عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 15 شباط 2016

من قباطية الى نحالين

عزت دراغمة

هناك في أقصى شمال الضفة اعدم الاحتلال طفلين قرب قرية العرقة غربي جنين, وهناك عاثت قوات الاحتلال دمارا وتخريبا وفرضت حصارا وطوقا عسكريا مشددا على بلدة قباطية غير بعيد عن جنين, وهناك في أقصى جنوب الضفة الثائرة اعدم الاحتلال طفلتين من ماجدات الخليل قرب الحرم الإبراهيمي, وهناك لا تزال قوات الاحتلال تشدد حصارها وطوقها العسكري على بلدة نحالين غير بعيد عن شمالي الخليل, وهنا وهناك من بيت لحم الى نابلس مرورا بالقدس العاصمة تنهش آليات الاحتلال الأرض تدميرا ونهبا لإقامة المزيد من الأبنية والمنازل الاستيطانية بعد تدمير أشجار ومزارع المواطنين واقتلاع أصحابها من فوقها, وهناك مجموعات وعصابات متطرفين وإرهابيين تدنس وتقتحم الأقصى وأخرى تمنع المصلين من إقامة شعائرهم وأذانهم في الحرم الإبراهيمي, وفي كنائس وأديرة أخرى تهديدات وشتائم تقشعر لها الأبدان ضد المسحيين والمسلمين الفلسطينيين, وأينما تولى المواطن الفلسطيني يتربص به الاعتقال أو الاعتداء والملاحقة بلا تهمة او مبرر الا لسبب وجوده وصموده على هذه الأرض ورفضه كل أشكال الهيمنة والاجتثاث والاحتلال وإصراره على الحرية والتحرر والعيش بكرامة على تراب وطنه.

في جنين ثمة كثير من التساؤلات كما هو الحال في الخليل: لماذا يستهدف الاحتلال إعدام وقتل واعتقال الأطفال والقاصرين أكثر من غيرهم من المدنيين الفلسطينيين؟!, وهو ما أوجزت الإجابة عنه عجوز فلسطينية من بلدة قباطية حيث قالت "هؤلاء الأطفال تمردوا على الخوف وتمردوا على حب الدنيا عندما شاهدوا ممارسات الإذلال والقهر من قبل جنود الاحتلال لآبائهم, وهي رسالة فهمها الاحتلال جيدا فتأكد أن حربه مع الأطفال ستكون اشد شراسة لذا قرر تنفيذ إعدامات ميدانية وتلفيق مبررات لهذه الإعدامات. .", ويبدو أن ما قالته هذه السيدة التي خبرت وعرفت الراحل الشهيد أبو عمار أقنعنا كما يقنع أمهات وآباء شهيدات وشهداء الخليل وجنين, تماما كما يستدل من ورائه أبعاد حصار نحالين وقبلها قباطية !

ان ما تنفذه قوات الاحتلال من جرائم وممارسات واعتداءات في أية مدينة أو قرية أو مخيم في الضفة او قطاع غزة, يهدف لغاية واحدة حتى غطرستها وجبروت قوتها في حربها مع الأسير الزميل محمد القيق تهدف للغاية نفسها والهدف نفسه, فعدا عن إشباع غريزة العنصرية والكراهية هناك الأهم وهو إيصال الفلسطينيين الى درجة الوهن والخنوع وهي سياسة أثبتت فشلها على مدار نحو قرن من الزمن ومنذ بدء العصابات الصهيونية بالتمهيد لاقتلاع الفلسطينيين في أعقاب مؤتمر بازل وحتى الآن, فان المراهنة على إعدامات الأطفال واستمرار الحصارات والاقتحامات والاعتقالات لن تجدي نفعا ما لم تقتنع حكومة الاحتلال بمفهوم السلام العادل الذي من شأنه ان يلبي حقوق الفلسطينيين وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس على الأراضي المحتلة عام 1967م كلها وليس كما تفتقت عنه عقلية العنصرية لدى الوزير الإسرائيلي نفتالي بينت بإعطاء الفلسطينيين حكما ذاتيا في المناطق المصنفة " أ " و " ب ".