إحدى السجينات: هذا ما فعله بي “أمن حماس” حينما اعتقلوني!
شهادات حية في مراكز توقيف حماس حول أساليب التعذيب
أدوات كثيرة تستخدم أثناء التعذيب: الخنق والهز العنيف والإجبار على التعري والعزل في زنزانة والتحرش والإغراء الجنسي
غزة-الحياة الجديدة-نفوذ البكري - أدخلوني الى قسم شرطة المباحث في دير البلح ثم مباشرة ادخلوني الي غرفة تحقيق ودخل المحقق وقال إنه من الامن الداخلي وسألني عن مشاركتي مع زوجي في حراك بدنا نعيش وعلاقتي برام الله وعندما أنكرت ذلك قال لي أنني كذابة وبعد ذلك قامت احدى الشرطيات بتقييد يدي بالحديد للخلف ووضع كيس بلاستيك أزرق اللون في الرأس وإجباري على الصعود على الطاولة ووجهى بجوار الحائط وبدأ الضرب والتهديد بإعدامي ويتم التوقف لثواني لكي اتنفس فقط وبعد ذلك تم لي ذراعي الأيمن فشعرت بألم شديد في كتفي وبدأت اصرخ من شدة الألم ورغم ذلك تعرضت للتعذيب والضرب في عدة جولات بخرطوم بلاستيك لإجباري على الاعتراف.
تلك كانت إفادة الضحية ف.م التي اعتقلت في 7 اذار في العام الماضي على خلفية مشاركتها في حراك بدنا نعيش ونتج عن ذلك خلع في كتفها وتم نقلها في حينه للمستشفى لإجراء اللازم.
وفي حادثة اخرى قال الضحية ص.ط 30عاما انه تم اعتقاله بتهمة الانتماء لحركة فتح وبدأوا بالضرب بالفلكة على قدمه وأحدهم يجلس على ركبته وأخر يمسك برأسه والقول بأنه لن تمشى على قدميك مرة اخرى وصرخت من شدة الألم وسمعت أحدهم يقول:هاتوا شفرة وأمسك يدى اليسرى وقام بجرح ظاهرها وبعد ذلك جرح اليد اليمنى ووضع الكيس على الرأس وازداد الوجع الي أن وجد نفسه في المستشفى.
أما الضحية أ.ر فقال اجلسوني على كرسي وأثناء ذلك سمعت صراخ أبني الذي كان يتعرض للضرب وقيدوا يدي للخلف بقيود بلاستيكية وعصبوا عيني بقطعة قماش وإيقافي إلى جانب جدار من الصفيح وبدأ بضرب رأسي في الصفيح إضافة الى اللكمات والصفعات وإبقائي باللباس الداخلي وسكب الماء على رأسى والضرب بالهراوة وكابل كهرباء على جميع انحاء الجسم ثم التعرض للشبح واستمرار الضرب والقاء مجسم حديدي على ظهري وقول احدهم "اكسر يديه" بعد فك القيود والطلب بوضعها على الحديد.
تلك بعض النماذج البسيطة التي تم الادلاء بها من الضحايا لمركز حقوقي بعد تعرضهم للتعذيب من أجهزة أمن حماس حيث تعرض العشرات من المواطنين في غزة للتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة من تلك الأجهزة على خلفيات سياسية أو حرية الرأى والتعبير وتأييد حركة فتح والرئيس محمود عباس. ولهذا قررت "الحياة الجديدة" التركيز في اليوم العالمى لمساندة ضحايا التعذيب التركيز على الانتهاكات الفلسطينية لانها اشد قسوة وتأثيرها سلبي على الضحايا وتبين أن ممارسة التعذيب في سجون ومراكز الاعتقال بصورة واسعة في اقسام التحقيق الجنائية خاصة في غزة وادى هذا الى وفاة 7حالات في السجون أو الاصابة بعاهات خطيرة جراء التعذيب
وفي حال الحديث عن أشكال التعذيب في سجون الاحتلال فإنها تشمل الخنق، والهز العنيف، والإجبار على التعري، والعزل في زنزانة التحرش، والإغراء الجنسي شد الشعر واستخدام المرض ومكان الإصابة..الصعق بالكهرباء والاحتجاز داخل الثلاجة.. الحرمان من قضاء الحاجة, إسماع موسيقى صاخبة ومزعجة.. تقليد صوت الحيوانات.. وكذلك تغطية الرأس بكيس برائحة كريهة والضغط النفسي ومنع النوم وغيرها م الأساليب للحصول على الاعترافات والمعلومات وأيضا هدم الذات ويتم ارتكابها من سلطات الاحتلال وبعضها من أجهزة الأمن الفلسطينية دون أي اعتبار للعمر والمكانة الاجتماعية والمناصب العليا.
واكدت الدراسات واللقاءات الخاصة مع الاسرى انهم تعرضوا لمختلف اساليب التعذيب الجسدية والنفسية المحرمة بنص القوانين الدولية والاغرب أن يمارس التعذيب ليس اولئك من المؤسسة الأمنية الاسرائيلية فقط وانما ايضا من خلال الأطباء وطواقم التمريض.
