عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 03 شباط 2016

حوطبلي والأسئلة المردودة

عمر حلمي الغول

نشرت تسيفي حوطبلي، نائبة وزير الخارجية الاسرائيلية في مجلة "وول ستريت الاميركية" الاسبوع الماضي مقالا بعنوان "إلى أين تذهب المساعدات المقدمة إلى الفلسطينيين". تتساءل نائبة نتنياهو عن اتجاهات صرف اموال المساعدات للفلسطينيين طيلة الـ22 عاما الماضية، التي بلغت من العام 1993 حتى العام 2013 21 مليار دولار وفق معطيات البنك الدولي على شكل مساعدات تنموية. وفي إطار التحريض الاسود على القيادة الفلسطينية، كتبت تقول: "كان بمقدور القيادة الفلسطينية استغلال الفرصة لاستخدام الاموال في تمويل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. لكنها فضلت دعم البنية التحتية للارهاب، تماما كما يحصل في غزة من بناء أنفاق وتسليح وصواريخ وإرهاب". وتابعت "فإن الميزانية السنوية للسلطة الفلسطينية المخصصة لدعم "الارهابيين" الفلسطينيين بلغت 75 مليون دولار، وهذا يعادل 16% من قيمة التبرعات الاجنبية، التي تتلقاها السلطة الفلسطينية سنويا." وتعميقا لخيارها الاستعماري، أضافت:" الوضع في الضفة الغربية مقلق للغاية ايضا، فبالاضافة إلى دعم الارهاب والاستثمار في خطاب "الكراهية"، ترفض السلطة الفلسطينية إزالة مئات الآلاف من قوائم اللاجئين بهدف إبقائهم في حالة التبعية والتخلص ليس لهدف سوى توجيه عدائهم لاسرائيل."

ما ورد في مقالة حوطبلي ينضح بالتحريض وتشويه صورة القيادة الفلسطينية والمناضلين الفلسطينيين، عندما تصفهم بما ليس فيهم، بل في الاسرائيليين انفسهم بـ"الارهاب"، وتضليل الرأي العام الدولي، وقلب الحقائق رأسا على عقب، واذا وقف المرء امام كل نقطة على انفراد مما ورد في المجلة الاميركية، نلحظ الآتي: اولا ان الاسرائيلية المتطرفة تتناسى او تتجاهل، ان اموال الدول المانحة، ليست سوى النذر البسيط جدا من حقوق الفلسطينيين على المجتمع الدولي خاصة اوروبا، التي ساهمت بقيام إسرائيل على انقاض نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948؛ ثانيا تجاهلت انها تتحدث عن ان مجموع الأموال حصلت عليها السلطة الوطنية على مدار عشرين عاما، الجزء الاساسي منها يتعلق بفاتورة الراتب لموظفي السلطة المدنيين والعسكريين؛ ثالثا المناضلون الفلسطينيون من الشهداء والمعتقلين في سجون دولة الاحتلال الاسرائيلية، هؤلاء مناضلون من اجل الحرية، والسلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية تتحمل مسؤوليتهم. وهم ليسوا ارهابيين، بل رواد كفاح تحرر وطني، كفل لهم القانون الدولي حق استخدام كافة اشكال النضال لتحرير الوطن الفلسطيني من جرثومة الاحتلال الاسرائيلي القاتلة؛ رابعا كيف يمكن الاستثمار في التنمية واراضي الدولة الفلسطينية المحتلة عام 1967 تخضع كلها للاحتلال الكامل بما في ذلك المنطقة المسماة (A) ومعها المنطقة (B)، التي لا تزيد مساحتهما عن 22% من ارض فلسطين التاريخية عن 38% وباقي الارض ومساحتها 62% تخضع كليا للاستيطان الاستعماري؟ وكيف يمكن خلق شروط التنمية وحكومات اسرائيل المتعاقبة تعمل على تدمير كل ملمح عمراني او اقتصادي او استثماري او حتى امني، قامت المؤسسات الفلسطينية ببنائه. ألم تسأل حوطبلي نفسها من الذي دمر 531 مخفرا ومبنى لاجهزة الامن الفلسطينية من 2000 إلى 2005؟ ومن الذي دمر مطار عرفات الدولي؟ ومن الذي دمر محطة الكهرباء في قطاع غزة؟ ومن الذي دمر المقاطعة عام 2002 وحاصر الرئيس الشهيد ياسر عرفات؟ ومن الذي يدمر صباح مساء بيوت وبنايات المواطنين الفلسطينيين اما بالحرب او بالاجتياحات او بأوامر الهدم من الادارة المدنية؟ ومن الذي يسيطر على المعابر والحدود ويحول دون حرية الاستيراد والتصدير وحرية الاستثمار في السياحة الدينية في العاصمة القدس ومدينة بيت لحم وخليل الرحمن؟ ومن الذي يحول دون حرية الصيد، ويطارد الصيادين في البحر ؟.... إلخ.

اضافة لذلك، الم تسأل حوطبلي كم من الاموال تصل دولتها المارقة والخارجة على القانون لبناء مصانع الاسلحة التقليدية والجرثومية والكيميائية والمفاعلات النووية؟ وكم من الاموال تصرف على المستعمرات الاستيطانية، التي تضرب التنمية وتهدد حياة ابناء الشعب الفلسطيني؟ وكم من الاموال الاميركية والالمانية والاوروبية صُرفت على حروب إسرائيل وتطوير اسلحتها، فضلا عن دعمها بكل اشكال والوان التكنولوجيا العسكرية والمدنية لتبقى اقوى دولة في المنطقة، ولتنفذ مخططها الاستعماري على حساب خيار السلام والتعايش؟ ألا تخجل حوطبلي ومن لف لفها من الاسرائيليين القتلة عندما تطالب باسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وعلى اي اساس؟ ولمصلحة من؟ لمصلحة قطعان المستعمرين؟ حق العودة لا يمكن لكائن من كان التنازل عنه، وشاءت إسرائيل ام ابت سيبقى هذا الحق مكفولا لكل مولود فلسطيني ايا كانت الجنسية التي يحملها، وحق جماعي عام. ولو كانت نائبة وزير الخارجية تخجل او تفكر بشكل منطقي لما اوقعت نفسها في شرور افكارها السوداء.

oalghoul@gmail.com