قراءة في كتاب "التاريخ الكامل للصحافة الفلسطينية"
حسام أبو النصر
يبحث هذا الكتاب في تاريخ وواقع وأبعاد ومستقبل الصحافة الفلسطينية، وضم المُؤلف المواضيع أوسع في الصحافة الفلسطينية؛ ذلك أن الكتاب يُناقش، بداية، نشوء العمل الصحفي الفلسطيني منذ العام 1876 ولغاية الآن، وهذه الفترة نادراً ما تطرق إليها مؤلف، أو مجموعة مؤلفين، إلى جانب الموضوعات والقضايا الواسعة، كما ونوعاً، التي يتضمنها هذا الكتاب.
يتضمن كتاب د. الفطافطة، (والذي جاء في 1062 صفحة من القطع المتوسط، وصدر عن تجمع باحثون بلا حدود ـ فلسطين)، محاور وعناوين كثيرة متعلقة بقطاع الصحافة وقضاياها في فلسطين، بدأت بالحديث عن الصحافة عبر التاريخ، سواءً عالمياً أو عربياً. ومن ثم التطرق إلى الصحافة عموماً، والصحفي من حيث وظيفته ومهامه وأخلاقياته، وصولاً إلى التطرق إلى دور الطباعة في تطور الصحافة. وبعد ذلك تم الحديث عن المراحل الزمنية للصحافة الفلسطينية؛ انطلاقاً من الصحافة في العهد العثماني، ومن ثم عهد الانتداب البريطاني، فالصحافة بين فترتي النكبة والنكسة، ومن ثم الصحافة في الشتات، وصحافة الثورة الفلسطينية، مروراً بالصحافة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى المرحلة الأخيرة المتمثلة بواقع ودور الصحافة في عهد السلطة الوطنية. وبعد ذلك، تم التطرق إلى التحديات التي تواجه الصحافة الفلسطينية بصورةٍ عامة.
كذلك، تناول الكتاب الحديث عن الصحافة المتخصصة، إذ ناقش العديد من تصنيفات أو أنواع الصحافة المتخصصة في فلسطين، سيما الأكثر تداولاً واهتماماً وأثراً في المناشط الحياتية والمهنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وتضمنت هذه الأنواع على: الصحافة الاقتصادية، الالكترونية، الرياضية، الاستقصائية، النسوية، الاعتقالية، الجدارية، التغطية الصحافية للانتخابات، وأيديولوجية الصحافة الفلسطينية.
كما وعالج المؤلف د. الفطافطة، في محورٍ آخر من كتابه، العديد من القضايا ذات الارتباط الوثيق بواقع الصحافة وشؤونها كـ: الصحافة الفلسطينية بين الحرية والتشريعات، الرقابة على الصحافة والصحافيين، حصول الصحفيين على المعلومات، السياسة التحريرية في الصحافة الفلسطينية، التنظيم الذاتي في الصحافة، تأثير الانقسام على الصحافة الفلسطينية، أخلاقيات الصحافة في سياق الصراع مع الاحتلال، وتأثير كورونا على الصحافة الفلسطينية.
كما وتطرق الكتاب إلى بعض القضايا المتمثلة بـالصحافة الفلسطينية، وهي: تاريخ الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين، ومن ثم استقلالية العمل النقابي الصحفي عن الاتحاد، مروراً بالحديث عن نقابة الصحافيين الفلسطينيين، ومن ثم المؤتمر الاستثنائي الأخير، كما تناول الكتاب: سمات عامة للصحافة الفلسطينية، والإجابة على سؤال: ما هو مستقبل صحافتنا في ظل الإعلام الجديد؟ بعد ذلك، خصص المؤلف حيزاً واسعاً لنشر صور بعض الصحف الفلسطينية الصادرة في كافة المراحل التاريخية للصحافة الفلسطينية، ومن ثم نشر وثائق وجداول متعلقة بمحتويات الكتاب، وصولاً إلى قائمة طويلة تحتوي على المراجع والمصادر.
إلى ذلك، ذكر الكاتب في مقدمته: إن اختزال قرن وأكثر بالحديث عن الصحافة الفلسطينية مسألة ليست بالسهلة، فهي كالبحث أحياناً عن " إبرة في كومة قش"، وتحتاج إلى تمحيص، والعودة إلى كمٍ كبير من المراجع والمصادر المتعلقة بأدبيات الإعلام والصحافة، وهذا بحد ذاته تحدياً كبيراً وشاقاً".
إن مثل هذا الكتاب الموسوعي والكبير جداً في صفحاته مهم جداً نظراً إلى طبيعة وأهمية الموضوع والحقل البحثي الذي يتطرق إليه، وهو قطاع الصحافة؛ ذلك أن الصحافة تُعتبر من أهم الأدوات والوسائل لنقل المعرفة والحقيقة للناس، كما تُشكل دوراً أساسياً وبارزاً في الرقابة والمساءلة، والتأثير في السياسات العامة، وخلق رأي عام، إضافة إلى تجسيدها لهموم وآمال المجتمع. فالصحافة التي لها دورٌ مؤثر وفاعل في حياة الشعوب تستحق لقب "صاحبة الجلالة" مثلما استحق الإعلام عموماً لقب "السلطة الرابعة".
كذلك، فإن الصحافة من أقوى أدوات الاتصال العصرية التي تُعين الجمهور المتلقي على معايشة العصر والتفاعل معه، كما أصبح لها دورٌ مهم في شرح القضايا وطرحها على الرأي العام من أجل تهيئته إعلامياً.
إن هذا كتاب من شأنه أن يسد ثغرة معرفية في الصرح البحثي المتعلق بواقع الصحافة الفلسطينية خاصة، والإعلام الفلسطيني على وجه العموم، مع الإشارة، إلى أن الصحافة الفلسطينية ستبقى، رغم تزاحم وهيمنة وسائل التواصل الالكتروني والرقمي، عنواناً مهماً للجمهور الفلسطيني، وأداة تنويرية وتغييرية في كافة المجالات المختلفة، وهنا علي ان اشيد بجهود الفطافطة البحثية والمعرفية التي تشكل غزارة في الانتاج الثقافي والفكري، اضافة لكونه شخصية معطاءة حاضرة في كل الفعاليات الثقافية والاكاديمية وهذا ما يجسد مقولتي ان المثقف يجب ان تتطابق أفعاله مع أقواله وهذا ما يجسده الفطافطة من خلال الفعل الثقافي الدائم.
مواضيع ذات صلة