عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 31 أيار 2023

"جمارك حماس" تزيد أعباء المسافرين.. مصادرة واستيلاء على أغراض شخصية

عودة للوطن مليئة بالإذلال والمهانة

غزة– خاص بـ "الحياة الجديدة"– تواصل دائرة الجمارك التابعة لحركة حماس على معبر رفح الحدودي مع مصر، التضييق على المسافرين العائدين إلى قطاع غزة ومصادرة مقتنياتهم الشخصية، وفرض رسوم جمركية عالية على أغراضهم الخاصة، فيما لا تزال أزمة انتظار السفر لأشهر طويلة مستمرة عبر النافذة الوحيدة لسكان القطاع للعالم الخارجي.

إلى جانب التحقيق في غرف أجهزة أمن حماس في معبر رفح للقادمين والمغادرين من أهالي غزة، تثير قضية الاستيلاء على مقتنيات العائدين من الخارج إلى القطاع حالة استياء شديدة بين المواطنين، فالأدوية والعطور والسجائر والمعسل والأجهزة الخلوية والالكترونية وبعض الهدايا الخاصة، جميعها تتعرض إما للمصادرة أو فرض الجمارك الباهظة عليها من قبل موظفي حماس على معبر رفح.

في شهر آذار/مارس من العام 2020، فرضت جمارك حماس مبالغ كبيرة على السجائر (100 شيقل لكل كروز)، والمعسل (180 شيقلا لكل كيلو)، وذلك بعد شكوى من قبل الموردين لهذه الأصناف من انخفاض أرباحهم، ولكن في شهر نيسان/ أبريل من العام الجاري قررت حماس إلغاء تلك الرسوم الجمركية ومصادرة تلك السلع دون وجه حق ورفض أي محاولة من أصحابها لاستردادها.

ويبدو وفقا لما تقصى به مراسل "الحياة الجديدة" أن القرار الذي اتخذ في شهر نيسان الماضي بمصادرة كافة السلع المتعلقة بالتبغ باستثناء عدد قليل من علب السجائر للاستخدام الشخصي، جاء بعد نجاح القرار الأول برفد المزيد من المال لخزينة الحركة، وكان هذا القرار بالاستيلاء على تلك السلع بالقوة من المسافرين وبيعها بعد ذلك لصالح حكومة الأمر الواقع التابعة لحماس.

ويضاف إلى قرارات المصادرة والاستيلاء على مقتنيات المسافرين عبر معبر رفح، القرارات الخاصة بفرض ضرائب كبيرة على السلع القادمة من مصر عبر بوابة صلاح الدين القريبة من معبر رفح، حيث قدرت قيمة عائدات حماس من تلك البضائع بعشرة ملايين دولار العام الماضي، في حين بلغت قيمتها عام 2018 أكثر من سبعة ملايين دولار.

ويقول خبراء اقتصاد في غزة: "إن سيطرة حركة حماس أيضا على حركة البضائع في معبر كرم أبو سالم، وفرضها لضرائب على الشاحنات والبضائع يرفد خزينتها بنحو 20 مليون دولار شهريا، من خلال ضريبة القيمة المضافة البالغة 16%".

ووفقا لخبراء فان تلك الضرائب "فاقمت الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، وزادت من نسب الفقر والبطالة، وأفقدت الكثير من العائلات مصادر دخل مهمة، فيما أغلقت الكثير من المحال التجارية أبوابها، وأدخل المئات من التجار السجون بسبب عدم قدرتهم على سداد ديونهم وبيع بضائعهم مرتفعة الثمن بسبب الضرائب".

المواطن سمير النزلي "44 عاما" ومغترب في أوروبا منذ 20 عاما، قرر العودة إلى غزة، لزيارة عائلته، قبل عيد الفطر الماضي، ولكنه تفاجأ من المعاملة القاسية لما يسمى (دائرة الجمارك) التابعة لحماس، والتفتيش الدقيق لمقتنياته الشخصية، ومصادرة الكثير من أغراضه والهدايا القيمة التي جلبها لوالديه وأشقائه.

يقول النزلي لـ "الحياة الجديدة": "لم أتوقع أن يكونوا بهذه الوحشية، حتى كادوا أن يصادروا علبة السجائر الموجودة في جيبي الخاص، وذلك بعد أن استولوا على جميع كميات المعسل التي جلبتها لشقيقي، والسجائر الالكترونية التي ابتعتها من بلجيكا كهدية لبعض أصدقائي"، مشيرا إلى ضياع بعض الألعاب الالكترونية وزجاجات العطور خلال عملية التفتيش القاسي والمذل على المعبر المفترض أن يكون فلسطينيا".

