عاجل

الرئيسية » ثقافة »
تاريخ النشر: 04 تموز 2015

مغامرة البحث عن كنز قراصنة عمره 300 عاما بين الحقيقة والخداع

( د ب أ) - تبدو القصة كما لو كانت سيناريو أحد أفلام سلسلة (انديانا جونز): مجموعة من الغطاسين نزلوا تحت سطح البحر أمام سواحل مدغشقر لاستكشاف حطام سفينة تاريخية وعثروا على كنز من الفضة ربما يعود عمره إلى أكثر من 300 عاما.

وتفيد التقارير أن صائد الكنوز وعالم الآثار البحرية الأمريكي "باري كليفورد Barry Clifford" و فريقه، عثروا على ما يعُتبر جزءا من كنز القرصان الاسكتلندى الكابتن كيد، حيث تم العثور على لوح من الفضة يزن اكثر من 100 باوند (حوالى 50 كيلو جراما) تحت مياه المحيط قبالة جزيرة سانت ماري على الساحل الشمالي الشرقي لمدغشقر.

ويعتقد فريق البحث ان لوح الفضة جزء من كنز القرصان كيد الذى كان ذائع الصيت بالمنطقة في القرن السابع عشر. وكان "كابتن كيد" الذي ولد في اسكتلندا في عام 1645، قد عمل لصالح السلطات البريطانية لمطاردة القراصنة، لكنه تحول الى قرصان لا يرحم في أعالي البحار. وبعد نهبه سفينة الكنز "لادن" في 1698، تم القبض عليه وإعدامه على مقربة من نهر التايمز عام 1701. و لكن لم يتم الاستدلال على موقع غنائمه و ظلت كنوزه التى خبأها طوال عمله بالقرصنة البحرية لغزا محيرا .



وقام كليفورد بتسليم لوح الفضة الذى تم العثور عليه إلى رئيس مدغشقر هيري راجاوناريمامبيانينا، الذى قدم الى الجزيرة للاحتفال بالعثور على الكنز، في حفل حضره السفيران الامريكي والبريطاني .. و قد أكد كليفورد أنه تم العثور على 13 سفينة غارقة في الخليج و قد بدأ العمل على سفينتين خلال الأسابيع العشر الماضية .

وقال عالم الآثار المستقل جون دي بري الذي حضر الحفل، إن السفينة الغارقة ولوح الفضة هى "أدلة قاطعة على أن هذا هو في الواقع موقع كنز الكابتن كيد". ولكن بالرغم من ذلك يشكك الخبراء في هذا الاكتشاف .. ويتساءلون هل هو حقا الكنز الأسطوري أم أن الأمر مجرد خدعة؟

من جانبها تقول خبيرة الـ(يونسكو) أوريكي جيرين إن "اكتشاف الفضة التي عثر عليها في سانت ماري في هذا التوقيت تحديدا يعد مفاجأة بالنسبة لنا".. وقد تكون لديها بعض الحق خاصة وأن مهمة فريق كليفورد والتي استمرت لثلاث سنوات، من أجل الوصول لحطام سفينة (أدفنشر جاليري) ذات الأشرع الثلاثة، والتي أبحر بها كيد (1645-1701)، كانت ممولة من قبل قناة (هيستوري تشانل) فيما أن جمعية (أكتوبر فيلمز) ستنتج سلسلة حول مغامرته.

تشير الخبيرة أيضا إلى أن الفريق لم يكن يحمل الموافقات والتصاريح اللازمة، فيما أن زميلها في (يونسكو) ألفريدو بيريز دي أرمينيان والذي يشغل منصب نائب مدير قطاع الثقافة بالمؤسسة الأممية أعرب عن "قلقه الشديد" بسبب الوضع في مدغشقر فيما يتعلق بالآثار.

ويرى دي أرمينيان أن هذا النمط من استكشاف البقايا التاريخية يجب أن يتم توثيقه تفصيليا ولكن هذا الأمر لم يحدث، فيما أن جيرين أعربت عن قناعتها بأن القرصان كيد ورفاقه وضعوا كل كنوزهم ومقتنياتهم في مخبأ جيد يصعب الوصول إليه قبل أن تحرق سفينتهم وتغرق في 1698.
 

 
وتمثل شكوك (يونسكو) اتهامات خطيرة ضد كيلفورد وفريقه، فيما أن (أكتوبر فيلمز) تتحدث عن وجود افتراءات بهذا الصدد، حيث قال متحدث باسم الشركة في بريد الكتروني لـوكالة الأنباء الألمانية (د .ب. أ) "كل البعثة خضعت إشراف خبراء في وزارة الثقافة بمدغشقر وكل الاكتشافات قدمت للحكومة".

وتؤكد الشركة أن كل أعضاء الفريق لديهم سنوات كبيرة من الخبرة في التعرف على الآثار واستعادتها فيما أن هذه المجموعة أشرف عليها من قبل خبير يتمتع بسمعة دولية في الآثار الغارقة.

وأضاف المتحدث الرسمي "أي تعليق بخصوص ظروف العثور على الاكتشاف لا يثير فقط الضحك، بل يعد بمثابة افتراء".

وترى الشركة أنه ليس غريبا على كليفورد هذا الاكتشاف المذهل فقد سبق له و فريقه ان اكتشفوا في عام 1984، كنز السفينة Whydah و هى سفينة قراصنة غرقت عام 1717 قبالة ماساتشوستس في مياه الولايات المتحدة، ووفقا لناشيونال جيوجرافيك شمل الكنز على الذهب والفضة، والمجوهرات الأفريقية والأسلحة.. كذلك نجح أيضا فريق بقيادة "كليفورد" فى اكتشاف ما كان يُعتقد انها سفينة كريستوفر كولومبس "سانتا ماريا"، ولكن فريق من اليونسكو وجد ان السفينة ترجع لتاريخ لاحق لعصر كولومبوس .

على الرغم من هذا تصل الشكوك أيضا من وزارة الثقافة في أنتاناناريفو خاصة وأن هذه ليست أول مرة يتعرض فيها كليفورد لهذا الأمر: هو ليس شخصا مجهولا على الإطلاق في مجال الآثار الغارقة كما أنه درس التاريخ وعلم النفس في كولورادو ويعمل منذ السبعينيات في بعثات طويلة وصعبة تحت البحار جانب كبير منها مصور، لذا فإن اكتشافاته دائما ما تظهر في عناوين وصدر صفحات الجرائد ودائما ما تحمل طابعي الروعة وإثارة الجدل.

وكان كيلفورد أعلن العام الماضي اكتشاف بقايا سفينة "سانتا ماريا" التاريخية، التي وصل بها كريستوفر كولومبوس للبر بالأراضي الجديدة (الأمريكتين) في أعياد الميلاد عام 1492، أمام سواحل هاييتي، حيث دافع بشكل كبير عن اكتشافه ولكن الكثير من الخبراء يشككون في صحته ومنهم أيضا اليونسكو.

تضيف جيرين "الموقف متطابق للغاية، يعثر على شيء رائع ويروج له ويضع وزارة الثقافة تحت ضغط لكي تسمح ببحث غير علمي"، وذلك في إشارة لاكتشاف (سانتا ماريا).

وبعدما أثبت (اليونسكو) أن الحطام التي عثر عليها كليفورد كانت تخص سفينة حديثة نوعا ما، فإن انتباه هذا العالم توجه بصورة كاملة نحو مدغشقر، فيما أن المؤسسة الأممية من المقرر أن ترسل بعثة قريبا لمدغشقر لدراسة كنز الفضة المفترض الذي عثر عليها هناك لدراسته والتحقق من صحة الأمر.