بشير حنني.. من المعول والفأس إلى أحد أكبر المقاولين في الوطن
حياة وسوق - رومل السويطي- هناك بين ظهرانينا من يتميزون بالصبر على البلاء، والإصرارِ على الوقوفِ بعد كلِّ عثرةٍ، غالبيتُهمْ من الذين لا يسألونَ الناسَ إلحافاً، كلُّ واحدٍ منهم يواجهُ بكفهِ الخشنِ، المخرزَ بكل أنواعه، سواء أكانَ مخرزَ الاحتلالِ، أم مخرزَ الفقرِ، أم مخرزَ الاستغلال.
شخصية هذا العدد من "يوميات عامل"، عمل وكافح في ظروف عصيبة، بدأ مسيرة نجاح بيديه دون الاكتراث بتعليقات الناس، فحمل المعول وحفر بنفسه الشبكات الصحية، وهو الحاصل على بكالوريوس في الأدب الانجليزي من جامعة بيت لحم. تعرض للعديد من العثرات، إلا أنه لم يستسلم، واستمر في محاولاته، حتى أصبح صاحبا لإحدى أكبر الشركات الفلسطينية على مستوى الوطن، إنه مدير شركة برذرز للمقاولات ومقرها الرئيسي في نابلس الأخ بشير حنني "ابو راشد" والعضو المنتخب في غرفة تجارة وصناعة نابلس ونائب رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين المنتخب.
ويبدأ حنني حياته العلمية في مدارس بلدته بيت فوريك، حيث تلقى علومه الابتدائية والثانوية، وبعد نجاحه في "التوجيهي" في مدرسة قدري طوقان بمدينة نابلس، التحق بكلية الآداب في جامعة بيت لحم ليدرس الأدب الانجليزي، وفي سنته الثالثة اعتقلته سلطات الاحتلال وحكمت عليه عشرين شهرا، ليخرج بعد ذلك ويكمل دراسته.
ويعزو حنني الفضل فيما هو فيه بعد الله تعالى الى جهد وكفاح والده الذي عمل ليل نهار في مجال المقاولات البدائية الى جانب الزراعة، الذي أصبح مضربا للمثل في كفاحه وصبره، ويفخر أمام أصدقائه دائما بوالده وما له من دور بارز في نجاحه، ويحمل حنني معه في كل مفصل من مفاصل مشواره تجربة والده وصبره، وبضمن هذه المفاصل دراسته في جامعة بيت لحم، حيث تحمل الظروف القاسية التي رافقت الدراسة التي من بينها اعتقاله في سجون الاحتلال.
بعد تخرجه من الجامعة، حاول البحث عن وظيفة للعمل بتخصصه الجامعي، وفي العام 1990 تمكن من الحصول على وظيفة مدرس في كلية نابلس الجامعية المتوسطة، واستمر في العمل لمدة ثلاثة شهور فقط، بسبب قيام سلطات الاحتلال بإغلاق الكلية على خلفية أحداث الانتفاضة، ليبدأ البحث عن عمل آخر.
لم يكن هناك ملاذ لحنني سوى والده، حيث بدأ العمل الى جانبه في مجال المقاولات البسيطة، وتنفيذ بعض المشاريع من بدايات سنة 1990 ولغاية 1995، جنبا الى جنب مع والده وشقيقه "شهير"، ولا يزال حنني يفخر حتى الآن بأنه كان يحمل المعول والفأس ليحفر شبكات الصرف الصحي بنفسه، ولم يثنه الحر الشديد ولا البرد القارس عن مواصلة العمل ليل نهار، وعلى مدار الساعة، مما كان له أكبر الأثر في صقل شخصيته العملية ورزانة تفكيره وقوة شخصيته.
ومع بداية العام 1999 كان التحول الأكبر وقطف ثمار الصبر، حيث تم تأسيس شركة برذرز للمقاولات التي أصبحت لاحقا إحدى أهم شركات المقاولات على مستوى الوطن.
ويبدأ بشير حنني الى جانب شقيقه شهير بتنفيذ مشاريع كبرى بعشرات ملايين الدولارات، ومنها مشروع مدخل نابلس الغربي المحاذي لقرية بيت ايبا "شارع الرئيس محمود عباس"، ومشروع شبكات مياه لحوالي أحد عشر بلدة وقرية في جنوب وشرق نابلس، وشارع حوارة الرئيسي، ومشاريع أخرى لا تقل أهمية عن هذه المشاريع في كافة أنحاء فلسطين، وقد حصلت الشركة على العديد من الشهادات التي تؤكد على تميزها في الجودة والانضباط.
ويتخلل عمل حنني الكثير من المواقف التي تعكس حرصه على موظفيه وعماله البالغ عددهم حوالي مئة وخمسين موظفا وعاملا، فيحرص على التعامل معهم كأسرة واحدة، منطلقا في ذلك من حقيقة أنه كان في يوم من الأيام مثلهم، الى جانب أن المدير الناجح يجب عليه أن يكون حريصا الى أبعد حد في توفير احتياجات الموظف، ولذلك فليس غريبا ألا تسمع شكوى من موظف أو عامل في شركة برذرز.
ولأهمية قطاع المقاولات على عصب الاقتصاد الفلسطيني ووجود حوالي 390 شركة مقاولات في الضفة الغربية، وحوالي 280 شركة في قطاع غزة التي تشكل في مجموعها اتحاد المقاولين الفلسطينيين، فهو يشكل ما نسبته 20% من الاقتصاد الفلسطيني كما أنه اكبر قطاع تشغيلي، وحسب رؤية حنني بصفته نائبا لرئيس اتحاد المقاولين وممثلا للقطاع الخاص، فإنه يحرص على أن تكون علاقته مع القطاع العام علاقة تكاملية، مبنية على الثقة والتعاون المشترك بين الطرفين وأن يكون العمل بينهما مبنيا على مبدأ الشراكة، وهذا ما يحرص حنني الى جانب زملائه على تحقيقه.
ولا يقتصر توجه حنني على العمل في القطاع الخاص، حيث توجه الى العمل العام من خلال الترشح لغرفة تجارة وصناع نابلس قبل نحو أربع سنوات، ليفوز مع عدد من زملائه ويكون احد أعضاء مجلس إدارة الغرفة الذين لهم دور ملموس في خدمة القطاع التجاري والصناعي، وقبل نحو شهر يدخل انتخابات اتحاد المقاولين الفلسطينيين، ويفوز كذلك الى جانب عدد من زملائه، واختياره نائبا لرئيس الاتحاد، منطلقا من إيمانه الشخصي بعدم التردد في العمل العام ضمن التخصص وليس بعيدا عنه.
ويعتبر حنني الظروف التي يعيشها الفرد الفلسطيني أو المؤسسة الفلسطينية على اختلاف تخصصاتها، إنما هي ظروف قاسية ومعقدة، لكن أمام هذه التحديات، لا بد لهذا الفرد وتلك المؤسسة، أن يكون لديها تصميم على النجاح، والحذر من الإحباط أو اليأس، من خلال التواصل مع كافة أسباب النجاح.
مواضيع ذات صلة