عاجل

الرئيسية » شؤون اسرائيلية »
تاريخ النشر: 20 تشرين الأول 2015

بنك الجثامين لأردان

أسرة التحرير

"عائلة المخرب تجعل جنازته تظاهرة دعم للارهاب وتحريض على القتل، ومحظور السماح بذلك"، هكذا علل وزير الامن الداخلي، جلعاد اردان، اقتراحه الذي اقر في الكابينت، بعدم اعادة جثامين "المخربين" الذين قتلوا الى عائلاتهم.

لا يمكن أن يكون هناك تعبير اكثر وضوحا عن عجز الحكومة ووزير الامن الداخلي، في ضوء هجمات حملة السكاكين الاجرامية للفلسطينيين ضد المواطنين الاسرائيليين. فهذا القرار، الذي عارضه وزير الدفاع بوصفه اياه "تجارة الجثث"، يعتمد على الافتراض المشوه، في أن التحريض هو كل شيء. فهو يتجاهل الواقع الذي تنبع فيه العمليات واعمال الاحتجاج الفلسطينية من اليأس والاحباط، من غياب الافق السياسي ومن التجارب القاسية في السجون أو في المواجهات مع الجيش الاسرائيلي. وهو يتبنى منطقا زائفا يقول انه لو اختفى التحريض لكان سكان المناطق المحتلة راضين بنصيبهم، مرحبين بكل يوم يعيشون فيه تحت الاحتلال وقامعين لتطلعاتهم للاستقلال.

مفهوم من تلقاء ذاته ان ابقاء الجثامين لدى اسرائيل لن يمنع العائلات من اقامة خيام عزاء، تخليد القتلى كشهداء او نيل كل تعابير التقدير من الجمهور الفلسطيني، رغم أنف اسرائيل. فضلا عن ذلك، ليس للفلسطينيين أي حاجة للجنازات، الطقوس او الخطابات كي يثوروا. فواقع حياتهم يتضمن كل عناصر "التحريض" المحتملة. من انظمة العبور في الحواجز، عبر الاعتقالات المتواترة، السيطرة على الدخول والخروج من مدنهم وقراهم وحتى القضاء على كل فرصة للمفاوضات السياسية.

ولكن ليس فقط التفسير العليل الذي يرافق القرار هو الذي يستوجب الغاؤه. فاسرائيل تدير صراعا مضنيا وداميا ضد فلسطينيين احياء، ولكن من اللحظة التي يموتون فيها لا يعودوا يشكلون أي خطر. وسحب الحق الاساس للعائلة الفلسطينية في دفن ابنها ليس أكثر من ثأر تافه ومرفوض بمن لا يمكنه ان يدافع عن نفسه؛ فالثأر ضد الاهالي ممن لا يعرفون وليسوا مسؤولين ابدا عن اعمال ابنائهم، وضد عائلات قد تكون تبرر بأثر رجعي العمليات التي نفذها ابناؤهم، ولكنهم كان يسعدهم لو أنهم لم يضطروا الى دفنهم.

لا يمكن  لحكومة اسرائيل أن تحقق أي نفع أمني من هذه الخطوة غير الاخلاقية. العكس هو الصحيح. فاسرائيل تضع نفسها في صف واحد مع منظمات مثل حزب الله وحماس ممن درجوا ولا يزالون على الاتجار بجثامين الضحايا كي يحققوا مكاسب سياسية أو عسكرية. غير أنه في الحالة الاسرائيلية، سيعمل القرار ضد الهدف الذي من أجله اتخذ. وهو سيضاف الى الادعاءات التي ستغذي ذاك "التحريض" اياه، الذي يسعى القرار الى منعه. وبالتالي فان القرار يجب أن يلغى فورا اذا كانت اسرائيل تسعى الى الحفاظ على الطابع الانساني من كفاحها ضد الارهاب.