عاجل

الرئيسية » اقتصاد » تحقيقات » تقارير خاصة » تقارير خاصة » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 15 آب 2015

البروتين الحيواني في أعلاف الدواجن.. تسمح به "المواصفات" وتمنعه "الزراعة"

رام الله - الحياة الجديدة - زويا المزين

يشكل البيض مكونا مهما من موائد الفلسطينيين، يتناوله الكبار والصغار طوال العام لما له من قيمة غذائية مهمة في بناء الجسم وامداده بالبروتين والسعرات الحرارية وغيرها.

ولما كان البيض في كل بيت فلسطيني تقريبا، فهل تخضع عملية الانتاج لما يكفي من الرقابة بدءاً من ظروف تربية الدجاج البيّاض وطبيعة الأعلاف التي يتناولها، ومن ثم عمليات الجمع والتخزين والتسويق وصولا الى موائد المستهلكين؟

تكشف "حياة وسوق" عن وجود عمليات رقابية تمارسها وزارة الزراعة، ولكنها غير كافية باقرار من الوزارة ذاتها، كما أن هناك تضاربا في التعليمات حول أعلاف الدواجن لدى الجهات الرسمية، ففي الوقت الذي تتيح فيه المواصفة الفلسطينية المعتمدة من مؤسسة المواصفات والمقاييس استخدام نسب مقننة من البروتين الحيواني في أعلاف الدجاج البياض تحظر وزارة الزراعة ذلك بالمطلق، فإلى أي من الجهتين يمتثل المزارعون، ومع من الحق منهما.

ويعتبر البروتين المضاف إلى الأعلاف عنصرا أساسيا في تركيبتها، لكن يعمد بعض المزارعين أو صانعي العلف إلى إضافة البروتين الحيواني إليها؛ وذلك لرخص ثمنه مقارنة بالبروتين المستخرج من مصادر نباتية مثل الصويا.

يقول مدير دائرة الاعلاف في وزارة الزراعة اسامة دولة إن "البروتين الحيواني غير مسموح باستخدامه قانونيا باستثناء "مسحوق السمك"، فمنذ انتشار مرض جنون البقر في اوروبا امتنعت أغلب دول العالم عن استخدام البروتينات الحيوانية في تغذية 

الدواجن.
ويوضح دولة "ان خليط البروتين الحيواني يحتوي على "الدم ومسحوق اللحم والجيف" التي يتم طحنها وتجفيفها؛ لذلك تكون نسبة البروتين فيه عالية، كما انها رخيصة الثمن".

ويضيف: اسرائيل تسمح باستخدام البروتين الحيواني في علف الدواجن، اما في فلسطين فيمنع قانونيا استخدامه ما عدا "مسحوق السمك"، ومسحوق السمك يستخدم بنسب معينة 12 كيلوغراما ونصف الكيلوغرام للطن الواحد من العلف.

في المقابل تفيد المواصفة الفلسطينية المعتمدة (م ف 510 ج1) الخاصة الاعلاف المصنعة الجاهزة المستخدمة في تغذية الدجاج، الخاصة بمؤسسة المواصفات والمقاييس بأنه "لا يمنع استخدام البروتين الحيواني بنسب معينة الا في المرحلة الاخيرة من الانتاج"، وجاء في المواصفة: "يمنع منعا باتا استخدام اي بروتين من مصدر حيواني في علف الدجاج البياض (انتاجي) انتاج 5% الى نهاية مرحلة الانتاج"، أي تمنع اضافة البروتين الحيواني في آخر مرحلة من انتاج البيض للتسويق.

وتقول مقررة لجنة الزراعة في المواصفات والمقاييس علا قزمار إن مؤسسة المواصفات والمقاييس سمحت في ادخال البروتين الحيواني بناء على قرار لجنة فنية خاصة لاعداد المواصفات الخاصة بالاعلاف، وبناء على معايير وعلى فتوى شرعية رقم (131 / أف أ/ 2011)، موضحة ان المؤسسة ليست اطلاع بقانون المنع من وزارة الزراعة خاصة وان المواصفة الخاصة بالمواصفات والمقاييس لم يتم التعديل عليها بعد.

وأكدت قزمار ان المواصفة ليست الزامية وقابلة للتعديل في ظل وجود أي ملاحظات، ولكنها أشارت إلى أن مؤسسة المواصفات والمقاييس ستقوم بالتواصل مع وزارة الزراعة لبحث أسباب منع الأخيرة البروتين الحيواني في العلف.