وتبين انه في السنوات القليلة الماضية فإن الكثير من المستوطنات المقامة على أراضي الضفة والقدس تحولت إلى مراكز للتعذيب والابتزاز والمساومة لدفع الاطفال للاعتراف من خلال التعرية والتحرش والتهديد بالاغتصاب وكل هذا يؤدي الي إصابة الأسرى بعاهات مستديمة سواء داخل السجون او حتى بعد التحرر من سجون الاحتلال,.
أطباء خارج أخلاقيات المهنة
ومن المؤكد أن دور الطبيب الاسرائيلي فيما يتعلق بالتعذيب يرتبط بعدة أمور وهي بالطبع تتنافى مع اخلاقيات المهنة وتكمن بقيام الطبيب باعداد استمارة خاصة بحالة المعتقل ويتم فيها تسجيل نقاط الضعف الجسدي لاستغلالها من المحقق الاسرائيلي وايضا اخفاء اثار التعذيب على جسد المعتقل قبل عرضه على المحكمة أو زيارة المحامي وطواقم المؤسسات الحقوقية وكذلك استخدام عيادة السجن لربط المعتقل الضعيف مع جهاز المخابرات الاسرائيلية وإجباره على نقل اخبار الأسرى من خلال تلك العيادات بعد تعذيب الأسير والضغط عليه ومساومته.
التعذيب في غزة
وفي حال العودة لظاهرة التعذيب لأجهزة أمن حماس في غزة فان الامر يشير إلى الخطر الحقيقي على حياة الضحايا حيث يوجد قناعة فكرية لدى المحققين بان المعتقل دمه مهدور ومباح للمحقق ممارسة كل اشكال التعذيب وفي هذا السياق قال الباحث نافذ الخالدي من وحدة تطوير الديمقراطية بالمركز الفلسطيني لحقوق الانسان أن دور المركز يرتبط بالتوعية والحشد ومناصرة الحقوق وتدريب الجهات المكلفة بانفاذ القانون إضافة الى التدخل القانوني لحماية الضحايا.
وأكد لـ"الحياة الجديدة" تصاعد سياسة التعذيب خاصة مع بداية الانقسام وزيادة الإعتقال السياسي وكذلك استهداف من يمارس حرية الرأى والتعبير وأدى هذا إلى تسجيل حالات وفاة جراء التعذيب وتطرق الى اشكال التعذيب التي تمارسها أجهزة حماس دون التمييز بين الرجال والنساء خاصة في جهاز الأمن الداخلي ومنها الشبح والضرب والاغطية ذات الروائح الكريهة والحرمان من النوم واستخدام المياه الساخنة او الباردة وغيرها من اشكال التعذيب التي تتنافى مع القوانين الدولية والفلسطينية.
وعن دور المركز تجاه ضحايا التعذيب قالت المحامية احلام الأقرع من الدائرة القانونية بالمركز الفلسطيني لحقوق الانسان لـ"الحية الجديدة" أن المركز يعتبر ان ملف التعذيب من اهم الملفات ويتم التدخل فور توكيل المركز ومن خلال زيارة المعتقل وظهور علامات التعذيب والتأكد من ذلك يتم ابلاغ المستشار القانوني للجهة المختصة خاصة جهاز الأمن الداخلي او النائب العام ومراقب الاجهزة الامنية في غزة والاشارة الى وجود التعذيب، مشيرة إلى أنه في الغالب فإنه لا يتم الرد على مراسلات المركز بخصوص التعذيب.
وأضافت ان الضحايا أصبح لديهم القدرة على الحديث بشأن التعرض للتعذيب ولكن الجهات المختصة لم توقف التعذيب رغم انها تتحمل المسؤولية القانونية خاصة بعد انضمام دولة فلسطين للعديد من الاتفاقيات الدولية ولهذا فإنه من الممكن ملاحقة مرتكبى التعذيب على المستوى الدولي.
التحليل القانوني لجرائم التعذيب
من جانبه، أكد المحامي راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان أنه لم تطرأ أية تغيرات على الاطار القانوني الذي يتعلق بجرائم التعذيب في أراضي السلطة الوطنية حيث بقي قرار الرئيس محمود عباس الصادر في ايار 2012 للجهات المختصة ذات العلاقة بالتوقيف والاحتجاز بحظر كافة اشكال التعذيب والقانون الاساسي الفلسطيني لعام 2002 وتعديلاته وقانوني العقوبات 74 لسنة 1936 المطبق في غزة اضافة الي قانون العقوبات الثوري لمنظمة التحرير 1979 المطبق في الضفة وغزة.
وتابع بالقول أنه بتاريخ 29/12/2017 انضمت فلسطين الى البروتوكول الثاني الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب.
