عاجل

الرئيسية » اقتصاد » الاكثر قراءة » عناوين الأخبار » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 13 آذار 2016

صافي الإقراض.. استحواذ و"سلبطة" على المال العام

بعض البلديات تأخذ أموال الجباية وتستفيد منها في مشاريع، وهذا تجاوز للقانون

حياة وسوق - ميساء بشارات
في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الأقطاب عن وجود أزمة مالية وشيكة، تعود قضية صافي الاقراض تطفو من جديد على السطح، بما تشكله من معضلة عصية على الحل الجذري كما يتحدث مسؤولون ومحللون.
وتعود هذه المشكلة إلى تخلف بعض الأطراف مثل الهيئات المحلية وشركات توزيع الكهرباء ومصالح المياه في الضفة وقطاع غزة، عن دفع الفواتير لصالح الجهات الموردة بشكل أساسي، وهي الشركات الإسرائيلية القطرية، ما يشكل ديونا ومستحقات تتحول فيما بعد لما أطلق عليه "صافي الإقراض".
ويؤثر صافي الإقراض على الموازنة العامة بشكل ملحوظ، وفق وزارة المالية: "حيث يخفض صافي الإقراض من قيمة الإيرادات ويزيد العجز، في الوقت الذي تعمل المالية على تخفيضه ضمن سياسة متبعة، وقد أتت بنتائج لكنها ليست المطلوبة".
فيما يرى محللون اقتصاديون استحالة حل هذه المعضلة بالطرق المعمول بها حاليا، في الوقت الذي تستمر فيه بعض البلديات والهيئات المحلية بالتعامل المباشر مع الشركات القطرية المقدمة للخدمات خاصة الكهرباء، والتي لا تملك القوة والإرادة لجباية المستحقات على المواطنين، في الوقت الذي من المفترض تحويل القضية لشركات توزيع محلية تعمل وفق القانون كما متعارف عليه.
ويسمى الفارق بين فاتورة الاستهلاك الكلي للمواطن، وما تم دفعه من أموال من قبل الهيئات المحلية وشركات التوزيع، والذي يخصم من عائدات الضريبة بصافي الإقراض، والذي أصبح عبئا على الموازنة العامة.
وتعود هذه المشكلة إلى عدم قيام بعض الهيئات الخدمية كالمجالس المحلية وشركات توزيع الكهرباء ومصالح المياه في الضفة وغزة بدفع الفواتير للجهات الموردة لخدمات الكهرباء (من شركة الكهرباء القطرية الاسرائيلية) والمياه (لشركة ميكوروت الإسرائيلية)، وخدمات تصريف المجاري. 
وتقوم إسرائيل بخصم قيمة هذه الفواتير من إيرادات المقاصة التي تحول إلى وزارة المالية الفلسطينية، فيما لا تقوم الأخيرة بتحصيل هذه المبالغ من الهيئات المدينة بها.
واستهلك منذ عام 2003 ولغاية 2014 اكثر من ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار، او ما يعادل 14 مليار شيقل، وبلغ معدل نسبة صافي الإقراض من اجمالي نفقات الموازنة العامة (11.31%) على مدار الاثني عشر عاما الماضية.
وتحول معظم خدمات البلديات كالكهرباء والماء الى نظام الدفع المسبق، ما يعني التزام معظم متلقي الخدمات بدفع فواتيرها، إلا أن النتائج الفعلية لصافي الإقراض ما زالت ترصد فجوة كبيرة بين المقدر والحقيقي، لعدم تحصيل وزارة المالية بدل قيمة ما تخصمه اسرائيل من المقاصة لصالح الهيئات المحلية عوضا عن خدمة الكهرباء والماء والمجاري.

