استمرار العدوان على غزة ينذر بكارثة إنسانية
غزة- الحياة الجديدة- عبد الهادي عوكل- إلى جانب سقوط الشهداء والجرحى من الأطفال والنساء جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ يوم الثلاثاء الماضي، فإن أزمات كبيرة يخلفها هذا العدوان في مناحي مختلفة من الحياة، تزداد ساعة تلو الأخرى على المواطنين وتزيد من أوجاعهم دون اكتراث من المؤسسات الدولية والحقوقية التي تعنى بحقوق الإنسان.
وحسب مصادر رسمية في غزة، فإن ما يقارب من 500 مريض بينهم 15 حالة إنقاذ حياة، ممنوعين من السفر لتلقي العلاج في مشافي القدس المحتلة، الأمر الذي يهدد حياتهم، لعدم وجود علاج لهم في المشافي بقطاع غزة، التي تعاني من نقص في الكوادر البشرية والإمكانات الطبية لإنقاذهم، وهو ما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية التي كفلت الحق في التنقل والعلاج.
إضافة إلى ذلك، فإن سياسة قصف المنازل وتسويتها بالأرض أدت إلى تشريد مئات المواطنين الذين فقدوا مأواهم، حيث استهدف الاحتلال منذ بدء العدوان، ثلاثة عشر منزلا، و30 وحدة هدم كلي، وتضرر ما يقارب 550 وحدة منها 40 غير صالحة للسكن ونحو 500 جزئي وبليغ.
كما فقدت شريحة العمال أعمالها، وهم الشريحة الأكثر حاجة للعمل لإعالة أسرها، نظرا لتعطل الحياة في قطاع غزة، وإغلاق المحال التجارية والصناعية والزراعية، الى جانب تعطل العاملين في مهنة الصيد والذي يقدر عددهم بـ 3500، وهو أمر يفاقهم من الوضع الإنساني لهم.
وفي ذات السياق، تأثر المزارعون سلبا من العدوان، حيث أصبح من الصعب الوصول لمحاصيلهم الزراعية، وهو ما سيكبدهم خسائر اقتصادية كبيرة، بفعل عدم قدرتهم على تصدير محاصيلهم والتي تقدر بقرابة 600 طن من المنتجات الزراعية عبر معبر "كرم أبو سالم" المغلق والذي يعد الوحيد الذي تدخل وتخرج منه البضائع كافة.
ومنذ اليوم الأول للعدوان أغلقت إسرائيل المعبر، ومنعت من وصول جميع السلع للقطاع بما فيها وقود محطة توليد الكهرباء، والتي ستضطر للإغلاق الكامل في حال استمرار الاغلاق لأكثر من 48 ساعة، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية في حال توقفت بالكامل، حيث سيبقى الاعتماد على المصدر الإسرائيلي والمصري للكهرباء، وهما لا يكفيان حاجة القطاع، الذي يفتقر للكهرباء أصلا، وستزيد ساعات قطع الكهرباء على المواطنين.
كما خلف القصف الاحتلالي المتواصل خسائر وتعطل في خطوط الكهرباء على مناطق بأكملها وهو ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عنها.
ويقول مركز الميزان لحقوق الإنسان في بيان له، أن قوات الاحتلال تستخدم قوة تدمير كبيرة في استهدافها للمنازل والأراضي الزراعية ما يوسع دائرة الأضرار ويلحق ضررا مباشرا في شبكات توصيل التيار الكهربائي إلى منازل المواطنين والمؤسسات الصحية والخدمية والعامة، في الوقت الذي ما زالت تواصل منع دخول الإمدادات الإنسانية بما فيها الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء.
ويضيف أنه بفعل القصف تضررت بعض شبكات ومحولات الكهرباء، بحيث بلغ عدد البلاغات عن أعطال في الشبكة منذ بداية العدوان (453) بلاغا تلقتها شركة توزيع كهرباء غزة، وخرج خط البحر وخط (j5 ) من الخدمة نظرا لتعطل شبكة الضغط المتوسط بسبب العدوان الذي استهدف مناطق قريبة.
وأكد المركز أن تفاقم نقص امدادات الطاقة ينذر بتدهور كبير في كافة مناحي الحياة لا سيما الصحية والبيئية ويهدد بتعطل عمل المستشفيات والعيادات وآبار المياه ومحطات تحلية المياه والمرافق الخدمية الأخرى، كما قد يؤدي إلى توقف عمل مضخات الصرف الصحي ومحطات معالجتها، ويضطر البلديات إلى العودة إلى ضخ المياه العادمة في البحر دون معالجة.
وأكد "الميزان" أن الممارسات الإسرائيلية تمثل انتهاكا واضحا لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي يحظر على دولة الاحتلال معاقبة المدنيين، خاصة وأن الطاقة الكهربائية تُسهم في حماية الحقوق الأساسية للمواطنين لا سيما الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تشهد تدهورا متسارعا جراء الحصار الاحتلالي المشدد المفروض على القطاع.
وطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل وإلزام قوات الاحتلال بوقف العدوان على قطاع غزة، ومنع استهداف المدنيين وممتلكاتهم الخاصة والعامة، ووقف العقوبات الجماعية، وإنهاء الحصار المفروض على القطاع، وفتح المعابر فورا، وسرعة استئناف توريد السولار الصناعي لمحطة التوليد في غزة، والسماح للطواقم الفنية بإعادة وإصلاح شبكات الكهرباء، وتحييد مرافق البنية التحتية وضمان سلامة العاملين في المجالات الخدماتية كالكهرباء والمياه وعدم التعرض لهم.
كما طالب المجتمع الدولي، ولا سيما أطراف اتفاقية جنيف الرابعة على التحرك فورا لوقف الانتهاكات الخطيرة لقواعد القانون الدولي الإنساني التي ترتكبها قوات الاحتلال والعمل على إنهاء الحصانة وملاحقة ومحاسبة كل من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وطالب كذلك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باتخاذ خطوات ملموسة وجدية للتحقيق في الجرائم المرتكبة والذي أقرت المحكمة الشروع فيه في آذار/ مارس من عام 2021.
ويتعرض قطاع غزة كل فترة زمنية لعدوان إسرائيلي غاشم يستهدف فيه المواطنين المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، وتدمير للمنازل فوق رؤوسهم وصولا لمسح عائلات بأكملها من السجل المدني، بينما لا يحرك المجتمع الدولي ساكنا تجاه جرائم الاحتلال، بل ويساوون بين الضحية والجلاد، ما يعد دعما وتغطية للاحتلال على جرائمه.
مواضيع ذات صلة