عاجل

الرئيسية » مقالات و آراء »
تاريخ النشر: 04 أيار 2023

خضر عدنان.. التباس الواضح

باسم برهوم

لقد فاجأني خضر عدنان وجعلني أعيد النظر بكل مسلماتي السياسية، التي راكمتها لأكثر من ستة عقود أمضيتها مع القضية الفلسطينية، كنت ارتاب من الفصائل المرتهن قرارها السياسي للممول، لأنها ستخدم برنامجه اكثر ما تخدم فلسطين وقضيتها، لكن خضر عاش واستشهد فلسطينيا، وهذا ما يؤكد انه كان صادقا كل الصدق في كفاحه الوطني. والاستنتاج الأولي ان خضر كان يريد ان يقاوم الاحتلال الإسرائيلي ومن يتح له ذلك فهو معه بغض النظر عن المرجعية السياسية لمن هو معه ما دام يوفر له الفرصة التي يريدها هو.
حياة خضر عدنان حياة ملحمية، خلال عقدين اعتقلته سلطات الاحتلال أكثر من عشر مرات، اضرب خلالها عن الطعام في معتقلات الاحتلال ما مجموعه 324 يوما، منها 87  يوما الأخيرة قبل استشهاده. في المرات السابقة انتصر خضر على جلاده ونجح في ان يحرر نفسه عبر الاضراب عن الطعام، في هذه المرة سحق خضر سجانه، فهذا الأخير فشل في كسر إرادته، فقد كان شعار خضر إما الحرية الكريمة أو الشهادة، وفي الحالين هو السيد الحر، اما الجلاد فسيدون في مذكراته للحظة هزيمته القاسية.
قد أكون تأخرت في فهم خضر عدنان، لكني اراه اليوم احد ابطال فلسطين، وأحد النماذج المهمة التي تروي ملحمة الشعب الفلسطيني، ولخص الفكرة التي طالما نرددها بأن إرادة الشعب الفلسطيني لن تنكسر. على امتداد عقدين كانت شخصية خضر تحيرني، وكنت اتساءل: ماذا يريد هذا الانسان المشاكس؟ واليوم زال كل التباس وادركت ان هذا المشاكس قد أضاف بعدا اعمق لوعينا الوطني، وانه نفض بعض الغبار المتراكم لأميز اكثر ان خضر عاش واستشهد صادقا مع فلسطينيته.
قد تكون هذه النهاية الملحمية لخضر عدنان فرصة لنزيل كل أشكال الاتباس فيما بيننا ونجد معا طريقا لوحدتنا، انها لحظة تأمل صادقة، لنسأل انفسنا ان كان ما نختلف بشأنه يبرر انقسامنا وتشرذمنا.
سلام لروحك، لأنك هزمت جلادك والحقت به الذل.. أنت لم تمت لأن رصيدك الكفاحي شمعة كبيرة تنير الطريق للأجيال الفلسطينية القادمة، فأنت أكثر الالتباسات وضوحا، لم يعد لدينا من كلام كثير لنقوله.. لقد نجحت في امتحان التحدي الأخير وأي نجاح.