ويأتي ذلك في اعقاب بانضمامها لاتفاقية مناهضة التعذيب عام 2014 كما انضمت فلسطين في نفس التاريخ الى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي يتضمن في حظر استخدام التعذيب وبالتالي فان هذا الانضمام يمثل خطوة هامة لتأسيس دولة فلسطينية خالية من التعذيب ولكن بشرط أن يتم ادماج الالتزامات الواردة في هذه الاتفاقيات في القانون الفلسطيني والالتزام بمبدأ سيادة القانون.
جريمة لا تسقط بالتقادم
واوضح الصوراني ان جريمة التعذيب تتميز بانها من الجرائم التي لا تسقط بالتقادم على المستوى المحلي والدولي فالمادة 32 من القانون الاساسي الفلسطيني اكدت ان الاعتداءات على الحقوق والحريات بالقانون الاساسي هي جرائم لا تسقط بالتقادم واكدت على نفس المبدأ العديد من المحاكم الدولية والمحاكم ذات الولاية الدولية.
كما نص القانون الاساسي الفلسطيني في المادة 12 علي بطلان الاعتراف الناتج عن التعذيب او اكراه واكد قانون الاجراءات الجزائية على ذلك في المادة 114 وهذا يترتب عليه بطلان احكام الادانة المترتبة علي هذه الاعترافات حيث نصت المادة 477 من قانون الاجراءات اللاحقة للاجراء الباطل وقد جاءت هذه المواد متسقة مع المادة 15 من الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي نصت على ان تضمن كل دولة طرف عدم الاستشهاد بأية اقوال يثبت انه تم الادلاء بها نتيجة التعذيب كدليل في اية اجراءات الا اذا كان ذلك ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب كدليل على الادلاء بهذه الاقوال.
التأثير النفسي لجريمة التعذيب
ويعتبر التعذيب جريمة لها تأثيرات نفسية قاسية على الضحية مثلما أكد ذلك للحياة الجديدة د.حسن زيادة أخصائي نفسي في برنامج غزة للصحة النفسية موضحا انه بالفعل التعذيب تجربة صعبة ومن التجارب القاسية التي تواجه الشخص ولها تداعيات خطيرة على الضحية والاسرة وقد تصل الى المحيط الخاص به من الابناء والاقارب وقد يتطور الأمر لتتحول التداعيات الي اضطرابات نفسية والعصبية الزائدة والتوتر العصبي والاحلام المزعجة وتجنب أي شي له علاقة بالتجربة ومحاولة عدم الحديث عنها وقد تكون لديه نظرة تشاؤمية للمستقبل وهذا يستدعي التدخل العلاجي للكرب ما بعد الصدمة او الاكتئاب وتم تسجيل بعض الحالات التي لديها اضطرابات عقلية واضاف ان من بين التداعيات ايضا تأثر العلاقات مع الناس وتقليص التواصل الاجتماعي وقد يصل الامر الي التعذيب للاخرين واستخدام بعض الاساليب التي تعرض لها.
اختلاف بين تعذيب وآخر
وعن التأثير الناتج عن التعذيب الذي يمارسه الاحتلال وذلك الذي تمارس الاجهزة الامنية الفلسطينية اكد د. زيادة وجود اختلاف واضح في التأثير لاسيما وان الاسرى في سجون الاحتلال يتميزون بالمعنويات العالية ويحظون بالقيمة والمكانة المميزة في المجتمع الفلسطيني والدليل انهم يتقلدون المناصب العليا بعد تحررهم من سجون الاحتلال لانهم جسدوا البطولة والصمود خلف القضبان ولكن من يتعرض للتعذيب على المستوى الفلسطيني فان هذا يشكل اكثر قسوة وايلاما يحتاج للمزيد من التدخل للتخفيف من حدة المعاناة.
وشدد د. زيادة على أهمية تفعيل برامج المساندة والدعم لضحايا التعذيب سواء في مجال الطب النفسي أو الاجتماعي والتأهيل سواء للضحية أو عائلته وذلك من أجل الحد من التداعيات الناجمة عن التعذيب.
وفي اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب يجب عدم الاكتفاء بالتذكير ببنود الاتفاقية والتحذير من مخاطر التعذيب وانما العمل الجاد لتشكيل لجان تحقيق بشأن ملاحقة الاحتلال على جريمة التعذيب بحق الأسرى مثلما فتح المجال على المستوى المحلي لتمكين الضحايا من الادلاء باعترافاتهم وملاحقة مرتكبي التعذيب حسب ما تم النص عليه في المواثيق الدولية والقوانين الفلسطينية باعتبار أن تلك الجريمة لا تسقط بالتقادم وتتطلب المزيد من العمل والتفاعل للحد من ظاهرة التعذيب للحد من التأثيرات النفسية التي يتعرض لها الضحايا رغم وجود العديد من القوانين أن التي نصت على الحقوق الانسانية على أن تقوم المنظمات الحقوقية بتكثيف الجهود لزيادة الوعي ورصد الانتهاكات وتطوير معاملة السجناء على أسس انسانية لبناء دولة فلسطينية خالية من التعذيب.
مواضيع ذات صلة