الجدول حسب الفريق الأهلي لدعم شفافية الموازنة العامة

فجوة ضخمة بين صافي الإقراض المقدر والحقيقي
في عام 2014، قدرت وزارة المالية صافي الإقراض بمبلغ (600) مليون شيقل، ولكن في الواقع تم دفع  اكثر من مليار شيقل (1.022 مليار)، أي بزيادة عن المقدر بنسبة (170%)، وقدرت وزارة المالية صافي الإقراض في موازنة عام 2015 بـ(800) مليون شيقل، بنسبة زيادة قدرها (33.3%) عن المقدر في موازنة العام 2014، ولكن في الواقع كان الانفاق الفعلي حتى تاريخ 30/11/2015، اكثر من مليار شيقل أيضا (1.073 مليار)، خلال (11) شهرا من عمر موازنة عام 2015، وبمعدل شهري بلغ (97.58) مليون شيقل، وبناء على هذا فان صافي الإقراض سيزيد في نهاية عام 2015 على مليار ومئة وسبعين مليون شيقل.
وقدر صافي الإقراض في موازنة عام 2016، بـ(850) مليون شيقل، لكن من المتوقع ألا يختلف هذا العام عما سبق إن لم يتم اتخاذ أجراءات لتصحيح الوضع، وذلك حسب بيانات عن الفريق الاهلي لدعم شفافية الموازنة العامة.

 

"سلبطة جماعية"

واعتبر مدير البحوث في معهد "ماس" د. سمير عبد الله ان صافي الإقراض هو المصطلح المحسن لما وصفه بصافي الاستحواذ و"السلبطة" على المال العام، خلال ندوة عقدها الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة "أمان"، مشيرا إلى أن هذه الحلقة تبدأ من منتج الخدمات (الماء والكهرباء) مرورا بالموزعين (شركات أو بلديات) انتهاء بالجمهور الذي يتهم انه لا يقوم بدفع ما عليه، لتقوم اخيرا الشركة الاسرائيلية المقدمة للخدمة بالمطالبة بخصم قيمة هذه الخدمات من فاتورة المقاصة. 

وأكد عبد الله أن هذا البند في حال مراجعته وحله الذي يحتاج إلى ارادة سياسية سيوفر لصالح الخزينة ما قيمته 80% من قيمة العجز الحالي.
ويتفق الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة بيرزيت د. عادل الزاغة، مع عبدالله مؤكدا ان الشركات المحتكرة لخدمات الماء والكهرباء لا تحظى بالدعم الحكومي الكافي، فضلا عن تخلف بعض البلديات وهيئات الحكم المحلي عن قيامها بوظيفة الجباية الخاصة بهذه الخدمات.
وشدد الزاغة على أن الحكومة لا تقوم بترتيب الأولويات بحيث أن الجزء الأعظم من صافي الإقراض والذي يخصم من المقاصة يذهب للكهرباء والمياه، واصفا واقع الحال بمحاولة "سرقة المال العام" بحجة عدم المقدرة على الدفع لعدد من المناطق الجغرافية منتقدا سياسة الحكومة في معالجة صافي الإقراض بتحميل الهيئات المحلية عبئا يؤدي الى اضعاف اللامركزية المالية التي تعاكس سياسة الحكومة المعلنة بتعزيز اللامركزية الاقتصادية.

 

