كم تنفق الحكومة على تطوير التعليم
دائرة التحقيقات الاستقصائية- اسلام ابو عرة
في إحدى زوايا المدرسة جلست هبة وحيدة تراقب من بعيد تحركات الفتيات وضحكاتهن وتدافعهن على المقصف المدرسي في استراحة لطالبات جميعهن إلا هبة.. المدرسة «الفرصة» التي تعتبر متنفسا هبة تكره فترة الاستراحة «الفرصة».. وتكره الفتيات الأكبر منها ، تعيش في زاويتها الخاصة في، وتضرب الفتيات الأصغر سنا سنا المدرسة وتحضن حقيبتها أثناء الحصة الصفية وتراقب بصمت.. ولم تكن والداتها تعلم بأن ما أخبرها به الطبيب عن حالة ابنتها «هبة» في عمرها الرابع سيكون أثره هكذا، فهي تعاني نقص الأكسجين وزيادة في الكهرباء في جسمها ما جعل نموها العقلي لها آثارا جانبية أخرى كالدوخة وانقطاع يقف إلى حد معين مسببا تحب الحياة بصرها لعدد من الدقائق، ولكنها تشبهنا جميعا وتسعى إليها.. تدرس هبة من بلدة عقابا قضاء طوباس ذات الخمسة عشر ربيعا في الصف الثامن مع أنها يجب أن تكون في الصف التاسع؛ حيث اعادتها . أمها للصف الأول عسى أن تتحسن دراسيا والتحقت بمدرسة عقابا الأساسية للبنات، «ولم نضعها بمدرسة خاصة؛ كي تكون قريبة منا ومن أخواتها وأقربائها؛ لأن المدرسة الخاصة بعيدة عن مكان سكننا، ففي مدرستها الحالية نحن من نوصلها لمدرسة ونأتي بها»، قالت لنا أمها أم محمد. تساءلنا لماذا لا تخرجيها من المدرسة كونها لم تشعر بتقدم ملموس ونجاحها وتفاعلها مع زميلاتها بالمدرسة، فأجابت أم محمد: المدرسة بطريقة أو بأخرى تجعلها تتغير لو تغير بسيط، وأن المعلمات يعاملنها بطريقة ممتازة جدا وباهتمام كبير ويحاولن جاهدات توفير اللازم لها؛ لكي تندمج مع زميلاتها. وحسب التقرير السنوى للهيئة المستقلة لحقوق الانسان لعام 2015 الذي صدر مؤخرا فان نسبة الاتفاق العام على القطاع التعليمي لا تزال دون المطلوب رغم تزايد اعداد الطلبة، مشيرا الى ان الانفاق على قطاع التعليم بلغ 72.2 مليار شيقل في عام 2015 من اجمالي الانفاق العام الذي يصل الى 28.14 مليار شيقل، موضحا ان النسبة الاكبر من الانفاق ذهبت للمصاريف التشغيلية والرواتب التي بلغت 14.2 مليار شيقل ما يظهر ان نسبة الانفاق على التعليم ما قبل المدرسي متدنية وتكاد لا تذكر، في حين ان حصة التعليم من الموازنة العامة تشكل ما معدله 16 ٪ في عام 2015. والطالبة هبة هي واحدة من( 7552 (طالبا وطالبة من ذوي الاعاقة المدمجين في المدارس الحكومية في فلسطين بواقع 6.73 ٪ في الضفة، و4.26 ٪ في غزة ، وتشكل اعاقة اضطرابات النطق النسبة الاكبر، حيث بلغت (2221 (حالة ، تلتها الاعاقة البصرية الجزئية (1889 (حالة، بينما يبلغ عدد الطلاب الذين يعانون من اعاقة حركية (1611 (طالبا، والاعاقة السمعية الجزئية (1107 ( حالة في حين ان 119 طالبا يعانون من اعاقة سمعية كلية و100 طالب يانعون اعاقة بصرية كلية، و505 طالب وطالبة يعانون اعاقة عقلية. وبلغ عدد الطلبة الذكور الذين يعانون من اعاقات في فلسطين (3998 (طالبا، في حين ان عدد الانـاث ذوات الاعاقة وصل الى (3554 (طالبة. الدمج والتعليم الإلزامي. تقضي خطة وزارة التربية والتعليم بدمج ذوي الاعاقة في المدارس الحكومية، بضرورة