"التيتي".. مطعم شاهد على تحولات نابلس منذ 120 عاما
رام الله- الحياة الجديدة- عزيزة ظاهر- قبل دخولك البلدة القديمة في مدينة نابلس، ثمة ما يرمز الى ازقتها واحجارها القديمة، مطعم التيتي هو أحد شواهد البلدة القديمة في المدينة، يعود الى ما قبل عهد العثمانيين، وإن حالفك الحظ وزرت المطعم يوما، سيخيل لك للوهلة الأولى أنك في متحف للصور القديمة والأنتيكا، فرغم ضيق المكان إلا أنه يجمع حضارات العالم في لوحة فنية منظمة علقت في سقف وأنحاء المكان بطريقة جذابة للزائرين لا سيما الأجانب.
ولا يزال مطعم التيتي إرثا يحافظ على وجوده منذ أكثر من 120 عاما، تتوارثه الأجيال جيلا بعد جيل من عائلة التيتي، التي تفتخر بشهرة مطعمها وبقائه حاضرا في الذاكرة، وعاصر المطعم تحولات هائلة شهدتها فلسطين خلال العقود الماضية، منذ الانتداب البريطاني، ويقدم لزبائنه المأكولات النابلسية الشعبية القديمة، ويعد طبق العجة، الطبق اليومي الرئيسي في المطعم، إضافة إلى أكلة "البابا غنوج"، وخلطة اللبن بالكوسا والباذنجان المشوي، والمحمرة، والطحينية.
ومطعم التيتي هو واحد من 6 مطاعم قديمة تعود لعائلة التيتي، تم إغلاق خمسة منها، وبقي هذا المطعم الإرث التاريخي الوحيد المتمسك بأصالة نابلس وعراقتها، ومن أشهر الشخصيات التي زارت المطعم وتذوقت أطباقه الشعبية، الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، وملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، وقد تلقى مالكه عروضا مالية كبيرة ومغرية لبيعه، إلا أنه رفضها رفضا قاطعا، وآثر أن يظل المطعم وجهة نابلس التراثية والحضارية، وعنوانا للأجيال القادمة.
محمود التيتي "أبو محمد" يقول لـ "الحياة الجديدة": عشت وترعرعت بين زوايا المطعم وجدرانه القديمة، ورسمت أحلامي وطموحاتي المستقبلية فيه، وتعلمت مهنة الطهي من والدي رحمه الله، استطعت ان اجعل من المكان متحفا تراثيا من خلال مقتنيات تراثية جمعتها بنفسي طيلة سبع سنوات من مختلف انحاء العالم وبعضها صنعتها بيدي، وحصلت على الفكرة خلال زيارتي لمدينة القاهرة قبل 36 عاما، بعد أن دخلت مطعما يحمل الفكرة نفسها، حيث تمكنت من جمع العالم بمعالمه المختلفة بمكان محدد يأتي إليه الزبائن لتناول الطعام وطلبا للراحة النفسية ومشاهدة معالم فريدة وجميلة في آن واحد.
يسترجع التيتي بعض المواقف التي تركت أثرا إيجابيا كبيرا في نفسه قائلا: قبل نحو 4 أعوام زارت المطعم سيدة ثمانينية مع أولادها وأحفادها، من الداخل الفلسطيني، وبعد أن تأكدت من اسم المطعم واسترجعت ذاكرتها جيدا، اتضح أنها زارت المطعم برفقة زوجها قبل نحو 50 عاما.
على مر العقود الماضية تميز المطعم بتقديم أفضل الخدمات للزبائن ولعلك تلمس ذلك من خلال حسن المعاملة والترحيب لكل من يأتي إليه من كافة الجنسيات، فهو بالإضافة الى كل تلك الميزات يجذبك أيضا ما يقدمه من وجبات الطعام الشعبية ذات الأسعار المقبولة للجميع لا سيما طلبة الجامعات.
مواضيع ذات صلة