د. مصطفى يعلن عن مبادرة جديدة أولية لتعزيز مسار البناء الاقتصادي
رام الله- الحياة الجديدة- ابراهيم ابو كامش- أعلن مستشار الرئيس للشؤون الاقتصادية، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني د. محمد مصطفى، عن مبادرة جديدة أولية لتعزيز مسار البناء الاقتصادي تهدف إلى تعزيز القدرة الذاتية للاقتصاد الوطني في قطاعات محددة ذات أهمية استراتيجية عبر بوابة الاستثمارات، على أن يتم تركيز هذه الاستثمارات في قطاعات استراتيجية يتم اختيارها بناء على عدد من المحددات الواضحة والمتفق عليها.
جاء ذلك خلال المؤتمر الاقتصادي المشترك الذي نظمه أمس معهد أبحاث الدراسات الاقتصادية الفلسطينية "ماس" والمعهد الكوري للسياسات الاقتصادية الدولية بعنوان التحديات الاقتصادية والسياسية في المنطقة وآفاق توسيع التعاون الفلسطيني الكوري وذلك في مقر معهد "ماس" برام الله، بحضور عدد كبير من الاقتصاديين ورجال الاعمال وممثلي الجامعات والاتحادات القطاعية والمراكز البحثية.
ودعا د. مصطفى في كلمته التي جاءت بعنوان "الاقتصاد الفلسطيني: نحو مقاربة جديدة"، جميع الأطراف، بما في ذلك المؤسسات التعليمية والبحثية، والقطاع الخاص، والحكومة، والمنظمات المحلية والدولية، والتيارات المدنية، والدول المانحة بالتعاون وبذل كل الجهود لتسريع عجلة مسار البناء الاقتصاديِ كخطوة أساسية وضرورية نحو الاستقلال وتحقيق الأمن والأمان.
وقال د. مصطفى إن "المبادرة أولية قد تصلح أن تشكل عنصرا أساسيا من عناصر الاستراتيجية المطلوبة لتغيير هذه المنظومة، وان حيثياتها تتركز منطلقاتها حول الحاجة لتعزيز مسار البناء الاقتصادي، والتحرر من التبعية لإسرائيل وذلك عبر زيادة حجم الاستثمار في قطاعي الطاقة والصناعات الغذائية كنقطة بداية. على أن الهدف الأسمى لتعزيز البناء الاقتصادي يكمن في توفير الحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني ورفع مستوى معيشته إلى مستوى يليق بالتحديات التي يواجهها، ومتطلبات صموده على هذه الأرض".
وفي استعراضه قطاعي الطاقة والصناعات الغذائية كقطاعين مرشحين للبدء بتنفيذ مبادرته لانطباق المعايير عليهما، تطرق إلى عدد من المشاريع الكبرى ذات طابع استراتيجي ستساهم في تحقيق مجموعة من الفوائدَ الاقتصادية، والمساهمة في تحقيق درجة أعلى من "أمن الطاقة" و"الأمن الغذائي". في قطاع الطاقة، مشيرا على سبيل المثال لا الحصر الى مشروع تطوير موارد الغاز الطبيعي، مشروع بناء محطة توليدِ كهرباء باستخدام الغاز الطبيعيِ في جنين، مشروع توسعة وتحويل محطة كهرباء غزة لتعمل بالغاز الطبيعي، برنامج استغلال الطاقة الشمسية في توليِد الكهرباء، ومشروع استخراج البترول.
أما بالنسبة لقطاع الصناعات الغذائية: فقال ان أهميته الاستراتيجية تكمن في الدور الذي يلعبه في تحقيق الأمن الغذائي ومساهمته في الاكتفاء الذاتي للدولة، بالإضافة إلى أن الصناعات الغذائية تعتبر عنصرا محركا ومحفزا لتطوير القطاع الزراعي الذي تشكل منتجاته المدخلات الرئيسية لتلك الصناعات، وترابطه مع صناعات مهمة أخرى مثل الصناعات البلاستيكية والورقية والتغليف، وخدمات النقل والتخزين والمواصلات وغيرها.
وقال د. مصطفى "إن الاستثمار الرأسمالي، وعلى الرغم من أهميته، فإنه لن يكون مجديا، مهما كان حجمه، ما لم يصاحب ذلك استثمار في رأس المال البشري. مضيفا بأن النهوض بالقطاعات الاقتصادية المنتجة ذات القيمة الاضافية العالية أمر غير ممكن دون توفير القوى العاملة التي تتمتع بالكفاءة العلمية والمهارات الفنية والقدرات الخلاقة القادرة على التعامل والاستفادة من التطور التكنولوجي وتسخيره في تحقيق معدلات إنتاجية عالية، حيث أن الشركات المتميزة تؤكد دوما بأنها تبحث عن موهوبين وليس عن مجرد موظفين".
واكد د. مصطفى على أن مبادرته تأتي انسجاما مع توجيهات واستراتيجية القيادة في تعزيز العمل على مسارات السياسة الدولية، والقانون الدولي، ومسار المقاومة الشعبية، والتي سجلت فيها العديد من الانجازات في السنوات الأخيرة، مؤكدا أن العمل على المسار الاقتصادي يجب أن يمتاز بمقاربات مبتكرة وفعالة تحقق استدارة في المؤشرات الاقتصادية باتجاه الاستقلال الاقتصاديِ والتحرر من السيطرة الاسرائيلية.