مواءمة المدرسة وتذليل العقبات التي تحول دون دمج فئة ذوي الاعاقة في المدارس انطلاقا من مبدأ أصيل تنشده الوزارة . وتسهم الإدارة العامة للإرشاد والتربية الخاصة في دمج الطلبة ذوي الاعاقة الخاصة ومتابعة كافة احتياجاتهم سواء على مستوى البيئة الصفية والبيئة المدرسية انطلاقا من الحق في التعليم للجميع باختلاف أنماط تعلمهم واختلاف مستوياتهم واختلاف الظروف البيئية المحيطة بهم سواء في البيت أو في بيتهم الثاني ( المدرسة)، قال طارق علاونة النائب الفني لمديرة التربية والتعليم في محافظة جنين. وأضاف علاونة أن التعليم الإلزامي حتى الصف العاشر حق مكفول و يجب الحفاظ على وجودهم في المدرسة حتى الصف العاشر! حسب الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني فان نسبة السكان الفلسطينين المعاقين في الاراضي الفلسطينية بلغت 8،1 ٪ من مجمل السكان ، حيث كانت في الضفة الغربية 9،1 ،٪ وفي قطاع غزة 6،1 ،٪ وحسب ما اشارت اليه النتائج فان نسبة الاعاقة في الضفة قد بلغ اقصاها في محافظتي قلقيلية وطولكرم (2،3 ،(٪ يليها منطقة طوباس والاغوار 1،2. ٪ ان اكثر من نصف الافراد المعاقين 6.55 ٪ واشارت البيانات ايضا الذين اعمارهم 10 سنوات فأكثر يعانون من اعاقات لم يحصلوا على اي تعليم، وأن 19 ٪ حصلوا على التعليم الابتدائي و(12،0 (٪ منهم حصلوا على تعليم ثانوي فادنى. ووصل عدد الطلاب ذوي الإعاقة في محافظة جنين وحدها إلى 307 طلاب موزعون على المدارس الحكومية المختلفة حسب ما ورد في سجلات مديرية التربية والتعليم بجنين، إضافة إلى المدارس الخاصة بذوي الإعاقة البالغ عددها (3 (فقط وهي مدرسة الحنان الخاصة بالطلاب الصم والنور للمكفوفين والأمل للتربية الخاصة. ووفقا لتقرير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان فانه رغم ان جميع الابنية المدرسية الحديثة الحكومية يتم اعدادها تأخذ بعين الاعتبار كافة احتياجات الطلبة ذوي الاعاقة الحركية، الا ان النتائج الكلية للتقرير الاحصائي تبين حاجة المزيد من المدارس الى توفير هذه الجزئية بـذوي الاعاقة، مشيرا الى 5.56 ٪ من المدارس توفر مراحيض خاصة بالطلبة ذوي الاعاقة لتكون النسبة افضل في المدارس الحكومية بواقع 6.63 ٪ يليها مدارس الوكالة بواقع 6.57 ٪ ثم المدارس الخاصة بواقع 7.19.
النقص المادي، حيث أن التربية والتعليم لا تمول إلا 4 كوادر من أصل 8 هم مديرة المدرسة والآذنة ومعلمتان فقط، أما بقية الكادر فهو مسؤولية جمعية أصدقاء المريض إضافة إلى مصروف الحافلة والسائق والمصروف المتعلق بوجبة الطعام والقرطاسية ومواد التنظيف وكل ما تحتاجه المدرسة يقع على عاتق الجمعية وليس على التربية والتعليم، ً مطالبة مساد الحكومة تبني رواتب الموظفين جميعهم، وتعزيز الكادر بمزيد من الموظفين المهنيين لتغطية النقص في حال التقاعد. وتأمل مساد أن تتعاون وزارة التربية والتعليم بشكل أكبر مع المدرسة، لأن تعاونها سينعكس إيجابا على الطلاب من حيث توفير كل ما يحتاجونه ً بأن المدرسة لا تأخذ من كل طالب إلا مبلغ بسيط بشكل أفضل، علما قدره 150ش مقارنة ببقية المدارس التي تصل إلى 500 ش شهريا عن كل طالب.
