جوقة مؤججي الحريق - هآرتس
بقلم: اسحق ليئور
عندما أراد والدي أن يشرح لي عن قرب اليمين من الفاشية، تحدث عن مثال شاهده في ايطاليا اثناء خدمته العسكرية في الجيش البريطاني: في احدى مدن كلاباريا وصل الى ميدان يحمل شكلا تاريخيا قديما، إلا أنه وراء هذا الشكل لم يكن يوجد شيء، فارغ، حجارة فاخرة بنيت في عهد موسوليني. يمكن أن يكون والدي اخطأ: رغم القمصان باللون البني لفريق بيتار في بدايته وأداء التحية من "تال حي" على شكل مد يد "حيروت" لم يحوله الى حزب فاشي. بقيت فقط الكليشيهات المنتفخة.
يمكن أن فومبوزية بنيامين نتنياهو مع توصيات افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت – جوقة مؤججي الحريق – تنتمي لاستراتيجية اسرائيلية قديمة: الفوضى كطريقة لاخافة الشعب، وبمساعدة شعبيتها الحصول على تأييد العالم – "مرة اخرى يقتلون اليهود". هذه الطريقة نجحت في 1967 حينما عرفت قيادة الجيش فقط عن حقيقة "الخطر الوجودي". وحسب هذا التفسير فإن السكاكين الفلسطينية التي قتلت وأصابت اسرائيليين في الاسبوعين الاخيرين هي بديل ناجح للصواريخ التي كانت تسقط علينا لو خرج نتنياهو في الحرب ضد ايران. لذلك علينا الثناء: إن فوضى السكاكين أفضل من فوضى الصواريخ. واذا كان نتنياهو يعيش حالة الفوضى فيجب مباركته: لو دخل في حرب وبدل السكاكين تسقط علينا صواريخ شهاب، فأي سلاح كان سيحمله المواطنون المحرضون والخائفون؟
واذا كان فعليا يعيش حالة من الفوضى فيجب تهدئته: كرئيس حكومة لم تفعل أي شيء، لا شيء، باستثناء مناورات السيطرة، لكن الشعب الموحد بما في ذلك يئير لبيد، لم يقم ضدك، ليس اثناء "الاحتجاج الاجتماعي" ولا اثناء "الجرف الصامد"، وعشرات القتلى الاسرائيليين في تلك العملية لم يتسببوا في انشاء حركة سلام ورفض الخدمة مثلما حدث في الثمانينيات.
في المحيط يحتفل مهرجان الاعدامات. ويسمون ذلك تحييدا. وسائل الاعلام تشارك في اخراج الفوضى. هل ترى؟ القليل من الدم ووسائل الاعلام تصبح معك يا نتنياهو. بل العكس: نقطة دم كبيرة ستتحول الى طوفان. إن هذا الامر عبارة عن انتاج برامج الواقع دون استثمار كبير، مع الكثير من الدعاية. الصحفيون أنفسهم فقدوا الخجل، ولا أحد سيتذكر محاباتهم لك. فالذاكرة القومية تقلصت: من ذاكرة عمرها ألفي عام الى ذاكرة الفيس بوك التي عمرها يومين.
إهدأ. باراك اوباما لم يذكر في خطابه في الامم المتحدة فلسطين، الادارة سترسل السلاح، تستطيع القيام بالحرب الملائمة ضد مخيمات اللاجئين، الطائرات ستنتصر على الحجارة والزجاجات والسكاكين والمتظاهرين بالقرب من الحدود في غزة ستطلق عليهم النار مثل الكلاب الى حين اندلاع الحريق فعليا. عندها ستقوم بتوزيع الأوسمة وتلقي الخطاب.
شعب شجاع موحد من خلفك بما في ذلك الراديكاليين، جماعة ميري ريغف. لا توجد معارضة يا نتنياهو. انظر الى الاشعار والأدب الحالي وستستخلص: إنهم مثلك تسيطر عليهم الرغبة بأن يظهروا كناجحين. قارن بين عدد المتظاهرين من اجل الحيوانات مع متظاهري حداش وميرتس في نهاية الاسبوع، إستمع الى متحدثي حزب العمل مؤججي الحريق. لا يمكن تفسير اللامبالاة الجماهيرية تجاه الاستفزازات في الاقصى وتحريضك ضد الفلسطينيين – دون فهم دور حزب العمل. يحاول متحدثو حزب العمل تقليدك عن طريق المزمار.
ستسمى شوارع كثيرة اخرى على اسمك يا نتنياهو، وحدائق ومراكز معاقي الجيش الاسرائيلي، لكن افعالك ستتلخص في افلام اليوتيوب للخطابات في الامم المتحدة. لو أنك تلعثمت قليلا لكنت فكرت بالكارثة التي ستحدث في ارض اسرائيل الكاملة لك ولمستوطنيك.
مواضيع ذات صلة