عدم قدرة المشتركين على الدفع تفاقم صافي الإقراض


يقول رئيس بلدية قلقيلية عثمان داوود إن ديون الكهرباء تراكمت على البلديات بسبب عدم قدرة المشتركين على الدفع لفترات طويلة، ما أدى إلى انخفاض نسبة الجباية، وعدم قدرة البلدية على دفع فاتورة الاستهلاك كاملة للقطرية الإسرائيلية، وبالتالي خصم ما تبقى من فاتورة الاستهلاك غير المسددة للقطرية الإسرائيلية من أموال المقاصة الفلسطينية وبالتالي زيادة صافي الإقراض.
ويضيف داوود أن البلديات متعاقدة مع شركة الكهرباء القطرية الإسرائيلية بشكل مباشر، وتقوم بدفع ما تجبيه لها مقابل الخدمة التي تتلقاها عن الكهرباء، إلا أن عدم الجباية بشكل كامل من المواطنين بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة، جعلت البلديات مدانة للشركة القطرية. 
ويشرح داوود أن بلدية قلقيلية، تقوم بالجباية من المشتركين الذين يتلقون خدمات الكهرباء وغيرها، على أن تسديد فاتورة استهلاكهم للقطرية الإسرائيلية بشكل مباشر، لكن بعض المشتركين يتخلفون عن الدفع، ما يحدث فرقا بين فاتورة الاستهلاك والأموال التي من المفترض تسديدها، الأمر الذي يؤدي إلى اقتطاع إسرائيل الفارق من المقاصة الفلسطينية العائدة لوزارة المالية، ما يجبر الأخيرة على جدولة هذه الأموال التي اقتطعت من المقاصة على البلديات التي تقوم بالجباية من المواطنين.
ويتابع أن بلدية قلقيلية تدفع جزءًا من فاتورة الاستهلاك وهو ما تقوم بجبايته من المشتركين، والباقي تدفعه السلطة وهو ما يسمى الموازنة العامة "صافي الإقراض".
وينوه داوود إلى أن مؤسسات السلطة الوطنية المشتركة بالكهرباء داخل حدود البلدية أيضا لا تلتزم بالدفع، إضافة إلى مشتركين آخرين لا يستطيعون الدفع بسبب الوضع الاقتصادي السيئ، كما أن المخيمات لا تدفع تكاليف الكهرباء بسبب الوضع السياسي المعروف. 
وبسبب تراكم الديون وزيادة صافي الإقراض في كل عام، رأت الحكومة أن الحل المناسب للالتزام بالدفع هو العدادات مسبقة الدفع، لإلزام المشتركين بدفع ما يستهلكون وجزء من ديونهم المتراكمة عليهم في السابق.
وتتم التسوية بين البلديات ووزارة المالية عن طريق خصم ديون البلديات من مستحقاتها المترتبة على الحكومة والمتمثلة في ضريبة الأملاك، والحركة على الطرق والتي تذهب 90% منها لصالح البلديات، و10% منها لصالح الحكومة، من قيمة ما تستهلكه مؤسسات الحكومة من الكهرباء والماء والخدمات الأخرى، والمبلغ المتبقي على البلديات الذي اقتطعته إسرائيل، يتم جدولته كديون على البلديات يتم دفعها على فترات.
وفي العدادات مسبقة الدفع يتم تسديد من 10 – 15% من كل شحنة يشحنها المواطن لتدفع للحكومة وهي الديون المترتبة على المواطن.
ويقول داوود إن إسرائيل تمارس علينا الابتزاز من خلال صافي الإقراض، فالبلديات لا يوجد لها قدرة على الخصم من السلطة، والأخيرة لا يوجد لها قدرة على الأخذ من البلديات، فالجزء المتبقي من فاتورة الاستهلاك على البلديات تطالب إسرائيل الحكومة الفلسطينية بدفعه.
ويضيف أنه يتوجب على المواطنين الايفاء بالتزاماتهم والدفع أولا بأول حتى لا تجد سلطات الاحتلال ذريعة لابتزاز الحكومة الفلسطينية ويحققوا مكاسب دولية أو سياسية.
ويشير داوود إلى أن بلدية قلقيلية تستخدم أكثر من 95% عدادات مسبقة الدفع، وهو ما أثر على الجباية بشكل إيجابي، بفارق 15%، وهي ديون سابقة على المواطن، إضافة إلى التزام المواطنين بدفع استهلاكهم الحالي.
وحول عقوبة المواطن المتخلفين عن التسديد، يقول داوود: "هناك قانون يقضي بعدم قطع الكهرباء عن المواطنين من ناحية أخلاقية ومسؤولية وطنية".

