هل نظل نبكي المصالحة؟
بكر أبو بكر
السأم والملل والإحباط هي حالة المواطن الفلسطيني من تحقق المصالحة بين حركة "فتح" و"حماس"، وادارة الظهر للملف المطوي في ذهن الناس، والاهتمام بتصعيد الهبة والغضبة الشعبية هو محط الأنظار اضافة للقضايا المعيشية اليومية.
مرت علينا 9 سنوات عجاف منذ الانقلاب على غزة عام 2007 فهل يقابلها تسع سمان أم سنظل نبكي الفراق والانشقاق والانقسام؟
مرت سنوات عدة وخاض المتفاوضون (المتحاورون) أكثر من 7 جولات واتفاقيات بما فيها من مبادرات واستدراكات وملاحق و.... كلها عبرت عن شيطان التفاصيل اذ لطالما تم وأد مسلسل المصالحة من خلال مسلسل التعطيل والمماطلة المتعمدة.
منذ مبادرة القاهرة عام 2005 (أي قبل الانتخابات، ثم الانقلاب في العام 2007) ثم مع اللقاءات والحوارات بين القاهرة ومكة والدوحة ورام الله (وثيقة الأسرى للوفاق الوطني) وصولا الى اتفاقية الوفاق الوطني عام 2011 بالقاهرة، وما تبعها من شروحات في الاعوام 2012 ثم في مخيم الشاطئ في غزة عام 2014 ولا بصيص أمل بأن ننتقل من واقع الورق الى واقع الشعب المرير الذي يتجرع مرارة الاحتلال اليومية حيث تتخلل الجسد سمومه، كما يتجرع شقاء الانقسام الذي ألقى بقطاع غزة تحت رحمة حالة الاختطاف والأسر لفئة دعيّة في فصيل ومشيخة، والإتاوات والإرهاب الداخلي والأجندة الاقليمية من قلة آثرت الحفاظ على مصالحها التي تراكمت في السنين التسع العجاف على حساب الوطن.
سيلتقي المتحاورون مجددا في الدوحة على أمل الاتفاق على ما تم الاتفاق عليه مرارا ولم ينفذ؟! فهل هناك من بوابة مفتوحة على عقل القيادات الفلسطينية أم أنها سدت بحائط من الخرسانة المسلحة فأقفلت العقول؟
تحدثت مطولا في فضائية عودة عن الموضوع وأشرت لمقدمات وأسانيد وآراء عدة طرحها المحللون والسياسيون، ولشتائم أتقنها أعداء المصالحة وكأنهم يتعمدون ابقاء معاناة أهلنا في غزة الى الأبد، وليس المقام تحليل ما سبق بقدر ما نعتقد أن الوضع السياسي الفلسطيني والإقليمي وإيماننا بفلسطين يدعونا للتخلي قليلا– كقيادات فلسطينية– عن طموحاتنا الذاتية، فالكل زائل والوطن باق، ما يجب هو النظر من عيون أطفال غزة البائسة وأطفال فلسطين عامة.
اننا بحاجة بادئ ذي بدء لإرادة وشجاعة اتخاذ القرار، نحن بحاجة لأن نعتنق فلسطين فقط، لا هذا الحزب العالمي ولا تلك الدولة التي لا تسعى إلا لمصالحها، بمعنى أننا بحاجة لان نكون عرباً فلسطينيين أولا لننفض عن أكتافنا ثقل التعبئة الايديولوجية الاقصائية المسلحة بإرث من الشقاق، وكما ان شجاعة اتخاذ القرار أو النية لاتخاذه ضرورية فإن اعتناق فلسطين يعنى رفض التبعية والتخلي عن الرخاء الذاتي سواء المتكون من الترف الفكري او المادي والانتقال الى مربع الاستقلالية ما تتميز به حركة فتح عبر تاريخها الطويل.
ان التوصل لاتفاق شامل يعتمد على برنامج سياسي أساسه وثيقة الوفاق الوطني للأسرى (عام 2006) واتفاقية الوفاق الوطني عام 2011 بالقاهرة واحترام وحدانية التمثيل من خلال (م.ت.ف) ما أكده اعلان القاهرة عام 2005 يمثل مدخلا لخوض جولات قد تثمر تطبيقا على الأرض بحضور كافة الفصائل والشرائح الوطنية خارج الفصائل لتحقيق مصالحة حقيقية ندخل فيها عالم اليوم بلا بكاء على ما ضاع فنتذكره كما نتذكر النكبة والنكسة والكبوة.