عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 07 أيار 2023

طوق نجاة لمتحسسي الغلوتين واللاكتوز.. صانعته طالبة فلسطينية

رام الله- الحياة الجديدة-عبير البرغوثي- من بين تحديات ظروف حالتنا الفلسطينية بكل تفاصيلها- رغم كل ما يعترض الحياة على هذا الجزء من الارض- تخلق الفلسطينية كل يوم قصة نجاح وعطاء وابداع، حكاية تميز لم يكن العمر أو قيود يوميات المشهد الفلسطيني عائقاً أمام ولادتها كنموذج وشهادة على أن ابناء فلسطين ذكوراً او اناثاً شباباً او أطفالاً، صنّاع تميز وحضارة وتفوق لتبقى كلمة فلسطين تعانق عنان السماء بعطاء وتضحيات أبنائها.

 في هذه السلسلة المتواصلة من قصص النجاح، نشارك جمهور "الحياة الجديدة" قصة نجاح الطالبة "ميرا الكردي" ابنة الخمسة عشر عاماً، قصة تكشف للعالم شعارًا رصينًا "أطفال فلسطين جيل من شباب يصنعون المستقبل".

البحث عن حلول للمشاكل والمخاطر الصحية التي يواجهها فئات او أفراد من المجتمع، ثمرة جهد وعمل الطالبة ميرا في مجال صحي وإعلامي لخدمة المجتمع، اعدت كتابا يتكون من 76 صفحة من القطع المتوسط، باللغة الانجليزية، تقوم فكرته على عمل وتنفيذ وصفات غذائية خالية من الغلوتين وهي موجهة لمن يعانون من الحساسية لمادة الغلوتين واللاكتوز.

الاحساس بالمسؤولية المبكرة تجاه الاسرة والمجتمع هو المحفز لتكوين جيل من الشباب يكون سنداً لاسرته ومجتمعه مستقبلاً، وحول بداية هذه الفكرة  وكيف جاءت، تقول ميرا: "جاءتني الفكرة نتيجة تحسس أمي من مادة اللاكتوز الخاصة بمشتقات الحليب وعدم قدرتها على تناول أية مادة غذائية تحتوي اللاكتوز الخاصة بمنتجات الحليب تحديدا، ومن هنا جاءت فكرتي في تنفيذ وصفات غذائية خالية أيضا من الغلوتين وتحتوي على بدائل لمادة اللاكتوز".

لا انجازات او تميز يمكن ان يتحقق بمجرد اطلاق الامنيات، الحياة تتطلب العمل، والابداع يتطلب التفاني دون تعب او يأس او كلل، تضيف ميرا: "عملت على هذا المشروع لمدة شهرين،  بدأتها بعمل بحث عن الوصفات الغذائية الخاصة بهذا النوع من الأغذية والمنتجات التي تناسب كل وصفة مع حرصي على أن تكون كل وصفة قريبة من الوصفة الاصلية التي تحتوي على الغلوتين واللاكتوس من حيث الشكل والطعم، وخلال هذه الفترة أعددت العديد من الوصفات الغذائية منها ما نجح ومنها ما لم ينجح،  ولكنني تمكنت من انجاز أكثر من 20 وصفة غذائية موزعة بين وجبات الإفطار والغداء والعشاء والحلويات الخالية من الغلوتين ومادة اللاكتوس. كما أن شغفي بصناعة الحلويات من الأساس دفعني لعمل باقي الوصفات".

التميز والابتكار روح الشباب والطلاب، روح العمل التي لا تنتظر الاشتراطات، بل المبادرة والتقدم خطوةً للأمام تتبعها خطوة تعزز وضوح الطريق، ويصبح الهدف أكثر وضوحاً حتى أمام أعين المنتقدين، هذه هي وصفة طلاب فلسطين، تقول ميرا: "عملت أيضا على تنفيذ فكرة الكتاب من حيث تصميم وإخراج الصفحات، إلى جانب تصوير الوصفات بكاميرا الموبايل الخاص بي. الكتاب يحتوي على الوصفات وطريقة تحضيرها الى جانب المكونات الخاصة بكل وصفة، حاولت أن أعكس شخصيتي في هذا الكتاب الذي نال إعجاب الناس من حولي".

"الوعي الصحي والاهتمام بتوسيع المعرفة يمثلان مشروعا أساسيا في حياتي، فانا أسعى عبر هذا المشروع لتعزيز ثقافة الوعي بحساسية بعض الأشخاص تجاه مادة الغلوتين واللاكتوس، فهناك بعض الأشخاص ممن لا يعلمون أو يدركون أن لديهم حساسية تجاه هاتين المادتين ما يعرضهم للإصابة بأعراض مرضية مؤلمة، وبالتالي أحاول ولو بالقدر القليل زيادة التوعية بهذا الأمر من خلال هذا الكتاب وأيضا من خلال نشر بوستات حول الموضوع على مواقع السوشيال ميديا الخاصة بي،  كما أحاول أن يكون هذا الكتاب ضمن رفوف المكتبات وايضا في المطاعم والا يكون حبيس إطار معين"، تضيف ميرا.

الابتكار وتقديم ابداعات جديدة تسهم في تحسين حياة المجتمع، وتساهم في مساندة مختلف الفئات ذات المصلحة، هي مهمة لكافة ابناء المجتمع الفلسطيني وعدم الاستكانة للظروف او المعيقات، لاننا جيل لا يستسلم  للضعف ابداً  مهما كانت أسبابه، والأساس يبدأ من دور الاسرة والمدرسة وباقي مكونات المؤسسات الرسمية للأخذ بيد المبدعين. وتختتم ميرا بقولها "خلال العمل على المشروع وجدت كل التأييد والمساندة من عائلتي ومدرستي،  ولن أنسى دعم والدتي لي كانت معي خطوة بخطوة حتى تمكنت من إنجاز هذا المشروع،  كما سأعمل في المستقبل على إنجاز كتاب آخر لوصفات غذائية تجمع بين الغلوتين واللاكتوس معا،  بحيث تكون هذه الوصفات خالية من هاتين المادتين".

هذا الجيل وهذه النماذج من شبابنا وطلابنا ترفع لهم القبعات احتراماً وتقديراً، نجاح يقدم علامة بارزة على ان الابتكار والابداع لا يرتبط بالعمر او المكان او النوع الاجتماعي، فطالبتنا ميرا نموذج لجيل هو رأسمالنا البشري الذي نواجه به تحديات العصر الجديد.