عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 19 شباط 2016

الشهداء الثلاثة (3): الشهيد أحمد أبو الرب.. طريق البلاد مقدسية

هذه ثلاثيّة عن شهداء بلدة قباطية الثلاثة: الشهيد أحمد ناجح زكارنة، والشهيد محمد أحمد كميل، والشهيد أحمد ناجح أبو الرب، منفذي عملية "باب العامود" في القدس المحتلة يوم الأربعاء 3/2/2016، التي قُتلت خلالها مجندة من قوات الاحتلال وأصيبت أخرى بجروح خطيرة. "الحياة الجديدة" تروي الحكاية من هناك بالصوت والصورة.

........................................................................................................

قباطية- جنين- الحياة الجديدة- أمل دويكات- بعد انتهاء صلاة الجمعة، يتوجه أحمد نحو المقبرة بحثاً عن قبر الشهيد أحمد، يجلس عند القبر ويقرأ الفاتحة ثم يغادر.

 هذا ما يحدث كل يوم جمعة منذ استشهاد الفتى أحمد عوض أبو الرب برصاص الاحتلال عند حاجز الجلمة، إذ تعلّق قلب أحمد ناجح أبو الرب بصديقه ولم يعد يفارق شيئاً يذكره به.

عاد أحمد ذات مرة إلى المنزل سائلا إحدى شقيقاته عن إمكانية استنبات ورود في تربة خاصة كي يضعها عند قبر صديقه. زُرعت الورود وبعد أن نجحت وأطلقت أزهارها لم يعد أحمد موجوداً هناك ليأخذها إلى قبر الشهيد، لأن أحمد كان قد التحق بركب الشهداء.

وُلد أحمد ناجح أبو الرب عام 1995، لأسرة هو أكبر ولدين ذكرين فيها وله ست شقيقات، عَمِل مزارعاً في بلدته قباطية، فأحب الأرض التي علمته حب وطنه ومقدساته.

تمتّع أحمد باهتمام شقيقاته الست، واعتنائهن بكافة تفاصيل حياته وشؤونه الخاصة، ورغم ذلك كان أحمد أخاً طيّباً هادئاً لا يثقل على كاهل أحد، وتصف شقيقاته غرفته بأنها "مرتبّة دائماً".

وبما أن أحمد هو أكبر الشقيقين اللذين وهبهما الله لأم أحمد، فقد كان يدور حديثها معه أكثر من مرّة حول بناء بيت جديد له، تمهيداً كي "يخطب بنت الحلال"، وهذا ما يشغل بال كثير من الأمهات، خاصة عندما يكون الابن هو "أول الفرحة" وفق المصطلح الدارج في المجتمع الفلسطيني. إلا أنّ أحمد لم يكن يستجيب بحماسة الشبان المعتادة، ويرد أمّه عادةً بكلمات مثل "ما بفكر بالموضوع حالياً".

ومنذ اندلاع أحداث الهبّة الشعبية مطلع تشرين الأول- أكتوبر الماضي، أصبح جلّ اهتمام أحمد متابعة القنوات الإخبارية، تقول أم أحمد لـ"الحياة الجديدة" إن ابنها "كانت تستفزه الأحداث والاعتداء على الأقصى والشباب والبنات اللي بيستشهدوا".

لبنى شقيقة الشهيد تحدثت لـ"الحياة الجديدة" عن آخر حواراتها مع أخيها أحمد بعد خطبتها، إذ كانت تمازحه حين يتحدث عن الشهادة بسبب ما يراه من أحداث فتقول له "إذا بدك تستشهد أجّل الشهادة لحتى أتزوج"  لكن حدث ما لم يكن يتوقعه أحد من عائلته.

صفاء الشقيقة الأقرب إلى الأخ الحنون، تجالسه وقتاً طويلاً، كانا يسهران معاً، ويتحدثان في كثير من الأمور، يحتسيان الشاي الذي تعدّه صفاء لأنه المفضّل لدى أحمد، إذ يقول لها "بحب الشاي اللي بتعمليه".

تقول صفاء إن أحمد لم يتمالك نفسه حين رأى الشابة إسراء عابد تحيطها قوات الاحتلال ويطلقون الرصاص باتجاهها (في مطلع أحداث الهبّة الشعبية في مدينة العفولة شمالاً)، فبكى لما رآه.

وحين نفّذ الشهيد أمجد السكري عملية "بيت إيل" شمال رام الله في نهاية كانون الثاني- يناير هذا العام، استرجعت والدة أحمد ما قاله ولدها حين طالع صورته عبر وسائل الإعلام "شايفين كيف عيونه كأنه يبكي، الفراق صعب على الإنسان حتى لو رايح يستشهد".

نعم الفراق صعب والموت صعب، وهذا ما أخبرتنا به والدة الشهيد، لكنها استدركت بالقول "الحمد لله، كان حابب يستشهد ونال الشهادة".

ويوم استشهاده، خرج أحمد من بيته محاولاً ألا يتحدث كثيراً مع شقيقاته ووالدته، كان يرد باقتضاب، ويخفي عينيه عن الجميع، وبالمقابل لم تناقشه أخته صفاء طويلاً في أي شيء، بعد أن علمت منه أنه سيتوجه إلى مدينة جنين لإصلاح نظارته، وكأنها استسلمت دون أن تعلم لذلك القدر المجهول الذي يتوجه إليه أحمد.