الأجور في غزة.. وجه جديد للاستعباد بدعم من سلطة حماس
غزة– خاص بـ "الحياة الجديدة"- قبل شروق الصباح، يبدأ المواطن سالم عبد السلام (44 عاما) كعادته، الاستعداد للخروج من منزله الكائن في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، متوجها إلى عمله قرب الحدود الشرقية لقطاع غزة، في قطف ثمار الحمضيات من (برتقال وليمون) ليتمكن من إعالة أسرته المكونة من ثمانية أفراد.
يقول عبد السلام لـ "الحياة الجديدة":" إن جمال وروحانية الخروج في الصباح الباكر، مع أشعة الشمس الدافئة، وزقزقة العصافير، يقتلها قسوة العمل، واستعباد أرباب العمل لنا، إضافة إلى الأجور المتدنية التي لا تتجاوز الـ20 شيقلا يوميا، وذلك في ظل غياب الرقابة من الجهات المسؤولة في غزة، التي تركتنا لهذا الذل والهوان".
ويؤكد عبد السلام أنه حصل على تصريح عمل داخل الخط الأخضر قبل ثمانية أشهر، ولكن رفض الاحتلال تجديده بالرغم من كل المحاولات التي بذلها، مشيرا الى أنه عمل في المحافظات الشمالية مدة أسبوعين في مجال البناء، قبل انتهاء صلاحية تصريحه السابق، معبرا عن تمنيه للحصول على التصريح مرة أخرى.
ويسرد عبد السلام فترة الاستقرار المعيشي التي عاشها خلال عمله في المحافظات الشمالية والداخل المحتل قائلا: "كنت أعمل في موسم الفواكه والخضراوات داخل الخط الأخضر، وكنت أتقاضى يوميا 250 شيقلا، فيما تقاضيت أقل بعملي في الضفة الغربية ما يقارب الـ150 شيقلا يوميا"، مؤكدا أن الفرق كبير بالنسبة لعملي اليوم في قطاع غزة.
ويقضي عبد السلام ما يقارب الـ12 ساعة عمل يوميا، مقابل 20 شيقلا فقط، من دون احتساب أي زيادة مالية على ساعات العمل الإضافية، مؤكدا أن احتياجات اسرته المستمرة، وسط حالة غير مسبوقة من الغلاء في الأسعار، هو من يدفعه للتحمل والاستمرار في هذا العمل الصعب.
وتتفاعل قضية تدني مستوى الأجور وغياب الرقابة في قطاع غزة، منذ سنوات ولكن ترفض الجهات المسؤولة في حركة حماس تنفيذ الحد الأدنى القديم للأجور والذي يبلغ 1450 شيقلا، متذرعة بحجج ذات علاقة بالوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب في قطاع غزة.
الإعلامي حازم أبو حميد انفجر قبل أيام في بث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، موجها انتقادات شديدة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، معتبر أن ما يحدث من تدنٍّ للأجور في القطاع هو مستوى يرقى للاستعباد، في ظل غياب لوزارة العمل بغزة.
وقدم أبو حميد تساؤلاته لعدم وجود حلول لهذه المسألة مؤكدا أن الذرائع بصعوبة تطبيق الحد الأدنى للأجور هو كذب قائلا:" إذا كان رفض سلطة حماس تطبيق الحد الأدنى للأجور بسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي يعيشها القطاع التجاري فلماذا تفرض حماس الضرائب وتجمع الأموال الباهظة من المواطنين في ظل هذه الظروف؟".
وأضاف أبو حميد: "عندما نقارن الأجور اليومية في دولة الاحتلال للعمال الفلسطينيين التي تبلغ 300 شيقل يوميا، نرى بأن هذا المبلغ هو راتب شهري للعمال في قطاع غزة، وإن ادعاءات حماس بأن الواقع الاقتصادي سيئ لغزة ولا يمكن تطبيق الحد الأدنى للأجور غير صحيح، لأنها تفرض على الناس ضرائب باهظة على المعابر والمدخولات والبلديات".
وقدم أبو حميد اقتراحا بضرورة تخفيف الضرائب التي تفرضها سلطة حماس على المولات والشركات في قطاع غزة، مقابل أن تقوم تلك المؤسسات بتحسين رواتب الموظفين والعمال قائلا: "التاجر أو صاحب المحل الموجود في حي الشجاعية، والذي يقوم بتشغيل عمال بعشرين شيقلا فقط، لماذا لا تخفض حماس الضرائب عليه ليتمكن من رفع أجور العمال".
وختم أبو حميد: "هناك فئات كثيرة في البلد وضعها سيئ، وتكل من التراب، ويجب إيجاد قانون عمل لحماية العمال" مضيفا: "حتى القطاع الخاص هناك مؤسسات وعمال ظروفهم صعبة" فالعشرون شيقلا لا تكفي شيئا في ظل الغلاء والضرائب والارتفاع الجنوني في الأسعار".
وتشير تقارير حقوقية في غزة أن قرار مجلس الوزراء عام 2021، بزيادة الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 1880 شيقلا، بدلا من 1450 شيقلا، لا يتم تطبيقه في قطاع غزة، ووفقا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغت نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص الذين يتقاضون أجرا شهريا أقل من الحد الأدنى للأجور 19% في الضفة الغربية، و89% في قطاع غزة.
وتنتشر القصص والحكايات حول المعاملة القاسية وتدني الأجور في غزة، الناشط عزيز الكحلوت نشر عبر صحفته على "فيسبوك" فيديو يقول فيه:"لقد رأيت إعلانا لمطعم في دولة الاحتلال يحتاج عاملا بأجر 95 شيقلا للساعة الواحدة"، مضيفا: "تخيل اننا في دولة الإسلام ويقصد (حكم حماس الإسلامي في غزة) يتقاضى العامل فيها20 شيقلا لكل يوم عمل طويل فقط".
مواضيع ذات صلة