كثيرة هي القصص حول عمليات الاستيلاء غير القانونية التي تقوم بها حماس على معبر رفح البري، فالمواطن حمدان قشطة علق قائلا: "حماس تعرف كيف تجني الأموال من أهالي غزة، فبعض المسافرين العائدين إلى غزة، يحملون بعض الأغراض ويتحملون عناء السفر، في محاولة منهم للتخفيف من الأعباء المالية لرحلتهم، أو الانفاق على أبنائهم، ولكن حكومة حماس لا ترحم أحدا".

المسافرة أماني سمير كانت أكثر وضوحا في التعليق، قائلة: "تعلن (جمارك معبر رفح) عن السرقة والنهب من شعبنا في وضح النهار، ولن تستطيع أن تعترض على تلك الإجراءات".

محمد الطيب وهو صاحب تجربة سابقة للسفر عبر معبر رفح قال: "حماس لا تتعامل مع كل المسافرين بنفس المعاملة، فهناك من لديه واسطة ويمكنه إدخال كل ما يحمل دون أن يتحدث معه أحد، ويتم أيضا تسهيل دخوله وختم جوازاته بسرعة، فيما يذل ويهان المواطن العادي الذي لا يملك واسطة".

الناشط صالح المقيد أوضح أنه "حتى في ظل وجود قرار من حكومة حماس بمصادرة الأغراض الشخصية فالمفروض أن يكون هناك إثبات للحالة وتسجيلها رسميا في ورق رسمي، وفتح ملف لحفظ الأشياء المصادرة وتحريزها ببيانات المسافر والتاريخ لتسليمها للجان متخصصة، ولكن ما يحدث على معبر رفح هو تهريج وخداع ونصب وفوضى إدارية".

الشاب كرم أحمد كان له تجربة مزدوجة، فبالاضافة إلى مصادرة بعض مقتنياته، فإن أجهزة حماس أدخلته للتحقيق لأكثر من ثلاث ساعات لدى مغادرته وعودته إلى قطاع غزة، قائلا: "لو احنا مسافرين على تل أبيب ما بصير هيك معنا، والله في أي معبر عربي لا يتم معاملتنا بهذه الطريقة".

الصحفي فارس الغول وهو مراسل لوكالة الأنباء الأميركية، قال ساخرا: "جمارك رقم 5؟ معبر يوجد فيه كاونترات الجمارك أكثر من كاونترات الجوازات وأكثر من عدد الباصات المسموح لها بالمغادرة" ما يعني أنه معبر مخصص للجباية وفرض الضرائب أكثر من كونه معبرا لتسهيل حياة المواطنين في السفر والتنقل.

ويروي الغول أيضا قصته مع جمارك حماس عبر معبر بيت حانون قائلا: "عدت إلى غزة بعد غياب 6 أشهر، ولدى وصولي إلى معبر بيت حانون رأيت موظفي جمارك حماس أمامي يتغولون على المسافرين بضرائب وجمارك باهظة. ايش هذا آيفون؟ لازم تتجمرك. ممنوع. ايش هدا سجاير؟ لازم تتجمرك. معسل؟ ممنوع. في لابتوب معك؟".

ويضيف الغول: "على ورقة صغيرة معلقة على الحائط في مكتب الجمارك كتب: ممنوع إعفاء التبغ، وهكذا اعتبرت هذه القصاصة الورقية قانونا نافذا، لم يعلن القانون ولم ينشر في صحيفة رسمية".

ويردف قائلا: "كنت أحمل كروزين سجائر ووقية معسل، وطلب موظف الجمارك مني 120 شيقلا، على الكروز الواحد، ورفضت الموضوع، وحاولت أن أتلفها وألقيها في حاوية القمامة، ولكنهم رفضوا واعتبروها حرزا لم يعد من أملاكي".

ويوضح الغول: "لا أدخن السجائر، ولكني حملتها كنوع من الهدايا، فلا يعقل أن أدفع جمارك على الهدية أكثر من ثمنها الأصلي"، مؤكدا أن أحد رجال الأعمال كان بجواره ويحمل جهاز أيفون، ولكن موظفي الجمارك أصروا على أن يدفع جمارك رغم محاولته إثبات أن الجهاز شخصي وأنه استلمه من شركة جوال في مدينة رام الله.

ويختم الغول بالقول: "أصبح الخوف من رجال جمارك حماس عند الوصول إلى غزة هاجسا لدى المواطنين في غزة، فالمسافر يتحمل الويلات في الخروج والدخول لغزة، ولكن حماس تمعن أيضا في التضييق على المسافرين وذلك بفضل قرارات تغريم كل مسافر حتى لو كان يحمل أغراضا شخصية وهدايا خاصة".