سبب الفجوة ما بين المقدر والحقيقي

وعن سبب الفجوة ما بين صافي الإقراض المقدر والحقيقي، يقول المدير العام لدائرة الميزانية العامة في وزارة المالية فريد غنام، إن المالية تضع مبلغا أقل من الحقيقي كاستهداف من أجل تخفيض صافي الإقراض، "ونحن نبذل قصارى جهدنا لنخفض صافي الإقراض، والعمل على عدم حجز الجانب الإسرائيلي من أموال المقاصة أكثر من اللازم".
ويضيف غنام: "ما يرصد بالموازنة التقديرية، يأتي الحقيقي أكبر منه، لنصل إلى هدفنا كسياسة عامة فيما يتعلق بالأرقام المستهدفة".
ويوضح أن إسرائيل تخصم المبلغ الفعلي، لكن المالية تضع مبلغا مقدرا لتلزم الحكومة بذلك شركات التوزيع بالدفع مع المالية بالوقت المحدد، لأن المالية غير قادرة على الاستمرار في الدفع عن البلديات وشركات التوزيع مبالغ كبيرة، مشيرا إلى أن المالية تضع سياسات معينة لخفض صافي الإقراض كل عام عن العام الذي سبقه.
وأكد غنام أن هذه المبالغ المقدرة هي عبارة عن سياسات مستهدفة، وعلى أساس أنها عبارة عن موعد نهائي للدفع من قبل الشركات والحكومة والبلديات.
ودعا البلديات وشركات توزيع الكهرباء، لدفع ما يترتب عليها، حتى لا تجد إسرائيل حجة للقطع من إيرادات الحكومة". 

مطالبات بدفع الهيئات المحلية وشركات الكهرباء بدفع ما عليها
ويشير غنام إلى أنه يتوجب على شركات توزيع الكهرباء والبلديات الالتزام بدفع ما يترتب عليها من ماء وكهرباء ومجاري، وأن تلتزم بذلك لأنها هي من تحصل من المواطنين الأموال، وهي المفروض أن تتدبر أمورها، ومن يترتب عليها تحصيل الاستحقاقات من المواطنين وليس وزارة المالية.
ويوضح غنام أن صافي الإقراض شهد تحسنا كبيرا خلال الأعوام الأخيرة، لكنه دون المستوى المطلوب، والتحسن يعود لوجود سياسات تحفيزية تطبق، ودعم البلديات ووجود عدادات مسبقة الدفع التي وضعتها المالية دون أي مقابل من شركات التوزيع، إضافة إلى مشاريع أخرى هدفها خفض صافي الإقراض.
وحول معاقبة المتخلفين عن الدفع من شركات التوزيع والبلديات، يقول غنام: "هناك واجب أخلاقي على الحكومة فلا تستطيع أن تقول للجانب الإسرائيلي إن لم تدفع أي شركة ما عليها من ديون أن تقطع الكهرباء عنهم".
ويشير إلى أن هناك رقابة وتحفيزا للشركات الملتزمة بالدفع، وأن الحكومة لا تستطيع التخلي عن مسؤوليتها أخلاقيا وعمليا، وقطع الكهرباء عن الشركات التي لا تلتزم بالدفع.

التسويات بين المالية والبلديات
ويبين غنام أن التسويات ما بين وزارة المالية والبلديات والشركات الموزعة للكهرباء تتم عن طريق اقتطاع إيرادات البلديات المتوجبة على الحكومة وخصمها، وإن بقي عليها مستحقات للمالية تسجل كديون.
ويضيف أن هناك مستحقات للبلديات في وزارة المالية، كإيرادات، متمثلة برسوم أو غرامات ما يسمى السير على الطرق، وحسب القانون فإن حوالي 50% من الغرامات التي تحصلها وزارة النقل والمواصلات ورسوم الطرق تذهب إلى البلديات وكل بلدية تأخذ مبلغا حسب عدد سكانها وفقا لوزارة الحكم المحلي.
ويشير غنام إلى أن هناك جزءا من إيرادات البلديات لدعم البلديات والطرق ودعم المؤسسات المحلية، وتتم التسوية من المبالغ المستحقة للبلديات من وزارة المالية، وفي حال لم تكن مستحقات البلديات كافية للخصم من ثمن الكهرباء والماء والمجاري فإنه يتم تسجيل المبالغ المتبقية كديون على البلديات.