المرافق.. الكادر التعليمي أساس عملية الدمج وتدعم اعتدال الجريري الأخصائية الاجتماعية دمج ذوي الاعاقة في المدارس الحكومية شريطة توفر بنية تحتية مستجيبة لحاجاتهم وبرنامج التعليم المساند في هذه المدارس وتهيئة الجو العام لهم وعدم النظر لهم على اساس الشفقة والتفكير بحلول لا تنتقص من قيمتهم وتمكنهم من الاندماج في المجتمع بشكل يحفظ كرامتهم. ً هل هذه المرافق والخدمات موجودة؟ ولكن فعليا حيث لاحظنا بجولة على بعض المدارس الحكومية بجنين وطوباس افتقارها للمرافق والخدمات التي تتيح وتسهل عملية دمج ذوي الاحتياجات، فعلى ارض الواقع لا توجد في مدينة جنين إلا مدرستان فقط تمتلكان غرف مصادر وهي المدرسة الماليزية ومدرسة يوسف الابتدائية اللتان تقعان في مناطق بعيدة عن مركز المدينة ما يصعب وصول الطلاب من هذه الفئة إلى المدرستين. ويقع على عاتق وزارة التربية والتعليم دور اساسي ومهم في الاهتمام بهذا القطاع وتوفير الاحتياجات والخدمات الخاصة التي تكفل لهذه الفئة المهمشة حقها والعيش بكرامة وامان ودمجها في المدارس وانشاء مدارس لذوي الاعاقة الخاصة ( بصرية، عقلية ...الخ )، حسب ما ذكرت دراسة تابعة للشؤون الإجتماعية. توفير المنحدرات المرورية في المدارس ووفقا لتقرير الهيئة المستقلة لحقوق الانسان لعام 2015 فانه فيما يتعلق بتوفير منحدرات مرورية للطلبة ذوي الاعاقة فان 5.47 ٪ تتوفر في المدارس اغلبها في المدارس الحكومية. وحول دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس الحكومية كونهم بحاجة الى عناية خاصة على مستوى المرافق والخدمات والكادر التعليمي قال علاونة: هنالك تدريب للكادر التعليمي في بداية كل عام دراسي ومنسق لتعليم الجامع في كل مدرسة حيث يتلقوا تدريب سنوي من اجل متابعة دمج الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس. وتابع: «هذا التدريب يتم من خلاله توضيح كيف التعامل مع تلك الفئة من الطلاب وخاصة فيما يتعلق بالتعزيز الايجابي والتكيف وعدم الإهمال والابتعاد عن السلبيات التي تحول دون مشاركتهم في الأنشطة المختلفة سواء على مستوى المدرسة أو المديرية أو حتى التواصل مع أولياء الأمور حتى لا يكون التعزيز فقط المدرسة بل البيت أيضا لان المدرسة هي البيت الثاني. وأضاف: يوجد في المدرسة قسم الإرشاد لمتابعة تلك الفئة وهناك تقارير ترفع واجتماعات دوريـة تصب في مصلحة هؤلاء الطلبة وتعزيزهم من ناحية نفسية ولفظية وسلوكية حتى طريقة جلوسهم في الغرف الصفية وأن يكونوا مشاهدين لكل ما يجري داخل الصف لحتى يتم إشراكهم في كل الجوانب الصفية. أما مؤمن قاسم الذي يعاني من «إعاقة حركية بقدميه» وهو عبارة عن شد بالأوتار ناتج عن خلل بإفراز الغدة النخامية لهرمون النمو قال: ما واجهتني أي مشاكل بالمدارس الحكومية؛ وبالعكس كنت مبسوط فيها، وبالنسبة للمدارس الخاصة، ما كنت بحاجة لها. وأضاف قاسم: والسبب الآخر إنني كنت موجودا بين أصدقائي وأبناء عمي وبلدي بالمدرسة الحكومية فمستحيل اتركها وأذهب على الخاصة عند أناس لا أعرفهم. وأردف قاسم: من الأمثلة على الاهتمام الذي وجدته بالمدارس الحكومية وبمدرسة عقابا الثانوية للبنين تحديدا أنه في حالة وجود القاعة الدراسية بالطابق العلوي، كان المدير أو الأساتذة يضعون الشعبة كاملة بالطابق الأرضي، ولم يسمحوا لي بالوقوف بالطابور الصباحي