بشارة: المخاطر الأمنية والمالية تفرض علينا اعتماد موازنة الطوارئ واتخاذ قرارات حازمة
فاتورة الرواتب ارتفعت خلال خمس سنوات بنسبة 25% وتوقعات بارتفاع قيمة العجز المالي إلى 609 ملايين دولار
رام الله-الحياة الاقتصادية- أيهم أبوغوش ومحمد الرجوب- كشف وزير المالية المالية والتخطيط شكري بشارة عن أرقام صادمة بخصوص الوضع المالي الصعب الذي تمر به السلطة الوطنية، مشيرا إلى زيادة في قيمة الايرادات مقابل زيادة أكبر في قيمة النفقات.
ونوه خلال لقائه مع صحفيين في مقر وزارة المالية والتخطيط في مدينة رام الله إلى أن تصاعد وتيرة الاعتداءات الاسرائيلية الأكثر دموية منذ سنوات خلال العام 2022 ، بالإضافة إلى توسيع النشاط الاستيطاني ومضاعفة الضغوط على السلطة الوطنية أدت إلى إبطاء في تنفيذ خطة الاصلاح المالي التي كانت تقوم على ثلاثة ركائز هي: خفض فاتورة الرواتب وخفض صافي الاقراض وضبط التحويلات الطبية.
وتكشف أرقام الانفاق الفعلي من ميزانية عام 2022 أن هناك زيادة ملحوظة في الانفاق على هذه البنود الثلاثة. فقد ارتفعت فاتورة رواتب موظفي القطاع العام وأشباه الرواتب من نحو 2.99 مليار دولار في عام 2018 إلى 3.71 مليار دولار مع نهاية العام 2022 أي بزيادة نسبتها 25% خلال خمس سنوات فقط، مشيرا إلى ضرورة اتخاذ قرارات حازمة للحفاظ على مقومات الصمود والاستدامة المالية.
إنجازات ملموسة في عام صعب
رغم الواقع المالي الصعب بسبب التحديات السياسية والاقتصادية، أشار بشارة إلى أن وزارة المالية والتخطيط نجحت في زيادة الايرادات العامة خلال العام 2022 بنسبة 14% مقارنة مع الايرادات المتحققة خلال العام 2021، بالإضافة إلى التمكن من تخفيض الدين المحلي مع نهاية العام 2022 ليصيح 2.2 مليار دولار مقارنة بـ2.5 مليار دولار في 2021. ونوه إلى أن الحكومة نجحت في تخفيض العجز بعد القرصنة الاسرائيلية لأموال المقاصة من 971 مليون دولار في عام 2021 إلى 416 مليون دولار في عام 2022 أي انخفاض بما نسبته 57%.
وأشارت وزارة المالية والتخطيط إلى أنها حافظت على وتيرة تنمية الايرادات التي تحققت خلال العشر سنوات الماضية، حيث ارتفعت قيمة الايرادات إلى 5.04 مليار دولار في عام 2022 بالمقارنة مع 4.4 مليار دولار لعام 2021، اي بنسبة نمو 14%، وفاق إجمالي الايرادات المتحقق ما نسبته 3,6% عن المستوى المستهدف في موازنة 2022.ونوه إلى التزام وزارة المالية والتخطيط في تنمية الموارد والدخل دون اللجوء إلى أي زيادة في العبء الضريبي على المواطنين.
انخفاض في النفقات وتراجع في الدعم
سجل إجمالي النفقات الفعلية لعام 2022 حوالي 5.5 مليار دولار مقارنة مع تقديرات الموازنة البالغة 6 مليارات دولار أي بانخفاض بنسبة 7% وبقيت ضمن مستوى الانفاق الفعلي في العام 2021. ونوه بشارة إلى أن إجمالي الانفاق تحقق رغم ارتفاع قيمة فاتورة الرواتب من 2.55 مليار دولار إلى 2,65 مليار دولار في عام 2022 أي ما نسبته 4%، فيما ارتفعت قيمة أشباه الرواتب من 1.05 مليار دولار عام 2021 إلى 1.07 مليار دولار في عام 2022 أي ما نسبته حوالي 2.4 %، ما يعني أن ما تم انفاقه على الرواتب وأشباه الرواتب في عام 2022 ارتفع بحوالي 3.6% ومن المتوقع أن يرتفع إلى 6% نتيجة الاتفاقيات مع عدد من النقابات، مشيرا إلى أن تضخم الرواتب وأشباه الرواتب تجاوز الـ100% من إجمالي الايرادات.
