دولة الاحتلال والاستبداد
حافظ البرغوثي
تضاعف عدد المستوطنين في الاراضي الفلسطينية منذ تسلم بنيامين نتنياهو الحكومة في سنة 2008 حيث تجاوز عددهم 620 الفا بما في ذلك الاستيطان في القدس المحتلة, ويحاول اليمين المتطرف الحاكم في اسرائيل دفع عجلة الاستيطان بهدف منع اقامة دولة فلسطينية سواء من الناحية الديموغرافية باستيطان مليون يهودي خلال سنوات قليلة او من الناحية الجغرافية باقامة كتل وحواجز استيطانية تمنع التواصل الجغرافي بين شمال الضفة وجنوبها، اي تنفيذ مشروع القدس الكبرى الذي يلتهم ما نسبته 12 في المئة من مساحة الضفة ويحول دون قيام دولة فلسطينية متصلة الاراضي. وحاليا يجمع اليمين واليسار المعارض على مبدأ واحد هو الانفصال عن الفلسطينيين بمعنى الانفصال السكاني لمنع الاحتكاك وليس الانفصال الجغرافي لان الاحتلال يريد استمرار مشاريعه الاستيطانية التي يرافقها تطهير عرقي وفصل عنصري, فالذين يدعون للانفصال عنا عمليا يريدون الهروب من فكرة دولة ثنائية القومية لكنهم يرفضون الدولة الفلسطينية في الوقت نفسه، اي انهم يريدون دولة فصل عنصري مثل نظام جنوب افريقيا البائد. فاسرائيل عمليا تسعى بمحض ارادتها نحو نظام الفصل العنصري الذي سيشدد المقاطعة الدولية والشعبية عليها ويحشرها في زاوية المنبوذين دوليا حتى لو ظلت تحظى بدعم اميركي لا محدود، فالنظام العنصري الابيض ظل يحظى بدعم غربي لكنه سقط فجأة دون مقدمات. فالمؤسسة الحاكمة في اسرائيل تنفذ ما ورد في على لسان عبد الرحمن الكواكبي حيث قال ان فناء دولة الاستبداد لا يصيب المستبدين وحدهم بل يشمل الناس والارض والديار لأن دولة الاستبداد في مراحلها الاخيرة تضرب ضرب عشواء وتحطم نفسها قبل ان تستسلم للزوال. فالهروب من الدولة الفلسطينينة الى الدولة العنصرية هي اقصر الطرق الى جهنم.