سواد في العينين
داني أدينو أبابا
لا أريد أن افكر ان من اطلق النار، من هجم بحمية الغضب، على اللاجئ الارتيري في المحطة المركزية في بئر السبع، نظر الى لون جلدته، وليس الى ما يحمل في يديه. رغم ان الصور تبين بوضوح كاف انه ليس مسلحا. أحاول الا افكر عن الرعاع الهلع الذي ضربه بوحشية حتى نزف دمه، في واقع الامر بلا سبب. لا أريد أن اتخيل ما الذي فكر به في تلك اللحظات.
العمال الاجانب، المتسللون من أرتيريا ومن السودان، يعانون مرتين: بداية من أن الجميع يشتبهون بهم لمجرد أنهم غرباء، والان ايضا من ان المخربين لا يعرفون كيف يميزوا بينهم وبين مواطني اسرائيل.
نحو ملزمون بان نتذكر بأنهم جاءوا الى هنا كي يعملوا. وانهم خلفوا وراءهم عائلات تنتظرهم ومالا يبعثون به اليها. هذه ليست حربهم. هم، مثل معظمنا، يعيشون في خوف من الواقع الاسرائيلي. يكاد يكون كل واحد منهم قد اجتاز آلام كهذه او تلك، قبل أن يصل الى الراحة والامان من ناحيته والتي تسمى اسرائيل. والان تخيلوا كيف تبشر أم الارتيري، ذاك الذي اجتاز رحلة المعاناة المضنية كي يصل الى اسرائيل بان ابنها اصيب بجراح ميؤوس منها في نزاع مضرج بالدماء بين اسرائيل وفلسطين. كيف نفسر هذه لام بالكاد تعرف أين هي اسرائيل.
الشاب الارتيري هو شهادة واضحة على الغربة. فقد اصيب بجراح ميؤوس منها، في حرب ليست له. وحيد.
33 الف أرتيري ونحو 9 آلاف سوداني يعيشون في اسرائيل. بينهم ايضا الشاب الذي اصيب امس (الاول)، والذي كان يعمل أغلب الظن في عين هبشور. ومثل الكثيرين من رفاقه، هو الاخر وصل الى اسرائيل بحثا عن العمل والرزق لعائلته.
يمكن أن تقال امور كثيرة عن العمال الاجانب، المتسللين. ولدى المجتمع الاسرائيلي بطن مليئة على السودانيين وعلى الارتيريين. ولكن الحقيقة هي أن هذا هو المتسلل الثاني الذي يدفع ثمنا دمويا في المعركة بين اسرائيل والفلسطينيين. في المرة الاولى حصل هذا في رعنانا، عندما طعن مخرب فلسطيني مواطنا اجنبيا. والآن وقع مواطن آخر ضحية للفزع والاشتباه.
عندما يصاب شخص ما في عملية، يأتي الى المستشفى ابناء عائلته، اولئك الذين يشكلون مرسى لشفائه. اما الارتيري المسكين الذي اصيب بنار طائشة، وضرب بشدة من المارة، قد يتلقى ربما اليوم عناقا من رفاقه، ولكنه سيعود غدا الى عزلته. فهم ايضا، الرفاق، جاءوا بحثا عن الرزق.
مواضيع ذات صلة