نابلس الحزينة تعيش حكاية جرحها الكبير
نابلس– الحياة الجديدة– بشار دراغمة- لا تغادر رائحة الموت مدينة نابلس، التي تفيق في كثير من أيامها على جريمة جديدة، يرسم فصلوها غزاة اعتادوا زراعة الموت في كل أرض فلسطين.
يبدأ الحدث متدحرجا ومتدرجا، اكتشاف قوة من المستعربين، يتلوه اقتحام بعشرات الآليات العسكرية، محاصرة أحد المنازل في البلد القديمة في مدينة نابلس، أصوات الانفجار وإطلاق النار تسمع في كل مكان، ولا يرصد أهالي المدينة سوى المزيد من الآليات العسكرية التي تقتحم نابلس، حاشدة المزيد من القوات إلى الارتال العسكرية التي اقتحمت البلدة القديمة وحاصرت كل مداخلها.
لا يجد أهالي نابلس سوى عبارات الدعاء للمحاصرين في ذلك المنزل، ويزيد من حالة القلق لدى المواطنين صوت نداءات الاستغاثة التي تنطلق مع مآذن المساجد، لتتجلى القناعة بأن أمرا جللا يحدث في ذلك المنزل.
بعد نحو ساعتين من الاقتحام يضرب جندي احتلالي كفا بكف مع جندي آخر في إشارة إلى انتهاء العدوان، بينما يهرع المواطنون إلى المنزل المحاصر والمدمر ليكتشفوا تباعا تفاصيل جريمة جديد ارتكبها الاحتلال.
هنا جثة، يقول أحد المواطنين، يرد آخر وهذه كمان جثة، تنطلق صرخات "الله أكبر"، وتستمر عمليات البحث في منزل كل جدرانه آيلة للسقوط جراء قصفه بالمتفجرات، يتم العثور على جثمان شهيد ثالث، ليرتسم مشهد الحزن في المدينة بكل تفاصيل الموت، وما أن ينتهي المشيعون من دفن جثامين الشهداء، حتى ترد الأنباء عن ارتقاء فتاة قتلها جنود الاحتلال في بلدة حوارة بزعم محاولتها تنفيذ عملية طعن.
منازل الشهداء متلاصقة تماما كما هم في عليين، يقول محمد ناصر خلال تفقده آثار الدمار الذي حل بالمنزل، مشيرا إلى أن شهداء نابلس أمس ارتقوا بجوار المنزل الذي ارتقى فيه محمد العزيزي وعبدالرحمن صبح في شهر تموز الماضي.
حجم حقد الاحتلال تجسد على جثامين الشهداء، فاثنان منهم تقطعت رؤوسهم بفعل قوة التفجيرات، والثالث تشوهت الكثير من معالمه.
بيان وزارة الصحة الذي حدد أسماء الشهداء الثلاثة: معاذ مصري، وابراهيم جبر، وحسن قطناني، أكد صعوبة المشهد الذي رصده الأطباء على جثاميهم بعد نقلهم إلى مستشفى رفيديا الذي تداعى إليه أهالي نابلس بالمئات للتعرف على الجثامين والمشاركة في مراسم التشييع.
ينطلق موكب التشييع من أمام مستشفى رفيديا، ولا شيء أكثر من الغضب والدموع في عيون المشيعين الذي اعتادوا المشاركة في مثل هذه المراسم التي ارتفع عددها مؤخرا بفعل تزايد عمليات الإعدام التي ينفذها الاحتلال.
يهتف المشيعون بكل عبارات الغضب والتنديد، بينما ذلك الطفل الذي لم يتجاوز 10 أعوام ينظر بتأمل إلى الجثامين المحمولة على الأكتاف، يحدث صديقه الذي يقف إلى جانبه بعدما حولا مسارهما من المدرسة إلى موكب التشييع، قائلا: "كإنو نابلس كلها حزن، كل يوم قتل واعدام لخيرة شباب البلد".
على ميدان الشهداء حيث أدى المشيعون صلاة الجنازة، تصدح الحناجر بالتكبيرات، بينما عيون الشهداء تكاد تتفتح لتنظر إلى حال نابلس الحزينة.
مواضيع ذات صلة