المزارعون

يقول عبد الفتاح أبو نمرة صاحب مزارع ابو نمرة للدواجن: "نستورد الاعلاف الاسرائيلية حسب مواصفات الشركة ونشترط على المورد عدم وجود البروتين الحيواني في العلف المقدم للدواجن نظرا لمنعه من قبل وزارة الزراعة، كما انه يسبب رائحة تزنخ في البيض".
ويضيف: "نستورد الدجاج من اسرائيل، ويأتي مع شهادات تطعيم وفحص سالمونيلا، وفيما يخص التخزين فإن البيض يرسل إلى مصنع آخر، حيث تتم تعبئته في صناديق يوضع عليها اسم الشركة وترسل الى تجار الجملة مع تاريخ الانتاج".

أما يونس البرغوثي صاحب مزرعة دواجن فيقول: "ان تركيبة العلف يجب ان تحتوي على نسبة عالية من البروتين الا اننا نتجنب استخدام البروتين الحيواني؛ لانه يسبب تزنخ البيض كما يؤثر على جودته، (...)، ولكن بعض اصحاب المزارع يستخدمون تركيبة البروتين الحيواني لقلة تكاليفها اذا قورنت ببروتين الصويا وغيره".

تجاوزات

غير ان مدير دائرة الاعلاف في وزارة الزراعة اسامة دولة يتهم بعض المزارعين بـ "وضع مضادات حيوية في الاعلاف بنسب مركزة لتحسين صحة الطير، ونحن نسمح بها لاعمار معينة، وليس لكل مراحل العمرية للدواجن، كما انه من الصعب اكتشاف الامر والمضادات الحيوية تضعف مناعة الحيوان وقد يحدث تأثير تجميعي بحيث تصبح عند الشخص حساسية معينة".

وقد يقوم البعض وفقا لدولة بـ"استخدام صنف منتهي الصلاحية او خطأ في طريقة التخزين او الخلط، أو استخدام زيت القلي في العلف يؤدي الى تزنخ العلف وعدم قدرة الدجاج على استساغته او تقبله، وقد يكون مؤكسداً، وبذلك يصبح ساما، وقد يؤدي الى نفوق الحيوان".

وأشار الى ان هناك كميات من العلف تأتي عن طريق البواخر والشحن وقد تتعفن من الرطوبة وينتج "الافلاتوكسين"، وهي فطريات سامة، و"قمنا بفحوصات دورية ولم يتبين وجودها". كما ان هناك نوع علف يسمى "علف قرط" عند تصنيعه تكون درجة حرارته عالية اذا ما تم تبريده، يمكن الرطوبة والحرارة العالية ان تؤدي الى وجود فطريات، "لذلك من شروط اقامة المصنع وجود وحدة تبريد، نحن بصدد عمل اذن تشغيل من خلاله يتم تقييم المصنع من ناحية قدرته على الانتاج بالطريقة المناسبة، وفي حال مخالفة اي تعليمات يتم ايقاف اذن التشغيل".

ومن المواد التي تضاف إلى الأعلاف احماض امينية يعتبرها المزارعون ضرورية، مثل "اللايسين" و"الميثونين"، كذلك قد تضاف صبغة الكاروفيل التي تمنح الصفار لونا أغمق، الا انه لم يثبت اي اضرار أو نفع لصبغة الكاروفيل، وفقا لما أوضحه د. معن سمارة في كلية الزراعة والطب البيطري في جامعة النجاح.

الرقابة

ويقول عبد الفتاح أبو نمرة صاحب مزارع ابو نمرة للدواجن إن هناك معايير محددة يجب توافرها في مزارع الدواجن البياض ومنها درجة حرارة المزرعة وطريقة التخزين، والاعلاف المقدمة للدواجن.

وهذا ما تشير إليه المتطلبات الصحية في الاعلاف الجاهزة ومنها خلوها من مسببات الامراض، وألا تزيد السموم الفطرية (الافلاتوكسين الكلي عن 0.25 مغلم/كغم) مع التأكد من خلوها من الافلاتوكسين b1، إضافة إلى سموم أخرى إذا اجتمعت حتى ولو كان كل واحد منها ضمن الحد المسموح، فإن اجتماعها قد يؤثر على صحة الحيوانات.

بدوره يؤكد دولة أن الرقابة الدورية ضرورية للتأكد من سلامة البيض ومن المواد المضافة للاعلاف، موضحا "ان هناك لجانا فرعية في كل محافظة تتألف من مهندس زراعي وطبيب بيطري ومأمور ضبط قضائي مصرح لهم بدخول أي مصنع او مخزن، حيث تؤخذ عينات ويوقع صاحب المصنع على العينة ويتم ارسالها الى المختبرات، ويتم عمل 4 جولات في السنة".

