عاجل

الرئيسية » تحقيقات » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 31 تشرين الأول 2017

احتكار بينيت

هآرتس - بقلم: ب. ميخائيل

في برنامج "لندن وكرشنباوم" في يوم الاربعاء الماضي، أجرى نداف ايال مقابلة مع الوزير نفتالي بينيت. وعندما زاد عمق الاسئلة بشأن خدع التهويد التي تملأ جهاز التعليم، اختفت ابتسامة بينيت الصفراء، وسقط عن وجهه قناع الاحترام الرسمي، ومن الفم الوزاري خرجت نغمات مختلفة. كانت هناك تفاهات (مقارنة "الحملة ضد بينيت" مع اتهام اليهود بقتل المسيح...)، لافتات وكليشيهات ديماغوجية (التلويح المعتاد بالكارثة)، وكلام فارغ من المضمون يثير الاستغراب ("هناك مجموعة من الاشخاص يريدون أن تصبح السويد هنا")، وانفجار من التباكي الكلاسيكي: "ما هذه الكراهية؟ ما هو السيئ اذا عرف الطفل "اسمع يا اسرائيل"؟ وماذا سيحدث اذا تعلموا القليل عن اليهودية؟"

حقا، ذرفت دمعة.

ولكن خلافا لذلك، انطلقت من اقوال الوزير ايضا كمية كبيرة من الغطرسة والوقاحة. بدون ذرة تردد وبتجاهل تام لكل التاريخ اليهودي، عزا بينيت لنفسه ولطائفته الاحتكار الكامل على اليهودية. بالنسبة له، فقط الارثوذوكسية الشوفينية تستحق صفة "يهودية". وبالنسبة له فان "العبء اليهودي" الذي يجب القاءه على كل طالب هو فقط "صلاة الفجر" والدعاء وطلب الغفران و"اسمع يا اسرائيل" وارض اسرائيل والهيكل المقدس، هذه هي كل توراته.

في عالمه وفي برنامجه التعليمي الذي يتآمر فيه، ليست هناك ارثوذوكسية معتدلة، وليست هناك يهودية اصلاحية، وليست هناك يهودية محافظة، وليست هناك يهودية علمانية، وليست هناك يهودية ملحدة، عبرية، ثقافية متنورة، وليس هناك اسبينوزا، فرويد، بوبر، احاد هعام، آينشتاين (ليس هناك مخترع لما تملأ به غواصات بيبي، بل المفكر الملحد والمناهض للقومية والمحب للسلام). ايضا ليس هناك ابراهام يهوشع وهيشل وليو باك ويشعياهو ليفوفيتش (قائمة جزئية جدا). ويمكن التخمين أن الطائفة اليهودية ايضا الاكثر شبابا وروعة في الولايات المتحدة، طائفة "يهودية متجددة"، التي اساسها يقوم على تحقيق اليهودية كثقافة قيمية وتحريرها من انواع الهراء التي علقت بها، هي ايضا دنس في رأي بينيت.

صيغة اليهودية الخاصة به فقط، الفقيرة والعنيفة والعنصرية والظلامية، هي اليهودية التي يُسمح بها. وفقط القومية الوثنية، التي تعتبر الطقوس والعبادة والقبضة والرمل المقدس، الاساس وأن كل ما بقي هو زائد، هي اليهودية الحقيقية.

هذه اليهودية "الاحتكارية" يسوقها شخص يمثل أقلية الأقليات من بين الاقليات. 283.910 يهودي منحوه اصواتهم في صناديق الاقتراع، 4.4 في المئة من يهود اسرائيل، وحتى ليس اكثر من 2 في المئة من الشعب اليهودي. ضمن نطاق الخطأ الاحصائي. ومع ذلك، هو على قناعة بأنه هو نفسه الذي يمثل كل اليهودية. هذا الامر يحتاج الى جبهة نحاسية وطبيعة الطاووس من اجل التعبير عن وقاحة مضحكة كهذه.

بينيت، هكذا يعلم التاريخ اليهودي، هو مجرد زعيم طائفة مسيحانية مخطوفة الابصار، من النوع الذي يقضم ذيل الشعب اليهودي على مر الاجيال. طوائف كهذه تظهر كلما حاول اليهود أن يقيموا لأنفسهم مملكة، وتقوم بانزال كارثة عليهم: متزمتون، طلاب عكيفا، بار كوخبا وزعران، يوجد لهم الكثير من الاسماء، لكن فقط لهم مهمة واحدة وهي جلب الدمار للممالك التي تتظاهر بأن تكون يهودية.

الديانة اليهودية تعلمت الدرس، ومنعت بصورة واضحة وحاسمة القومية الدينية.

الشعب اليهودي لم يتعلم الدرس من الماضي. ولم يدرك بعد أنه طالما لم يفصل بمرة واحدة والى الأبد بين الشعب وثقافته وبين الدين ومجانينه، فمن الافضل ألا يحاول انشاء مملكة، لأنه بكل سهولة ستعود وتنمو فيها طوائف بينيتية، ستعود لانزال الانقسام الدموي والفاسد عليه. هذا ما كان وهذا ما يحدث، واذا لم نتعلم الدرس فإن هذا ما سيحدث.