عاجل

الرئيسية » تحقيقات »
تاريخ النشر: 30 تموز 2023

"نصابون" يختبئون تحت عباءة "المساج" ويروجون للرذيلة!

*320 قضية ابتزاز إلكتروني مسجلة لدى النيابات في الضفة منذ عام ونصف العام

*إعلانات فاضحة عبر "التيك توك" تعرض تقديمها خدمات "مساج استرخائي" و"خدمات جنسية" في كل مدن الضفة مقابل "تحويلات مالية"

*"الحياة الجديدة" ترصد أرقام الهواتف المستخدمة وجهاز أمني يؤكد أن مصدرها قطاع غزة

*طلب تحويل الأموال مقابل خدمات "وهمية" يكون عبر محفظة رقمية وبطاقة ائتمان.. ورفض مطلق لإمكانية الدفع نقدا

* "الصحة": لا شكاوى من تجاوزات أخلاقية في مراكز العلاج الطبيعي الخاضعة لرقابة الوزارة

*النيابة العامة: انتشار التكنولوجيا فاقم من ظاهرة الاحتيال الإلكتروني وتقديم خدمات مزيفة

 

تحقيق: عبير البرغوثي وأيهم أبوغوش 

على حساب عبر تطبيق التيك توك، تظهر "ريم منسقة المساج" لتعلن للعموم عن تقديم خدمات لـ"التدليك" لكامل الجسم مع "تدليك" للعضلات والأطراف وساونا وحجامة وحمام بخار وزيت وكريمات للبشرة والوجه، بالإضافة إلى تقديم خدمات (VIP) و"انبساط".

 يظهر من خلال الإعلانات المقدمة للصفحة رقم هاتف نقال إسرائيلي للتواصل عبر تطبيق "الواتساب" للاستفسار حول آلية تقديم الخدمة التي تقدمها "منسقة المساج" في كل مدن الضفة الغربية.

في جولة سريعة عبر "التيك توك" يقودك حساب "ريم منسقة المساج" إلى حسابات أخرى شبيهة، تعلن كلها عن تقديم نفس الخدمات، مع تنوع صيغ الإعلانات، مع إظهار صور مثيرة لفتيات، وبأوضاع فاضحة، وبعضها يقدم "خصومات" وأخرى عروضات للمناسبات مثل شهر رمضان المبارك والأعياد.

تواصل معدا التحقيق مع الرقم المعلن على حساب "ريم منسقة المساج" (اسم تجاري يستخدم للترويج) وبدأ الحديث عن استفسار حول آلية تقديم الخدمة وفي أي الأماكن يمكن تلقيها، فكان الجواب بأنها في كل مدن الضفة الغربية، وحينما سألنا عن آلية تلقي الخدمة، طلب المتحدث تحويل مبلغ مالي قدره (700) شيقل عبر بطاقة "بال باي" أو بنك فلسطين وأرسل نماذج شبيهة للمطلوب.

وحينما استفسرنا حول طبيعة الخدمة المقدمة إن كانت مساجا فقط أو توجد "خدمات جنسية"، فتحدث بصورة واضحة "يوجد مساج جنسي ودلع". استمر معدا التحقيق في التحدث وطلبا تحديد ساعات العمل، فأجاب بأنها من "الساعة العاشرة صباحا حتى منتصف الليل"، ولكن حينما تعلق الأمر بمكان تقديم الخدمة في كل مدينة، رفض المتحدث عبر حساب "ريم منسقة المساج" الإفصاح عن ذلك مكتفيا بالقول"، يتم إخبارك بالمكان وموعد الجلسة فقط بعد تحويل المبلغ المالي" عبر بطاقة "بال باي"، مقدما لنا رقم "جوال" لإتمام عملية التحويل.

 

من تحول لهم "الأموال" أشخاص معروفون...ولكن

وفي إطار التحقق من أرقام الهواتف النقالة المستخدمة لغرض تلقي الأموال المحولة، تأكد معدا التحقيق أن الأرقام المستخدمة لهذا الغرض متعددة، وليست محصورة في رقم واحد أو رقمين، وتتغير من إعلان إلى آخر.

ولدى تواصل معدي التحقيق مع النيابة العامة حول الإجراء القانوني المتبع في حالة ثبت بأن أرقام هواتف نقالة تطلب تحويلات مالية عبر "بال باي" قبل تلقي الخدمة، مع ثبوت وجود تحويلات مالية تتم عبر هذه الحسابات، قالت النيابة"عند تقديم شكوى بهذا الخصوص تتم مراسلة شركة "بال باي" من أجل فحص المحفظة الإلكترونية الخاصة بالمشتكي، ويتم طلب كافة عناوين الـ ((IP العاملة على الحساب بتاريخ التحويل، ويتم طلب حركات تحويل الأرصدة من الحساب المذكور، ويتم تحديد المشتبه به بناء على البيانات المعطاة، ويجري التعرف على اسم وبيانات المشتبه به واتخاذ المقتضى القانوني بحقه".

