لو لم يقتل - هآرتس
بقلم: عوزي برعام
مرت عشرون سنة، والقتل المجرم محفوظ في قلوب الكثيرين. ذات مرة في مكان ما يحظى القاتل بتغطية اعلامية، بل وثمة جسورون يطالبون بتحديد مدة حبسه.
لا أدري اذا كان صحيحا أنه لو كان اسحق رابين حقق التوقعات التي علقت عليه بعد موته، واذا كان يحظى باصطلاح "إرث" المنسوب لطريقه كرئيس وزراء سقط وهو يدافع عن الديمقراطية. ما أن قتل، فان كل انسان حر في أن يفسر طريقه ونواياه.
أحد المحللين البارزين لطريقه هو آري شفيت ("عودة الى طريق رابين"، "هآرتس"، 8/10). بزعمه، مطلوب لنا زعيم بقامته، يحقق رؤياه. في هذا هو محق. خسارة فقط ان طريق رابين لا تقف في مركز الخطاب الجماهيري. مواضيع اخرى تشغل بال الجمهور، وثمة كثيرون يدعون بانه أدار مفاوضات مع عدو لا مكان لاي حوار معه.
شفيت محق ايضا بقوله ان موقف رابين من النزاع، وكذا من القيادة الفلسطينية كان يتميز بكثير من السلبية والشك. فهو لم يخطط لان يكون الزعيم الاول الذي يصافح رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وقد وضع تحفظات أمنية وسياسية كانت تجعل من الصعب التوقيع على اتفاق سلام.
ما كنت سأعقب على اقوال شفيت لو لم يقل ايضا الجملة التالية: "تقول الاسطورة انه لو لم يقتل رابين لكان سلام. هراء".
في ضوء هذا الزعم أشعر ان علي أن اشرك القراء بحديث مع رابين في ذات يوم سبت، في بداية تشرين الاول 1995، قبل يومين من اقرار اتفاق اوسلو ب في الكنيست. كنت في حينه وزيرا في حكومته. مكثت في نيويورك بسبب مرض زوجتي، وانطلقت للقائه في فندق وولدورف استوريا، لاني سعيت الى أن اطلع قبل عودتي الى البلاد للمشاركة في التصويت الان في الكنيست.
كان رابين في مزاج رائق لا يتكرر كثيرا. روى لي عن الدعم لاتفاق اوسلو ب، وعن ردود الفعل الايجابية التي تلقاها في اعقاب المقابلة التي منحها مع شمعون بيريس في التلفزيون الاسرائيلي. سألته كيف سيناور بين المسار الفلسطيني والمسار السوري، الذي فتح لامكانية المفاوضات. وادعى رابين بانه سيكون من الصعب عليه أن يدفع الى الامام في 1996 الموضوعين معا، وعليه ففي نيته التركيز على موضوع اوسلو. واعرب عن معارضته لقسم مهم من المطالب الفلسطينية، ولكنه ادعى بانه ما أن قفز الى الماء حتى اراد ان يصل الى شاطئ الامان. والشاطئ هو اتفاق سلام موقع مع الفلسطينيين. كان علم بمعارضة اليمين الديني، ولكنه أعرب عن موقف قاطع ضد طريقه، واعتقد بانه سيقود اسرائيل الى طريق بلا مخرج. اما المستوطنات فقد رأى فيها خطأ تاريخيا سيضع المصاعب في وجه كل اتفاق.
سرت في سبيلي، وبعد يومين التقينا في الكنيست. في اثناء النقاش كان رابين غاضبا ونافد الصبر. لم يوافق على أن يسمع حجج بنيامين نتنياهو بعد المظاهرة ضده في ميدان صهيون. واجيز الاتفاق باغلبية 61 ضد 59. لم يمر شهر وسقط رابين ضحية اغتيال وضع حدا لحياته وربما لطريقه ايضا.
لا أدعي الحسم ماذا كانت ستكون ردود فعل رابين على العمليات الدموية في بداية 1996، وفي كل الاحوال، فإن مساره السياسية كان يتطلب تعديلات عديدة من أجل الوصول الى اتفاق سلام.
آريه شفيت يؤمن بالتسويات الانتقالية، ويعتقد أن رابين ايضا كان يفضلها. أنا أشك في ذلك. برأيي الفلسطينيين غير معنيين باتفاقات انتقالية لانهم يخافون من أن تتعاطى اسرائيل معها كاتفاقات نهائية. أنا أتفق مع شفيت، في أنه مطلوب لاسرائيل زعيم مع جينات رابين، يعمل انطلاقا من ايمان وتصميم لتحقيق اتفاق إذ لا بديل آخر.
مواضيع ذات صلة