حفاظا على سلامة الطلاب أثناء الدخول للقاعات الدراسية. وحول آلية التدريب الذي يتلقاه الكادر التعليمي ونوعيته أوضح علاونة على التعليم الجامع يقوم على تدريب مركزي لعدد من الكادر المطلول منه نقل ما تعلمه وخبرته وتدريب زملائهم المعلمين الاخرين ليصبحوا مؤهلين ويحملون فئة يتناسب مع تخصصهم سواء في الإرشاد أو من اصحاب الشهادات المناسبة من التربية الخاصة. وقـال: «على هذا الأسـاس يتم اختيار الكادر للتدريب، حيث يقع على عاتق فريق التدريب توصيل هذه الرسالة إلى الزملاء منسقي التعليم الجامع. الصعوبة تكمن في حال دخل طالب الاحتياجات الخاصة من الصف الأول إلى المدارس الحكومية لأنه من الصعب أن نحضر الطالب الكفيف إلى مدرسة المبصرين لأنه يحتاج إلى آلية معينة للقراءة وبالتالي يجب توفير كتب خاصة لتسهيل اندماجه بشكل صحيح وهنا نحن نخاطب وزارة التربية والتعليم لتوفير الكتب الخاص به، قال علاونة. ولكن ماذا عن الطلاب الصم والمكفوفين والية التعامل معهم؟ وهل الكادر التعليمي قادر على تدريس لغة الإشارة للطلاب؟ أو التواصل معهم باللغة التي يفهمونها؟ وفي هذا الاطار اشارت سحر مسعود مديرة مدرسة الحنان للصم التي تقع في جنين وتأسست عام{1975 {ويعمل بها مديرة وثماني عشرة معلمة من الكوادر المؤهلة والمدربة في مجال تعليم الصم وتقدم خدماتها لما يقارب 55 طالب يتلقون فيها التعليم الأكاديمي من الصف الأول وحتى الصف الأول ثانوي أدبي وتدرس منهاج التربية والتعليم الفلسطيني معتمدة على لغة الإشارة في توصيل المعلومة للطلاب. وقالت: «إن الأصم لا لغة له إلا لغة الإشارة ولهذا فهو بحاجة إلى نوعية معينة من التعليم تقوم على استخدام لغة الإشارة التعليمية والتواصلية واللجوء إلى الوسائل التكنولوجيا المختلفة». واضافت: «رغم ذلك فصعوبات عدة تواجه المدرسة منها إن الكادر التعليمي الذي يصل إلينا لا يكون مدربا أو مؤهلا أو مختصا بالتعامل مع الصم ولهذا يقع على عاتقنا مسؤولية تدريبه إما من خلال دورات معينة– وهذا محدود- أو أن تقوم المعلمات القدامى بتدريب ً بأنه يحتاج إلى الكثير من ً، علما المعلمات الجدد وهو الأكثر حدوثا ً على الطلاب. الوقت مما يؤثر سلبا وأضافت مسعود أن الــدورات المختصة بالصم ولغة الإشـارة في فلسطين غير كافية ولا يوجد في الجامعات الفلسطينية تخصص يختص بتعليم لغة الإشـارة، ولكن في السنوات الأخيرة تم فتح تخصص تربية خاصة يتناول هذا الجانب. وحول الدعم المادي الذي تتلقاه المدرسة قالت مسعود أن الكادر التعليمي مكون من 19 معلمة، 8 منهن فقط يأخذن الرواتب ً بان من وزارة التربية والتعليم والبقية من الجمعية الخيرية، علما الرواتب التي يتلقينها لا تناسب المجهود الكبير المبذول من قبلهن حيث لا يتعدى الراتب 200 دينار مع العلم إن منهن يحملن شهادة الماجستير!، وذلك بسبب العحز المالي وعدم الدعم الكافي من وزارة التربية والتعليم. ولكن كيف يصل الطلاب إلى هذه المدرسة كونها هي المدرسة الوحيدة المختصة بتعليم الصم على مستوى محافظة جنين إضافة إلى الأغوار الشمالية والقرى المحيطة بها؟ أوضحت مسعود أن المدرسة تتكفل بالمواصلات داخل مدينة جنين وإلى مواقف القرى خارج المدينة في الإياب أما في الصباح فهي مسؤولية الأهل. وأكدت دراسة «واقع المعاقين في المجتمع الفلسطينين» لوزارة الشؤون الاجتماعية أن من أهم الصعوبات التي تواجه ذوي الاعاقة وعدم وجود كادر مؤهل ومتخصص بقضايا التأهيل والعمل الأهلي المجتمعي نتيجة لترك العديد من المهنين لهذه المؤسسات والسفر الى الخارج للعمل هناك نتيجة تدني الاجور، إضافة إلى الموروث الثقافي والعادات والتقاليد والبيئة الاجتماعية الخصبة التي تعزز ً مفاهيم الشفقة والعطف وعدم التقبل للطفل المعاق تجعل منه رهنا للاعتقال الاسري والاجتماعية كذلك عجز الاسرة الفلسطينية عن تحمل مسؤولياتها لابنائها المعاقين في توفير احتياجاتهم الخاصة، بسبب الركود والفقر والوضع الاقتصادي الصعب تصبح الأسرة غير قادرة على توفير احتياجات المعاق، بالإضافة إلى معوقات في التنقل والمواصلات فحينما يضطر الكفيف والكفيفة استخدام سيارة الأجرة نجد أنهم يشعرون بالخوف وعدم الأمان لخوفهم من التعرض إلى أي نوع من أنواع الاستغلال أو السخرية أو عدم التأكد من معرفة المكان. المهمة الأصعب تعتبر الإعاقة العقلية من أهم التحديات التي تواجه عملية الدمج، فكيف لطالب يمتلك مقدرة عقلية لأول ابتدائي أن يتعلم وسط طلاب من الصف التاسع مثلا؟ اجبنا طارق علاونة أنهم في وزارة التربية والتعليم يتعاملون مع غرف المصادر لذوي الاحتياجات الخاصة وهذه تناسب الفئة التي تعاني من صعوبة في التعلم ، وهذه الغرف تساعدهم على تعلم عدد من المهارات وهناك كادر مؤهل لمتابعة هذه الحالات. ً على ارض الواقع لا يوجد في مدينة جنين الا مدرستان ولكن فعليا فقط تمتلكان غرف مصادر وهي المدرسة الماليزية ومدرسة يوسف الابتدائية اللتان تقعان في مناطق بعيدة عن مركز المدينة ما يصعب وصول الطلاب من هذه الفئة الى المدرستين. وهذا ما أكدته لنا مديرة مدرسة الأمل للتربية الخاصة، تغريد مساد، التي تأسست عام 1973 وتعتبر المدرسة الوحيدة في محافظة جنين التي تعنى بالأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة (ذوي الصعوبات الذهنية) حتى يتمكنوا من الاعتماد على أنفسهم من خلال برامج العناية بالذات ومن ثم دمجهم في المدارس إن أمكن. يتراوح عدد طلاب المدرسة 30 بين ذكور وإناث وأعمارهم بين (6- 16 (سنة ويتلقون خدمات التعليم لمبادئ القراءة والكتابة والتدريب على مهارات الحياة اليومية ومن هذه المهارات: المهارات الحسابية -الدينية-اجتماعية وبيئية- رياضية- فنية– ما قبل المهني، وتعمل إدارة المدرسة على ربط العلاقة بين المدرسة والأهل عن طريق الزيارات المتبادلة والمتتابعة. وقالت مديرة المدرسة تغريد مساد أن التعليم في المدرسة يمتاز بأنه تعليم فردي حيث يتم وضع خطة سنوية وشهرية لكل طالب تناسب قدراته، ويتم تقسيم الطلاب إلى مجموعات في كل مجموعة من (5-6 (طلاب يتلقون فيها تعليم مهارات مختلفة منها (لغة اتصال، حسابية، اجتماعية، عناية بالذات، دينية). وإيابا وأضافت مساد: «إن هناك حافلة مخصصة لنقل الطلاب ذهابا داخل مدينة جنين أما خارجها فهو مسؤولية الأهل وليس المدرسة». أمـا عن تأهيل كــادر المدرسة تقول مساد أن الـكـادر يتضمن تخصصات مختلفة من ضمنها خدمة اجتماعية وتربية طفل وعلم نفس وأخصائية نطق وتربية خاصة، كما ان الكادر المؤهل يشارك في الدورات التدريبية المتخصصة في الضفة و أحيانا يحصل على دورات متخصصة في الداخل المحتل. ولكن بالرغم من كل ما تقدمه المدرسة وتسعى إلى تحقيقه فانها تعاني من صعوبات شتى من ضمنها