 وفي تعقيبها على هذا الموضوع، أكدت مصادر في أحد البنوك الفلسطينية بأن أية عمليات تحويل مالي تتم عبر الفروع أو التطبيق البنكي، يشترط بها أن يكون معروفا لدى البنك الغرض من التحويل والمبلغ واسم المستفيد ورقم حسابه. وكذلك المعلومات المتعلقة بمرسل الحوالة وفق بيانات واضحة.

وبخصوص التدخل في وقف أية عمليات تحويل مالي، تقول المصادر "يتم التدخل ضمن حالات معينة يحددها قانون غسيل الأموال وتعليمات سلطة النقد، مثل وجود شبهات بغسيل أموال أو صدور قرار قضائي أو تلقي شكاوى مقدمة من أشخاص يدعون فيها تعرضهم لعمليات نصب أو احتيال أو خطأ"، حيث أكدت هذه المصادر ذاتها بأن أية شكاوى بخصوص أرقام شرائح معينة يتم إبرازها لاستقبال رسوم خدمة يعتقد بأنها غير قانونية تتم متابعتها، وإيقافها لحين إصدار توضيحات حول أسباب التحويل لها وفق القانون والتعليمات الصادرة بشأنها.

 

جهاز أمني يرصد مصدر الأرقام

رصدت "الحياة الجديدة" عدة أرقام "جوال" سواء ظهرت على تلك الصفحات أو تم تزويدها لمعدي التحقيق لغرض التحويل المالي، وتوجهت لجهاز الأمن الوقائي للتعرف على مصدر هذه الأرقام، فتبين لنا أن كل الأرقام مسجلة على أسماء في قطاع غزة وليس الضفة الغربية.

عند البحث عن هوية الرقم على تطبيق "ترو كولر" يظهر لك اسم "نصابون"، وحينما صارحنا "صاحبة الحساب" بأن "الحساب المراد تحويل المال له يوجد في قطاع غزة وليس الضفة وكيف سيتم تقديم الخدمة في مناطق الضفة، تلقينا إجابة مفادها "توجد لنا خدمات في كل مكان، وما عليك إلا أن تحول المبلغ كي تحصل على الخدمة التي تريدها في أي مدينة بالضفة".

وحول إمكانية الدفع نقدا عند تلقي الخدمة حتى لو كان ذلك بأسعار أعلى، رفض المتحدث عبر حساب "ريم منسقة المساج" ذلك، مكتفيا بالقول" هذا نظامنا"، مرفقا بعض الرسائل التي زعم بأنها لزبائن تشكرهم على "حسن الخدمة"!

المراكز ليست في محل اتهام

يظن البعض أن المحال والمراكز التي تقدم خدمة "المساج" واحدة، لكنها ليست كذلك، وهي متنوعة من حيث طبيعة تخصصها وتبعيتها. ويقول الدكتور بسام صبح رئيس وحدة الإجازة والترخيص في وزارة الصحة إن هناك فرقا بين مراكز العلاج الطبيعي ومحلات مساجات الاسترخاء، موضحا أن مراكز العلاج الطبيعي تحصل على تراخيصها من وزارة الصحة وهي تخضع لرقابتها، بينما المحلات التي تقدم خدمة مساجات الاسترخاء تحصل على تراخيصها من وزارة العمل والبلديات المحلية وتراقب من قسم البيئة أو قسم الحرف والصناعات في تلك البلديات.

ويبلغ عدد مراكز العلاج الطبيعي المستقلة التابعة لوزارة الصحة 148 مركزا، بالإضافة إلى 22 مركز تأهيل تقدم خدمة العلاج الطبيعي مشتركة مع خدمات تأهيلية أخرى.

أما شروط الحصول على التراخيص فتتلخص بما يلي:

-إجازة مزاولة مهنة العلاج الطبيعي سارية المفعول لاختصاصي علاج طبيعي يملك على الأقل سنتين خبرة.

-الكشف الفني والبيئي للجنة الفنية المعتمدة من وحدة الإجازة والترخيص ومديرية الصحة.

-المخططات الهندسية للمركز والموقع.

-تصريح مشفوع بالقسم بالتفرغ للعمل في المركز ولا يعمل الفني المسؤول في مركز آخر.

-تأمين أخطاء طبية Malpractice ساري المفعول.

-تصريح السلامة والوقاية من الدفاع المدني ساري المفعول.

أما بخصوص الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة للتأكد من جودة الخدمة وعدم حصول تجاوزات أخلاقية في هذه المراكز، فيقول صبح"تقوم مديريات الصحة في المحافظات بالتفتيش الفني والبيئي للمراكز عند تجديد الترخيص وعمل زيارات دورية لهذه المراكز وكذلك تقوم لجنة أخرى من وحدة الإجازة والترخيص بوزارة الصحة بعمل زيارات دورية لهذه المراكز ومراقبتها".

