عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 21 حزيران 2015

المخيمات بلا ربان

عمر حلمي الغول

تشهد المخيمات منذ تسللت لداخلها الجماعات والتنظيمات الاسلاموية المسلحة، وضعا معقدا، فلم يعد يمر يوم إلا وتحدث اشتباكات مسلحة هنا او هناك في مخيمات لبنان دون استثناء وخاصة أكبرها مخيم عين الحلوة، المخيم المستهدف إسوة بما حصل في مخيم نهر البارد. لان الوجود الفلسطيني، ما زال في رؤية المؤسسات الامنية، يشكل بؤرة خطر على الوضع اللبناني، رغم ان القيادة الفلسطينية ممثلة بشخص الرئيس ابو مازن، اعلنت الف مرة، ان المخيمات لن تكون جزرا مستقلة عن الامن اللبناني، بل هي جزء من المنظومة الامنية العامة للجمهورية اللبنانية، وتخضع للمعايير الامنية اللبنانية، والكل الفلسطيني حريص ومعني بتعزيز السيادة اللبنانية. كما اكدت قيادة منظمة التحرير، ان الوجود الفلسطيني مؤقت في لبنان لحين تأمين حق العودة للاجئين على اساس القرار الدولي 194.

 لكن على ما يبدو، ان موضوع المخيمات الفلسطينية في لبنان يتجاوز حدود ما جرى الاتفاق عليه بين القيادتين الفلسطينية واللبنانية، لان هناك قوى مؤثرة اقليمية ودولية لها مصلحة في إبقاء الموضوع الفلسطيني في حالة تفجر دائم لتحقيق اكثر من هدف. ولبلوغ مراميها ساهمت بقوة في خلق البيئة المناسبة لتواجد تلك الجماعات في المخيمات. وهذه الظاهرة سابقة للربيع العربي، وامتدادا له في آن. لانها تحمل بوجودها وانعكاسها على المخيمات الفلسطينية عموما ولبنان خصوصا، إصراراً على زجها في اتون الصراع الاقليمي، مع ما لذلك من اخطار تهدد السلم الاهلي فيها، وحتى استمراريتها. لان احد الاهداف الاساسية من العبث بأمن واستقرار المخيمات، هو دفع اللاجئين الفلسطينيين للجوء لمتاهات جديدة، للتخلص من حق العودة إلى ديارهم ووطنهم الام فلسطين.

مما لا شك فيه، ان ضعف وتراجع دور فصائل المنظمة عموما وانكفائها عن تمثيل دورها القيادي، ساهم بانتعاش هذه الجماعات، واتاح لها التمدد كالفطر في اوساط ابناء الشعب الفلسيطيني. ويعود ذلك لاكثر من سبب، منها: اولا في ظل التضييق المتواصل على ابناء المخيمات، وحرمانهم من العمل من قبل السلطات اللبنانية؛ ثانيا الحاجة لمصدر رزق، يؤمن الحد الادنى من تأمين لقمة العيش؛ ثالثا الحاجة للسلاح للدفاع عن الذات في ظل اشتداد الصراعات بين الجماعات المختلفة.

المخيمات الفلسطينية في لبنان بحاجة ماسة لوقفة جدية رغم الادراك المسبق، ان القيادة اولت المخيمات في السنوات الاخيرة اهتماما لافتا، واعادت النظر بالكثير من السياسات وآليات العمل فيها. لكن كل ذلك لم يغير من طبيعة المشهد المعقد، الذي تعيشه المخيمات. لذا لحمايتها من الاستهداف الخبيث، ولحماية حق العودة للاجئين لديارهم، التي طردوا منها عام النكبة 1948، على قيادة منظمة التحرير إحداث نقلة نوعية في واقع مخيمات لبنان، وحث الحكومة اللبنانية على فتح ابواب العمل امام ابناء الشعب الفلسطيني؛ ودرء اخطار الجماعات الاسلاموية، من خلال عزلها عن ابناء الشعب؛ الحؤول دون عبث المؤسسات الامنية بمختلف مسمياتها في الشؤون الداخلية للمخيمات؛ اعادة الاعتبار للمنظمة وفصائلها وخاصة حركة فتح.

القوى الوطنية بمختلف مشاربها وفي مقدمتها قيادة منظمة التحرير، مطالبة بانقاذ المخيمات ما يعد لها من قبل القوى العبثية والمتواطئة على الوجود الفلسطيني في لبنان او سوريا او اي دولة من الدول الحاضنة للوجود الفلسطيني. وهذا لا يتم بالدعاء او التمني، بل بالعمل الجاد والمثابر والهادف.