الأثر النفسي لعملية الدمج.. تساءلنا ما الأثر النفسي لوجود طلاب ذوي الإعاقة في المدارس الحكومية غير المهيأة بشكل كاف فأجاب المستشار النفسي والمحاضر في الجامعة العربية الأمريكية، الدكتور وائل أبو الحسن قائلا: «لا شك قد يحزنهم ذلك ويشعرهم بالدونية و أنهم مختلفون عن أقرانهم خاصة في ظل غياب الرعاية والاهتمام بهم». وعن الظروف الواجب توافرها في هذه المدارس ومساعدة ذوي الإعاقة على التكيف قال: تحتاج إلى تأهيل من نوع خاص يلبي حاجات ذوي الإعاقة الخاصة، ولإعادة تصميم الساحات والممرات وغرف الدرس إضافة إلى دورات المياه، هذا ناهيك عن ضرورة توظيف أخصائيو تربية خاصة. وأكد أبو الحسن على الحاجة للمزيد من الدورات لتطوير الكادر التعليمي في مجال التعامل مع ذوي الإعاقة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر كيفية الاتصال والتواصل الفعال مع هؤلاء، ودورات تتعلق بتوليد الدافعية العالية والفاعلية في حال التعامل مع الإعاقة سواء الجسدية أو العقلية. وعن رأيه من الأفضل دمجهم في المدارس الحكومية أو فصلهم في مدارس خاصة، من ناحية تأثيره النفسي على ذوي الإعاقة أجاب أبو الحسن: أرى اهمية تخصيص مرحلة اولى للاعتناء بذوي الاحتياجات الخاصة ومن ثم ادخالهم في مرحلة تجسير مع القطاع الحكومي من خلال الاتصال والتواصل وتعزيز التفاعل التدريجي ما بين ما هو خاص وما هو عام. وأضاف وائل: هنالك مراكز تدريب وتأهيل تابعة للوزارة وغيرها من الوزارات كالشؤون الاجتماعية ووزارة الصحة الفلسطينية، يمكن الاعتماد عليها لبناء استراتيجية واضحة للتعامل مع هذه الفئة وتسهيل دمجها في المجتمع. دمج ولكن..! يـرى طـارق علاونة بأن الحق في التعليم للجميع والمساواة و ما يستدعي دمج هذه الفئة مع زملائهم لتعزيز شعورهم بانهم جزء من المجتمع وليس منعزلين ، كما ان طلبة الاحتياجات الخاصة يلجأون إلى المدارس الحكومية بعد الصف العاشر. واضاف: «على سبيل المثال فان مدرسة النور للمكفوفين يلتحقون بالمدارس الحكومية لانهاء التوجيهي وبالتالي هم يلتحقون بالمدارس الحكومية في مراحل متقدمة وبالتالي فان تسهيل اندماجهم مع بقية الطلبة من المراحل الاولى تكون عملية أكثر وتساهم في تحقيق الاهداف المنشودة. ولا تؤيد مديرة مدرسة الأمل للتربية الخاصة تغريد مساد، دمج طلبة ذوي الإعاقة العقلية في المدارس الحكومية لأنهم بحاجة إلى كادر مختص للتعامل معهم، وتوفير غرف مخصصة لهم ولاحتياجاتهم، ولكن مع الأسف هذه الإمكانية غير متاحة. وتابعت: «يجب الا ننسى أن عملية دمج طالب يعاني من إعاقة عقلية في صف مكون من 40 طالبا عملية صعبة لأنه لن يأخذ حقه في التعليم والاهتمام اللازم له، ولن يكون ضمن طاقة وقدرة المعلم أن يمنحه ما يستحق في إطار حصة صفية لا تزيد عن 40 دقيقة لعدد كبير من الطلاب! وتدعم تغريد مساد كلامها بان هنالك طلبة ذوي إعاقة عقلية كانوا في مدارس حكومية قبل لجوئهم إلى المدرسة الخاصة وتعرضوا لضغوط نفسية صعبة هم وأهلهم من قبل الكادر التعليمي والطلاب، لأن المجتمع غير واع بكيفية التعامل معهم، ولكن الأمر مختلف عندما يكون الطالب مع كادر يتفهم حالته وطلاب يشاركونه اهتماماته. وأضافت مساد أن الطالب ذوي الإعاقة العقلية لديه طموح ودافع ومهارات معينة ولكنه بحاجة لمن ينمي فيه هذه الطاقات فهو يكون قادر على التعلم ولكن بحاجة إلا تدريب خاص