 

لا شكاوى حول تجاوزات أخلاقية في المراكز والمحال

تؤكد الجهات الرسمية وفي مقدمتها وزارة الصحة والغرف التجارية أنها لم تتلق أية شكاوى تتعلق بوجود تجاوزات أخلاقية، سواء في مراكز العلاج الطبيعي، أو مراكز تقدم خدمة "المساج الاسترخائي". ويقول صبح"لم نتلق أية شكاوى بخصوص التجاوزات الأخلاقية."

ويوافقه في الرأي عبد الغني العطاري رئيس غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله ، الذي يؤكد أن دور الغرف التجارية ينحصر في تسجيل المحلات الحاصلة على كافة التراخيص، مع العلم أنها تتطلب إجراءات خاصة كالتسجيل في وزارة الاقتصاد الوطني ووزارة الصحة والأجهزة الأمنية.

ويشير عطاري إلى أن مسؤولية الرقابة على هذه المحال تتبع للوزارات والأجهزة الأمنية والبلديات، نافيا تلقي الغرفة التجارية لأية شكاوى بهذا الخصوص.

 

النيابة العامة: انتشار ظاهرة الاحتيال الإلكتروني

وفي ردها على سؤال لـ"الحياة الجديدة" حول تفسير النيابة العامة لوجود حسابات عبر "التيك توك" تروج لخدمة "مساجات جنسية " والزعم بأنها تقدم خدماتها في كل مناطق الضفة الغربية، مقابل تحويلات مالية قبل تقديم الخدمة، تقول النيابة العامة "هناك انتشار للاحتيال الإلكتروني عن طريق استخدام الشبكة الإلكترونية، حيث أصبح من أشهر الجرائم مع تطور التكنولوجيا من خلال تقديم خدمات مزيفة عبر شبكة الإنترنت، بهدف الحصول على الأموال بواسطة استخدام طرق خداعية حيث وجد المحتالون في الإنترنت فرصة لتضليل وخداع الأبرياء بشتى الطرق فقد وجدوا من مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع فرصة للنصب بغرض الربح ويمكن للمحتال القيام بجريمته من دولة أخرى غير الدولة المقيم بها الضحية.

ماذا يقول القانون؟

تؤكد النيابة العامة أن الأفعال المرتكبة بهذا الخصوص تتكيف على  أنها احتيال إلكتروني أو أنها ابتزاز إلكتروني في حال كان الجاني يخفي صورا أو فيديوهات للضحية ويقوم بتهديده بنشرها.

 أما بخصوص العقوبات الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018 وتعديلاته بخصوص الابتزاز الإلكتروني منصوص عليه في المادة رقم 15/1 فهي الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين و غرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار.

ويتشدد المشرع بالعقوبة بهذا الخصوص حيث نص في المادة 15/2 على أنه إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو إسناد أمور خادشة للشرف أو الاعتبار يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد عن ثلاث سنوات وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف دينار ولا تزيد عن عشرة آلاف دينار أردني.

أما بخصوص الاحتيال الإلكتروني فقد نص القانون في المادة 14 على العقوبة وهي الحبس لمدة لا تقل عن سنة أو بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار أردني أو بكلتا العقوبتين.

320 قضية مسجلة لدى النيابات

تكشف النيابة النقاب عن أن عدد القضايا المسجلة لدى النيابات والتي موضعها "ابتزاز إلكتروني" من تاريخ 01/01/2022 لغاية اليوم وصلت إلى 320 قضية، علما بأن التعامل مع مثل هذا النوع من الشكاوى يتم بالتعاون مع وحدة الجرائم الإلكترونية في الشرطة إذ يتم استقبال الشكوى، وبناء على سماع إفادة الضحية يتم إرسال طلب احتياج إلى الشركة المزودة بالخدمة لمعرفة صاحب الرقم المرتبط بالتطبيق الذي قام بالابتزاز أو رقم الـ(IP) المرتبط بالحساب الذي قام بالابتزاز، وحين ترد النتائج يتم اتخاذ المقتضى القانوني بحقه وفي حال تبين أن الفاعل يقيم خارج فلسطين يتم تحويلها إلى دائرة التعاون الدولي لاتخاذ المقتضى القانوني السليم.

تأكيد على أهمية التوعية

أكدت النيابة العامة على ضرورة التوعية، داعية الشباب الفلسطيني إلى عدم التعامل مع أي شخص غير معروف لديهم على منصات التواصل الاجتماعي، وفي حال حصل ابتزاز إلكتروني تنصح بالتوقف عن التعامل مع الشخص المبتز نهائيا، والتعامل مع المشكلة بحكمة وروية وإبلاغ أي شخص ذي ثقة لديه القدرة على المساعدة وعدم الانجرار إلى ما يطلبه المبتز، لأن طلباته لا تنتهي، مع التأكيد على ضرورة التوجه إلى الجهات القضائية المختصة والإبلاغ عن الحالة.