الميزانيات

ويعزي دولة قلة اجراء الفحوصات الدورية الى محدودية ميزانية وزارة الزراعة والطاقم، مشيرا الى ان فحص العينات يكون على نفقة صاحب المصنع؛ لان تكاليف فحص العينات عالية ولا تستطيع وزارة الزراعة تغطيتها".

وأكد على أنه "لا يمكن محاسبة اي شخص الا بعد اكتشاف مخالفات حدثت بعد اجراء فحوصات عن طريق مختبر معتمد من الوزارة وحاصل على شهادة الايزو، وفي حالة حدوث اية مخالفة يتم تحويل المخالف الى المخالفات، ونحن بصدد اقرار اذن تشغيل لكل صاحب مصنع اعلاف لتعزيز الرقابة".

ويضيف: "نحن لدينا دراية حول الاعلاف الفلسطينية؛ لانها تخضع لمواصفاتنا وتعليماتنا، اما الاعلاف الاسرائيلية التي يستوردها المزارعون فنحن نتأكد من سلامتها فقط خلال فحص العينات.

ويرى صاحب مزرعة الدواجن يونس البرغوثي ان الرقابة على البيض ومزارع الدواجن "ضعيفة جدا، ولا يتم عمل فحوصات دورية الا في حال حدث طارئ مثل موجة الحر او المنخفضات الجوية".

في مزرعة ابو نمرة كان موظفو دائرة بيطرة رام الله التابعة لوزارة الزراعة يقومون بأخذ عينات من البيض ليتم ارسالها الى المختبر المركزي في العروب بالخليل لفرع "صحة الغذاء"، يقول نائب مدير دائرة البيطرة في رام الله سعيد البرغوثي: "نقوم بجولات كل 4-5 شهور لزيارة مزارع الدواجن وأخذ عينات من البيض وارسالها لمختبر لفحص خلو البيض من السالمونيلا واحيانا نقوم بجولات لاخذ عينات لفحص امراض في الدواجن مثل مرض (نيوكاسل) و(ايفيان انفلونزا)، اضافة مراقبة تعداد الدواجن ومدى تأثير الطقس عليه خاصة في موجة الحر او المنخفضات العميقة".

 

انحياز للمزارع على حساب المستهلك

يلاحظ في أطباق البيض في مراكز البيض أنها لا تحمل تاريخ الصلاحية، والمصدر (المزرعة)، وتكون صناديق بيض مصفوفة فوق بعضها دون بطاقة بيان، على الرغم من أن التعليمات الفنية الالزامية عام 2011 الخاصة ببند تسويق البيض في مؤسسة المواصفات والمقاييس توضح أنه "يجب أن تظهر المعلومات التالية على السطح الخارجي لعبوات البيض: رمز مركز التعبئة، تاريخ انتهاء الصلاحية، إرشادات للمستهلكين بتخزين البيض مبردا بعد شرائه".

وبهذا الخصوص يقول القائم بأعمال الادارة العامة لحماية المستهلك ابراهيم القاضي، "هناك تعليمات فنية صادرة عن المواصفات والمقاييس بضرورة وضع وسم على البيض، ولكن بالوقت الحالي نحن لسنا معنيين بوضع معيقات للمزارع الفلسطيني خاصة انها ستكون خسارة له؛ لان المنتج يحتاج الى عملية اعادة تغليف للبيض وهذه تكاليف تزيد من عبء المزارع، ولا توجد لدينا في محافظات الضفة مصانع تغليف ووسم للبيض".

ويتابع: "نحن نطالب بضرورة وضع بطاقة بيان وتاريخ انتاج، ولكن لا يتم فرض اي مخالفات على اي كرتونة تباع في المحلات التجارية بلا تاريخ صلاحية، ولا يوجد قانون يمنع بيع كرتون بيض لا يوضع عليها تاريخ الانتاج والانتهاء، مشيرا الى أن وزارة الاقتصاد تعتمد على الفحص الدوري للتأكد من سلامة البيض المبيع.

وتعاني السوق الفلسطينية من تخمة في الانتاج بعد ان توقفت عمليات البيع في إسرائيل إثر اعلان الاحتلال عن ضبط أشخاص كانوا يقومون بادخال البيض الفلسطيني إلى الأسواق الاسرائيلية، ولوحظ في الآونة الاخيرة انخفاض في أسعار البيض ما يستدعي الاستمرار في تحسين الجودة من أجل زيادة فرص الانتاج.