ونحن نبذل ما بوسعنا. وتؤيد تغريد مساد عملية الدمج في حال توفرت غرف مصادر او غرف منفصلة ومخصصة لهم وكادر مؤهل للتعامل معهم. في المقابل فان مديرة مدرسة الحنان للصم، سحر مسعود، ترى أن المدارس الحكومية غير مؤهلة بخدماتها وكادرها لتعامل مع الطلاب الصم. وقالت: «قمنا بتجربة حالتين ودمجهما مع المدارس الحكومية ولكننا لم ننجح لأن الكادر التعليمي غير قادر على توصيل المعلومة بلغة الإشــارة، ولم تكن عملية الدمج بكل ما تحتاجه من وسائل متوافرة، مع العلم أن مدرستنا سجلت لها حالات نجاح كبيرة في امتحان الثانوية العامة، لأننا نؤهل الطلاب لهذه المرحلة من خلال الاعتماد على تدريس لغة الإشـارة بقسميها التخاطبي (التواصلي)، واللغة التعليمية التي تصف مصطلحات المنهاج التدريسي للطلبة. أين الطريق بعد المدرسة؟ وترى مساد أن الإشكالية لدينا تكمن أين يذهب الطالب بعد ان التخرج من المدرسة؟ حيث تستقبل مدرسة الأمل للتربية الخاصة الطلبة من سن 6_13 للذكور، وبعدها لا تستطيع أن تقدم لهم المهارات التي تفيدهم مثل دورات النجارة مثلا أو الميكانيك لأن الكادر التعليمي جميعه من النساء وبالتالي ينقصنا وجود كادر يتقن هذه المهارات وقادر على تعليمها للطلبة. واضافت: «لكن مع الأسف لا نستطيع توفيره لمحدودية الدعم المادي وصعوبته، إضافة إلى وجود نقص في كادر مختص بالعلاج الوظيفي والطبيعي»، موضحة أن المدرسة تستقبل الفتيات لغاية بلوغوهن سن 18 وتقدم لهن تعليم مهارات يدوية مثل التطريز ومهارات منزلية وغيرها. محدودية المدارس الخاصة لذوي الإعاقة وانحسارها في ثلاث مدارس في محافظة جنين تستقبل حالات عديدة من محافظات ومناطق أخرى، إضافة إلى صعوبة الوصول إليها لطلاب خارج المدينة مع وجود مدارس حكومية غير مهيأة بشكل كاف للتعامل مع بعض حالات الإعاقة؟ سؤال يطرحه الطلبة ذوو الإعاقة ليبدؤوا ويكملوا ً عن وحدة هبة! مسيرتهم التعليمية بعيدا وحسب نص المادة (10 (من قانون رقم (4 (لسنة 1999م بشأن حقوق المعوقين، فان وزارة الشؤون الاجتماعية تتولى مسؤولية التنسيق مع جميع الجهات المعنية للعمل على رعاية وتأهيل المعوقين في المجالات الآتية منها، مجال التعليم حيث تعمل من اجلـ ضمان حق المعوقين في الحصول على فرص متكافئة للالتحاق بالمرافق التربوية والتعليمية وفي الجامعات ضمن إطار المناهج المعمول بها في هذه المرافق، توفير التشخيص التربوي اللازم لتحديد طبيعة الإعاقة وبيان درجتها، وتوفير المناهج والوسائل التربوية والتعليمية والتسهيلات المناسبة، وتوفير التعليم بأنواعه ومستوياته المختلفة للمعوقين ً لتعليم المعوقين كل بحسب احتياجاتهم، وإعداد المؤهلين تربويا حسب إعاقته. اما في مجال التأهيل والتشغيل فان الوزارة تعمل على، إعداد كوادر فنية مؤهلة للعمل مع مختلف فئات المعوقين، ضمان حق الالتحاق في مرافق التأهيل والتدريب المهني حسب القوانين واللوائح المعمول بها وعلى أساس مبدأ تكافؤ الفرص وتوفير برامج التدريب المهني للمعوقين، وإلــزام المؤسسات الحكومية وغير الحكومية باستيعاب عدد من المعوقين لا يقل عن 5 ٪ من عدد العاملين بها يتناسب مع طبيعة العمل في تلك المؤسسات مع جعل أماكن العمل مناسبة لاستخدامهم، وتشجيع تشغيل المعوقين في المؤسسات الخاصة من خلال خصم نسبة من مرتباتهم من ضريبة الدخل لتلك المؤسسات.
مواضيع ذات صلة