عاجل

الرئيسية » شؤون اسرائيلية »
تاريخ النشر: 12 تشرين الأول 2015

لعنة الشبكات - يديعوت

بقلم: سيفر بلوتسكر

قبل ثلاث سنوات صدر في الولايات المتحدة كتاب ("لماذا تفشل الامم" بقلم اكومغلو وروبنسون) يدعي حله للغز سر نجاح وفشل الدول الاقتصادي. وضعت الكتاب من يدي حين وصلت الى شرح انهيار حكم مبارك في مصر: سرق من صندوق الدولة 70 مليار دولار، اقتبس الكاتبان عن منشورات في مواقع مختلفة على الانترنت.

تبين مع الايام ان مبارك وعائلته لم يحوزا لا على 70 مليار دولار ولا 7 مليارات دولار وحتى 0.07 مليار دولار في حساباته في البنوك الاجنبية. لقصص الفساد الاسطورية عن الرئيس المصري السابق، التي رفعت في حينه في الشبكات الاجتماعية في العالم العربي كان هدف سياسي: اخراج ملايين المصريين الى الشوارع واسقاط حكمه. الغاية، كما ادعى المحللون الذين تحلوا بروح الحرية الوهمية في ميدان التحرير، تبرر الوسيلة ، بما فيها نشر الاكاذيب والتحريض منفلت العقال على الانترنت.

لا، هي لا. من حرر من القطاع كلاب التحريض، لن ينجح في لجمها. زميلي يوسي يهوشع كتب في يوم الجمعة في "يديعوت احرونوت" في تحليل ينير العيون فقال: "العامل السائد الذي يحدث موجة العمليات هذه هو الفيسبوك والشبكات الاجتماعية التي غذت العديد من "المخربين" بمواد تحريضية خطيرة. من أجل مكافحتها مطلوب عمل شامل لوحدات السايبر في الجيش الاسرائيلي، اضاف يهوشع. صحيح جدا ولكن لحظة فقط، أوليست هذه هي الشبكات الاجتماعية العربية غير المراقبة التي مجدنا أعمالها في عهد الربيع العربي الراحل؟ و أليس هذا هو ذات سلاح السايبر الذي شهر به في شبكاتنا الاجتماعية على شروط التشغيل المبالغ فيها المزعومة لاصحاب الخدمة الدائمة في صفوفه؟

ان لعنة الشبكات الاجتماعية لم تولد أمس. من تعاطوا بتفهم وعطف مع حملات التحريض منفلتة العقال في الانترنت ضد ضباط الجيش الاسرائيلي، شركات الغذاء، موظفي الدولة، موظفي البنوك، اليساريين او الاصوليين، لا يجب أن يتفاجأوا عندما توجه النار ضدهم ايضا وضد اعزائهم. كان ينبغي لهم ان يعرفوا بان الشبكات الاجتماعية ومنصات المعقبين تشكل وسيلة مريحة ومتوفرة دوما لنشر الاكاذيب، الكراهية، التشهيرات، العنف اللفظي، التزمت الديني والفكري، نظريات المؤامرة، افلام الرعب الزائفة والسم العنصري. وطالما وجدت في صيغتها الحالية، فان الدعاية الفظيعة التي تتدفق فيها ستتعاظم. وحتى سلاح السايبر المتميز لدينا سيتمكن من صدها لزمن ما فقط.

عبر الشبكات الاجتماعية – الفلسطينية والاسرائيلية – تصبح موجة العمليات الحالية موجة هستيريا متعاظمة تغذي نفسها. والعلاج الناجع للمواطنين اسوياء العقل ضد ذاك الجنون المعربد هو الانقطاع عن الشبكات الاجتماعية بكل معنى الكلمة. الا نكون حاضرين فيها، الا نعقب ببوست على البوست، وبالتغريدة على التغريدة. الا ندخل الى ساحة المصارعة في ان "تهين الآخرين قدر استطاعتك"، تلك الساحة المضرجة بالطين، البراز والدم.

ان مثل هذا الانقطاع الكثيف (والذي توصي به  ايضا كتب جديدة صدرت في الولايات المتحدة، تدعو للعودة الى الخطاب الانساني الحقيقي) سيجبر مدراء المواقع، الشبكات الاجتماعية والساحات في الانترنت لان يضعوا نهاية تامة بالحدود والقيود لحرية التعبير التي يساء استخدامها. أجهزة القضاء في اسرائيل وفي العالم باستثناء الولايات المتحدة، اعترفت بأن حرية الراي لا تعني حرية التحريض، وان هذا المبدأ ينطبق على الانترنت ايضا – ولكنها لم تفعل أي شيء تقريبا كي تفرض القانون. لعل تمرد العقلاء سيجبرها على العمل.

أنا لا اوهم نفسي: الارهاب، اللفظي والعملي لن يتوقف حتى لو منع واوقف التحريض في الشبكة. فمصادره متنوعة للغاية، اسبابه عميقة للغاية. فالنازية لم تكن بحاجة الى الانترنت كي تسيطر على المانيا، وكان الاتصال الشفوي يكفي مخربي القاعدة، والشيوعية سقطت في عصر ما قبل الشبكة، ومع ذلك فان الخفة التي تنشر فيها في ارجاء الانترنت "الاراء" و "الحقائق" التي مكانها في قمامة الوعي البشري، تخلق خطرا عالما جديدا لا يحل محل المخاطر القديمة، بل يضيف اليها ويعظمها فقط.