عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 01 شباط 2016

أبعاد سياسة التخوين

عمر حلمي الغول

في السابع والعشرين من كانون الثاني الماضي شارك الدكتور عبد الستار قاسم في برنامج مسارات على فضائية القدس الحمساوية، في ذلك المساء لم يكتف بمهاجمة الرئيس شخصيا ولا الاساءة لسياساته الوطنية، بل وقع في المحذور الوطني، عندما "خَونْ" الرئيس محمود عباس، وحينما طالب بتطبيق المواد المتعلقة بـ"الخيانة" الواردة في لوائح منظمة التحرير ضده، ونادى بشكل صريح لـ"اعدامه"!؟ غير انه بعدما راحت السكرة وجاءت الفكرة، تبرأ مما ذكره بالصوت والصورة على شاشة الفضائية المذكورة. وأعلن انه سيلاحق الشيخ يوسف إدعيس، وزير الاوقاف, والدكتور عبد المجيد ابو سويلم، اللذين عقبا على اقواله الخطرة امام القضاء، وكأنه صاحب حق! مع ان الاجدر به، ان لم يكن نطق بما سمعه الجميع على لسانه وبحضوره الشخصي، هو ملاحقة فضائية "القدس" الحمساوية، ولا الرجلان، او يعلن على الملأ، انه مصاب بمرض الزهايمر او فقدان الذاكرة، ويعتذر امام المواطنين جميعا عما بدر منه، لا ان يلجأ لاسلوب الهجوم من اجل الدفاع عن الذات المثلوم والمكشوف. 
ودون الدخول في ذرائعية البرفيسور عبد الستار الواهية، فإن ما نطق به ضد شخص الرئيس ابو مازن، يعكس جنوحه نحو إملآت خطرة تهدد السلم الاهلي والنسيج الوطني والاجتماعي، وتفتح الباب واسعا امام الفتنة الداخلية، وتسمم الاجواء الفلسطينية بثقافة القتل، ما يسمح باشعال فتيل الحرب الاهلية لا سمح الله. وما حملته رسالة الدكتور قاسم من تحريض على القتل، أخطر من عمليات التحريض، التي يقوم بها قادة إسرائيل ومن لف لفهم من اعداء الشعب صباح مساء ضد الرئيس ابو مازن. لان التحريض يأتي من احد ابناء الشعب الفلسطيني، وهو استاذ العلوم السياسية، والمفترض انه يعي ويدرك دلالة ومغزى كل كلمة ومفهوم سياسيا وقانونيا، وتداعياته على المشهد الوطني. وبالتالي من حق الرئيس ابو مازن وقيادة منظمة التحرير والحكومة ونقابة المحامين او الاكاديميين بملاحقة البرفيسور الحالم بالرئاسة امام القضاء، وتحميله مسؤولية الفتنة، التي سعى لتعميمها ونشرها في الاوساط الفلسطينية، وإنزال العقاب الذي يستحقه لحماية الشعب من اخطار التخوينيين، الذين يريدون الوصول لطموحاتهم السياسية على انقاض فتنهم المارقة. 
وبالعودة الى شرعية الرئيس محمود عباس، التي لا اود هنا التذكير بانه منتخب من الشعب، ولا ارغب باعادة التأكيد ان المجلس المركزي في احد دوراته السابقة جدد له وللمجلس التشريعي، لكن اطرح الاسئلة التالية على كل اصحاب وجهات النظر المتناقضة مع الشرعية القائمة: لنفترض ان الرئيس خرج من الرئاسة الان كما فعل الرئيس اللبناني ميشال سليمان، من سيملأ الفراغ؟ ام ان المطلوب ترك الشعب دون رئيس ونقطة آخر السطر؟ وهل تسمح الظروف الان باجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية قبل إتمام المصالحة وإعادة الاعتبار للوحدة الوطنية؟ أو ليس الرئيس ابو مازن، هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، مرجعية الشعب والحكومة القائمة على حد سواء؟ ام ان جوقة المطبلين والمزمرين والمشعوذين اعداء الديمقراطية، يريدون تصفية حساب مع شخص الرئيس وكفى الله المؤمنين شر القتال؟ 
مرة اخرى اؤكد على إنصاف الرئيس عباس، وليس دفاعا عنه، ووفقا لما أعلن، لا يرغب بالترشح للرئاسة، ولا يريد الموقع. ولكنه من موقع مسؤولياته الشخصية والوطنية، يرفض ترك الموقع دون ان يكون هناك حل ديمقراطي للمصالحة الوطنية والسماح باجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وللمجلس الوطني في اعقاب تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. إذاً طالما الرجل غير متمسك بالموقع، وكونه مازال يعمل دون كلل او ملل لتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني وفق الامكانات والشروط الذاتية والموضوعية وبالقدر الممكن والمتاح، لماذا هذا التحريض الاسود على الفتنة؟ واي مصلحة لمن ينادي بعملية القتل؟ أو ليست هذه الدعوة الوصفة الطبيعية لتفتيت النسيج الوطني والاجتماعي؟ ومن المستفيد منها سوى دولة إسرائيل المحتلة وكل الخارجين على القانون والوطنية الفلسطينية؟ 
يا حبذا لو تكف الاصوات المسعورة عن دعواتها المهددة للسلم الاهلي، إن كان اصحابها فعلا حريصين على مصالح الشعب الوطنية العليا. وليبحثوا عن خيارات غير الفتنة للوصول لطموحاتهم الشخصانية الصغيرة.
oalghoul@gmail.com