عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 02 شباط 2016

ربحي حداد كتاب وبندقيته

عيسى عبد الحفيظ

واحد من مجموعة من الطلبة الفلسطينيين الدارسين في الجامعات المصرية، الذين قرروا العودة إلى الضفة الغربية بعد احتلالها عام 1967، خشية انقطاعهم عن أهلهم ومنازلهم وضياع الفرصة بالعودة إلى أرض الوطن نهائياً.

بعضهم جاءوا للالتحاق بالعمل الفدائي، وحيث إن الجسور كانت مقطعة، فلم يكن أمامهم إلا اللجوء إلى الحركة الفدائية لمرافقتهم إلى الوطن المحتل عبر النهر سيراً على الأقدام، مستفيدين من عودتهم في المساعدة في حمل الأسلحة والذخائر التي كانوا يسعون لتخزينها في الداخل.

لم يأت ربحي حداد إلى قاعدة (أبو موسى) صدفة، فقد التحق بها كونها تابعة لتنظيم أبطال العودة، الذراع العسكري لحركة القوميين العرب، التي انتسب إليها عام 1966، ونشط في أوساط الشبيبة النابلسية محرضاً وعاملاً على نشر الفكر القومي الديمقراطي، وعلى تحرير الوطن السليب.

 اعتقل على خلفية نشاطه التنظيمي الواسع عام 1966، وهو العام الذي انهى فيه دراسته في كلية النجاح.

التحق بجامعة الأزهر منتسباً إلى كلية العلوم، ثم التحق بدورة عسكرية في معسكرات جمال عبد الناصر (معسكر انشاص) التي كانت تقدم التدريب العسكري للفلسطينيين حيث تلقى علومه العسكرية الأولى.

تم اعتقاله بعد انضمامه إلى مجموعة فدائية كانت استأجرت منزلاً في نابلس وحولته إلى مركز للتدريب العسكري والعمل الفدائي، والذي سرعان ما انكشف لقوات الاحتلال فتمت مداهمته واعتقال كل من فيه، وكان منهم ربحي الذي حكم عليه بتهمة عضوية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومقاومة الاحتلال، وكانت مدة الحكم 28 عاماَ.

ترك الانقسام الذي حدث في تنظيم الجبهة الشعبية أثره على السجناء، فانحاز ربحي للجبهة الشعبية فيما فضل البعض الانحياز للتنظيم الجديد الذي حمل اسم الجبهة الديمقراطية، لم يستطع ربحي هضم الانشقاق الذي حدث في صفوف الجبهة الشعبية والتمزق الذي حدث بعد معركة الكرامة، حتى أنه لم يستطع تقبل وصول آثار الانشقاق إلى السجون والتحاق بعض أعضاء الجبهة الشعبية بالتنظيم الجديد، ما زاد في حدة تعصبه على الرغم من عقله المنفتح وذكائه البارز، فطغت عليه جدية صارمة، ومواقف حادة وانطواء تنظيماً حيث كرس كل جهده لتنمية الوعي الفكري لأبناء الجبهة الشعبية، وبناء التنظيم الداخلي، فهو القائد الأول للجبهة الشعبية وداخل السجون طيلة فترة اعتقاله، وترك أمور الاعتقال لزميله يعقوب ديواني والذي تميز بنشاطه التنظيمي والاعتقالي على حد سواء.

سعى إلى تنظيم شباب الجبهة الشعبية في غرف محددة لتوفير جو مناسب للتثقيف السياسي والانضباط وفرض شخصيته القوية الصارمة اذ نادراً ما يبتسم وفرض انصياعاً تاماً لتعليماته.

بمجرد النظر إلى وجهه، أما في مجال العمل الجماعي فقد كان مساهما وفعالاً في كل ما تطلبه اجراءات المحافظة على النظافة، وفي المواجهات مع ادارة المعتقل فلم يتردد أبداً فهو دائماً في الطليعة.

تم انتخابه في المؤتمر الرابع للجبهة الشعبية والذي عقد عام 1981 عضواً في اللجنة المركزية ومن ثم في المكتب السياسي اعترافاً بدوره الفعال في صفوف الجبهة.

اطلق سراحه في صفقة التبادل عام 1985 وعاد مرة أخرى إلى نابلس ولم يظهر نشاطاً ملحوظا، لكن طاقته الثورية تفجرت مرة واحدة عندما اجتاحت الدبابات الإسرائيلية مدينة  نابلس ابان الانتفاضة الثانية عام 2002، فحمل السلاح ووقف في وجهها مدافعاً ومقاوماً، فاطلقت احداها وابلا من الرشاش الثقيل  لترديه شهيداً وهكذا اختتم ربحي حداد حياته مدافعاً عن المدينة التي أحبها، وعن الوطن الذي استشهد وفي سبيله، سوياً مع أحد رجال فتح العسكريين الشهيد أبو حميد،، فمثلا باستشهادهما حالة رمزية لمعنى الشهادة "كلنا في خندق واحد ضد الاحتلال".