يصدح، وأتمنى من الجميع أن يشارك في إيصال قضيتي وصوتي".
وتخرجت القولق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عام 2021 م، من قسم اللغة الإنجليزية في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث قامت نخبة من عمادة كلية الآداب وقسم اللغة الإنجليزية، بتخريجها في بيتها، بعد تعذرها حضور حفل التخرج المُقام في الجامعة.
من جانبها، تقول مديرة الاستراتيجيات في المرصد الأورومتوسطي، مها الحسيني: "تواصلنا مع القولق للانضمام إلى برنامج تدريبي داخل المرصد، بعدما علمنا بقصة تعذرها من حضور تخرجها مع زملائها في الجامعة العام الماضي".
وتضيف الحسيني: "نستهدف خلال هذا البرنامج ضحايا حقوق الإنسان، حيث يتم تقديم برامج تدريبية حول الضغط والمناصرة، وكيفية الوصول للمؤسسات الدولية، للدفاع عن حقوقهم وإبلاغهم عن الانتهاكات التي تعرضوا لها".
وتتابع: "انضمت لنا زينب منذ أربعة أشهر، حيث علمنا خلال هذه الفترة أنها كانت تمتلك موهبة الرسم، ولكن انقطعت عنها بعد فقدانها لأسرتها العام الماضي، فقمنا بتشجيعها لرسم لوحات تعبر فيها عن مشاعرها خلال الهجوم الإسرائيلي وبعده، ليتم إطلاق حملة للدفاع عنها وعن عائلتها، وإيصال صوتها للمجتمع الدولي، فاستجابت لنا، حيث قدمت 9 لوحات، وصفت فيها مشاعرها خلال هذا العام".
وتختم الحسيني حديثها: "تم تنظيم هذا المعرض بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، لنشر الوعي وإبراز مدى المأساة التي تعاني منها النساء في الحروب بشكل مضاعف دونًا عن غيرهم، كونهم الفئة الهشة أثناء الهجوم".
وبحسب ما أعلنت وزارة الصحة في أيار الماضي، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في عام 2021 م، والذي استمر إحدى عشر يومًا، خلف 232 شهيدًا، من بينهم 65 طفلًا، و39 سيدة، و17 مسنًا، ونحو 1900 جريحًا، من بينهم 560 طفلًا، و 380 سيدة، و91 مسنًا.
مواضيع ذات صلة