إسرائيل تخصم ديون البلديات من المقاصة
من جانبه، يقول وكيل وزارة الحكم المحلي محمد حسن جبارين: "إن بعض البلديات تقوم بالجباية من المواطنين، والدفع للشركة القطرية الإسرائيلية، وما تبقى من مستحقات للأخيرة تقوم بخصمها من الحكومة الفلسطينية، والسلطة تعمل مقاص بينها وبين البلديات التي لا تلتزم بالدفع".
ويضيف جبارين: "أن بعض البلديات تأخذ أموال الجباية، وتستفيد منها في عمل مشاريع أخرى للبلدية، وهذا تجاوز للقانون".
ويوضح أن الحكومة تطالب البلديات بدفع ما عليها، وتقوم بعمل جدولة على الديون من أجل تحصيلها، مشيرا إلى أن معظم الديون هي ديون تراكمية سابقة، وحاليا نسبة كبيرة من المواطنين يلتزمون بالدفع.
ويقول جبارين إن البلدية غير الملتزمة بالجباية، وضع عليها مراقب مالي، بحيث تتحسن لديهم الجباية ويلتزموا بالدفع 100%، وتم التفاهم مع مجموعة من البلديات على ذلك، لكن الوزراة لم تتخذ أي اجراء آخر مثل فصل الهيئات المتخلفة عن الدفع، أو إقالتها.
ويمنع المراقب المالي البلدلية المتخلفة عن الدفع من صرف الأموال إلا حسب بنود الموازنة المقرة لها، كما أن هناك تشديد من قبل الوزارة على دفع الفواتير المسبقة وجدولة الديون.
ويشير إلى أن بعض موازنات الهيئات المحلية مرتبطة بدفع الفواتير المتراكمة عليها، كما أن هناك جزء من البلديات غير مصادق على موازناتها لأنها غير ملتزمة بدفع الفواتير.

الحل لتقليل صافي الإقراض
من ناحيته، يقول مدير عام الموازنات في الهيئات المحلية موسى غيث، إن الحل الوحيد لتقليل صافي الإقراض هو التزام الهيئات المحلية بالدفع، منوها إلى أن الجباية لا تقوم بها جميع البلديات بل بعضها، وإن جزءا كبيرا من البلديات ليس لها علاقة بمشروع الكهرباء أو المياه، وهذا حسب إرث قديم.
ويرجع غيث سبب تخلف البلديات عن الدفع، إلى وجود نفقات تشغيلية لديها وأجور ورواتب، لذلك لا تلتزم التزاما دقيقا في دفع فواتير الكهرباء والمياه والمجاري، لأن إيراداتها تعتبر قليلة وما يجبونه من الناس لا يكفي. 

الهيئات المحلية الكبيرة اكبر المساهمين في صافي الإقراض
من جانبه، يقول نائب رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم: " لا توجد لشركات توزيع الكهرباء إلا الحقوق التي لها علاقة بالكهرباء، بينما الهيئات المحلية تشمل التسوية ضريبة الأملاك والنقل على الطرق ومستحقاتها لدى وزارة المالية".
ويضيف ملحم: "أن الهيئات المحلية الكبيرة هي أكبر المساهمين في صافي الإقراض". 
وتقوم سلطة الطاقة بالتدقيق على ايرادات الكهرباء والجباية، ونتيجة الفارق في الجباية والاستهلاك وعدم التزام البلديات بدفع الفواتير تم تعيين مراقبين ماليين على بعض شركات التوزيع وبعض البلديات.
ويشدد ملحم على ضرورة تطبيق قانون الطاقة الكهربائية أو القانون العام للكهرباء، وانتظام جميع الهيئات المحلية إلى شركات توزيع حتى تتمكن الحكومة من تنظيمها ومراقبتها حسب القانون، وهناك اجراءات لتحسين الفاقد الفني في شركات التوزيع، إضافة إلى توزيع عدادات مسبقة الدفع لضمان الجباية، واجراءات لحل التجمعات السكانية الممتنعة عن الدفع عن الاستهلاك الكهربائي، وتفعيل القضاء للنظر والبت في القضايا التي لها علاقة بالكهرباء.
ويوضح أن أكبر تجمعات غير ملتزمة بالتسديد هي المخيمات التي لها وضع خاص، ويقول: "اننا بحاجة إلى وضع حلول خلاقة للجباية من هذه المناطق وإلزامها بدفع فواتير الكهرباء، وبرمجة الدعم الذي تحظى به هذه المناطق من خلال سياسات الحكومة، والتي يجب ألا تكون على حساب الكهرباء لأنها تؤثر على الخدمة العامة للمواطنين".
وفي السياق ذاته، يشير مدير شركة كهرباء الشمال يوسف القرم، إلى أن العلاقة بين شركة الكهرباء الفلسطينية والقطرية الإسرائيلية مباشرة، ولا يوجد وسيط بينهما لتسديد فواتير الاستهلاك، وهناك ديون بشكل دوار بينهما نتيجة التعامل المفتوح.
وينوه إلى أن نسبة العدادات مسبقة الدفع في محافظة نابلس تجاوزت الـ85%، وهي سياسة ناجحة للجباية عن الكهرباء.