وقال" إن قدرتنا على الارتقاء باقتصادنا ترتبط بشكل كبير بقدرتنا على بناء جيل جديد من العاملين ذوي الكفاءات والمهارات العالية، القادرين على تسخير التكنولوجيا والعلوم في عملهم وفي حياتهم. وما يحتاج ذلك منا الى تطوير وتنفيذ استراتيجية (عملية وعلمية) للتعلمِ واكتساب المهارات، تعمل على تطوير قدرات ومهارات القوى العاملة: من خلال تطوير منظومة التعليم والبحث العلمي، وبناء منظومة الإبداع والابتكار، وانشاء مؤسسات تدريب عالية المستوى".
بدوره، دعا مدير البحوث في معهد"ماس" سمير عبد الله، الى الاحتذاء بالاقتصاد الكوري الجنوبي لتحقيق النمو الاقتصادي لا سيما انه يتميز بمحددات وصفها بالملهمة للاقتصاد حيث يصل الناتج المحلي الى 113 مليار دولار، وهي طريقة ملهمة للكثير من الدول النامية كفلسطين، لكنه استدرك قائلا "ولسوء الحظ فان الاستفادة من التنمية الاقتصادية في كوريا الجنوبية وتطبيقها في فلسطين تعاني من معوقات كثيرة بسبب الاحتلال العسكري الاسرائيلي"، مؤكدا ان النجاح في تحقيق العدالة الاجتماعية يعد احدى الركائز لتطوير فلسطين.
وقال "ان لدى كوريا الجنوبية موارد متواضعة، ولذلك فان فلسطين تنظر لها وتعجب بها وبما حققته من انجازات ومساهماتها لشعبها وللمجتمع الدولي ككل".
أما نائب رئيس المعهد الكوري للسياسات الاقتصادية كيم هيونجشون، فشدد على الشراكة السياسية والاقتصادية مع فلسطين، مؤكداعلى قوة العلاقات التعاونية بين الحكومتين الفلسطينية والكورية، منوها الى محاولات كوريا لتحقيق النمو والتطور بين الطرفين من خلال تنفيذ عدة برامج ومشاريع، والسعي الى تطوير الاستثمار الفلسطيني في رأس المال البشري والموارد المتعددة، والعمل معا لانشاء "فريق احلام" لتحقيق كل العلاقات التنموية.
وقال :"حان الوقت للمضي قدما من اجل ان نخلق فرصا كثيرة من العمل في فلسطين"، معتبرا ذلك اساسا قويا من اجل التعاون بين المعهدين الكوري و"ماس" لافتا الى ان كل محطة من المحطات توفر مساحة من المشاركة واستكشاف مناهج استراتيجية لتطوير العلاقات المستقبلية الاستراتيجية بين الطرفين.
وناقش المشاركون في الجلسة الأولى برئاسة هيونجشون: التعاون الاقتصادي بين كوريا وفلسطين، من خلال تقديم ثلاث اوراق عمل الأولى قدمها مدير البحوث في" ماس" د. سمير عبد الله، حول الاقتصاد الفلسطيني: التحديات الحالية والآفاق المستقبلية وعقب عليها، التعقيب جانج جي -هيانج، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز آسان للدراسات السياساتية
فيما قدم الورقة الثانية استاذ الاقتصاد في الجامعة العربية الاميركية بجنين د. نصر عبد الكريم حول الفرص والمعيقات للتعاون الاقتصادي بين كوريا الجنوبية وفلسطين، وعقب عليها الممثل المقيم لكويكا كيم يونج وو، بينما ركزت الورقة الثالثة التي قدمها رئيس فريق الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المعهد الكوري لي كوان هيونج، على دور السياسة الصناعية في التنمية الاقتصادية، وعقب عليها رئيس مجلس ادارة والرئيس التنفيذي، لشركة دار الشفاء باسم خوري.
وناقش المشاركون في الجلسة الثانية التي ترأسها السفير الكوري لدى السلطة باك ونج شل: الوضع السياسي في فلسطين والشرق الأوسط، حيث تمحورت الورقة الأولى التي قدمها ممثل الجمعية الفلسطينية الاكاديمية للشؤون الدولية مهدي عبد الهادي حول ازمة الهوية والعنف بين اوساط الشباب في منطقة الشرق االوسط، وعقب عليها مدير المعهد الكوري جانج سي وون، وعميد مدرسة الصحة المجتمعية خالد صيفي، فيما تناولت الورقة الثانية التي قدمها نائب رئيس جامعة بيرزيت لشؤون التنمية والاتصال، غسان الخطيب، الحاجة لدور اكبر للمجتمع الدولي لحل القضية الفلسطينية، وعقب عليها الاستاذ المشارك، من جامعة يانجسين سيئول شاو يونج شول، وبحثت الورقة الثالثة التي قدمها مدير البحوث في معهد جيجو للسلام ھان ان تاك، بين سباق التسلح النووي ومنطقة خالية من السالح النووي: السيناريوھات المطروحة وتأثيرھا على فلسطين، وعقب عليها المحاضر في جامعة بيرزيت غسان اندوني. أما الورقة الرابعة التي قدمها الاستاذ المساعد في جامعة دانكوك، ھونج مي جنج، فبحثت فهم السياسة الاقليمية للمملكة العربية السعودية: العداء السعودي/المصري خلال الفترة 1958-1967 وعقب عليها المحاضر في جامعة بيت لحم لبابة صبري.
مواضيع ذات صلة