ثلاثة أطراف هي المسؤولة عن صافي الإقراض


من جانبه، يقول المحلل الاقتصادي د. بكر اشتية :" يوجد مستحقات ومتأخرات على البلديات ومؤسسات السلطة للجانب الإسرائيلي عوضا عن خدمات (المياه أو الكهرباء أو المجاري أو البنى التحتية)، وتقوم إسرائيل باقتطاع المتأخرات المتراكمة على البلديات وشركات توزيع الكهرباء، من أعوام سابقة من ميزانية العام الحالي، إضافة إلى فواتير هذا العام".
ويؤكد اشتية أن إسرائيل تقتطع عن العام الحالي وجزءا من المتأخرات عن الأعوام السابقة لذلك يزاد صافي الإقراض كل عام.
وحول صافي الإقراض المقدر الذي تضعه السلطة بداية كل عام في موازنتها يقول اشتية: "السلطة تتوقع أن الجباية والتحصيل من المؤسسات سيزداد، لكن نسبة التحصيل تكون أضعف بكثير من توقعاتها دائما".
ويرجع د. اشتية مشكلة صافي الإقراض إلى ثلاثة اطراف هي: شريحة من المواطنين غير الملتزمين والمستهترين بدفع فواتيرهم، وعدم وجود قوة تنفيذية للجباية، ووجود مناطق حساسة لا تلتزم بالدفع مثل المخيمات، ووجود ما يبرر لها عدم الالتزام بالدفع، إضافة إلى تحمل البلديات جزءا من صافي الإقراض ومؤسسات الحكم المحلي التي لا يوجد لديها ضبط كافي للجباية، والمطالبات فيها محدودة جدا نتيجة لأوضاع سياسية او انتخابية او حزبية.

تغاضي عن الجباية لمصالح شخصية وحزبية
ويوضح اشتية أن ما يحدث في البلديات عند الانتخابات، ولضمان قائمة معينة مرشحة لفوزها في الانتخابات، يخرجون علينا فيما يسمى بالدعاية الانتخابية من خلال عدم اجبار بعض المشتركين بالالتزام بالدفع ويتم التغاضي عنهم، من أجل استجداء الأصوات من خلال عملية التراخي في الجباية وعدم الالتزام بالدفع.
ويرى أن الطرف الثالث متعلق بمؤسسات السلطة الرسمية، التي لا توجد لديها نية حقيقية لتخفيض هذا البند.
ويشك اشتية بوجود حل لهذه المشكلة، لأن الحل بقطع الكهرباء عن المناطق غير الملتزمة بالدفع سيصطدم مع شرائح واسعة من غير الملتزمين.
ويرى انه يجب أن يكون هناك حملات توعية تشترك فيها هذه الأطراف الثلاثة، من مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل مع المواطن ومؤسسات الحكم الحلي تعمل مع البلديات والمجالس القروية وورش عمل وتوزيع مهمات. 
ويشير إلى أن صافي الإقراض يكون دائما على حساب الملتزمين بالدفع وهو ظلم للبعض، وهو ديون وعبء على الأجيال المقبلة، والموازنة العامة.
ويقول إنه يجب أن يشعر الملتزم بالعدالة مع الآخرين، وأن الآخرين سيدفعون مثله، لذلك يجب تعميم تجربة العدادات مسبقة الدفع على جميع المشتركين.