تقلص الدعم الخارجي
أظهرت الأرقام الصادرة عن وزارة المالية والتخطيط أن الدعم الخارجي للسلطة الوطنية في عام 2022 وصل إلى نحو 252 مليون دولار منها 151 مليون دولار لدعم الموازنة و101 مليون دولار للمشاريع التطويرية، ما يعني أن قيمة الدعم أقل من المتوقع في الموازنة والبالغ 550 مليون دولار أي بانحراف سلبي بنسبة 54%.
انخفاض مستوى العجز
انخفض مستوى العجز في عام 2022 مقارنة بالسنوات الماضية، فقد تراجع بنحو 68% مقارنة بعام 2021 (من 757 إلى 242) مليون دولار، وبمقارنته بالعجز المستهدف بالموازنة فقد تراجع بنسبة 57%(من 564 إلى 242) مليون دولار. وتراجع صافي العجز في عام 2022 بنحو 57% مقارنة بعام 2021 (من 971 مليون دولار إلى 416 مليون دولار) أي ما نسبته 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
الدين العام
وأوضح بشارة أن رصيد الدين العام المصرفي مع نهاية العام 2022 بلغ 2.2 مليار دولار أي ما يعادل 11% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى انخفاض بنسبة 11% عن رصيد العام 2021 والذي بلغ في حينه 2.35 مليار دولار.
ويتوزع الدين العام المصرفي على تسهيلات متوسطة الأجل (3- 5 سنوات)، بقيمة 1.1 مليار دولار، وتسهيلات قصيرة الأجل (لغاية ثلاث سنوات)، بقيمة 634 مليون دولار، بالإضافة إلى جاري مدين بقيمة 507 ملايين دولار.
وأظهرت الأرقام الصادرة عن وزارة المالية والتخطيط أن حجم التزامات الحكومة المستحقة لصالح القطاع الخاص بلغت 718 مليون دولار 75% منها لصالح المستشفيات وموردي الأدوية.
خطة الاصلاح
تلخصت خطة إصلاح النفقات في موازنة العام 2022 في ثلاثة محاور هي: فاتورة الرواتب والأجور والقطاع الصحي وصافي الاقراض.
وتكشف أرقام الإنفاق الفعلي أن فاتورة الرواتب قد ارتفعت في العام 2022 مقارنة مع 2021 بنسبة 4% بواقع 154 مليون دولار، كما ارتفعت التحويلات الطبية بقيمة 50 مليون دولار وبنسبة 33%. وارتفع صافي الاقراض بـ75 مليون دولار وبنسبة 23% خلال العام الماضي مقارنة مع العام الذي سبقه لتبلغ قيمتها 364 مليون دولار مع نهاية العام الماضي.
وتقول وزارة المالية إنها بذلت جهدا للحد من ارتفاع فاتورة الرواتب من خلال التقاعد المبكر والإصلاحات الإدارية ولكنها لم تنفذ نظرا للأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة والعدوان الإسرائيلي وتشكيل حكومة يمينية متطرفة في اسرائيل، بالإضافة إلى عوامل داخلية أبرزها المواقف والفعاليات من قبل الاتحادات والنقابات والموظفين العموميين.
ويستدل من أرقام وزارة المالية والتخطيط أن إجمالي فاتورة الرواتب في العام 2018 بلغ 2.99 مليار دولار وصولا إلى 3.73 في مليار دولار في العام الماضي أي بارتفاع نسبته 25% خلال خمس سنوات.
كما ارتفعت فاتورة التحويلات الطبية وصولا إلى 345 مليون دولار في عام 2022 بنمو نسبته 140% منذ عام 2015. في المقابل بلغت ايرادات التأمين الصحي 108 ملايين دولار فقط في العام الماضي بما يشكل 17% من إجمالي نفقات وزارة الصحة. فيما تشكل فاتورة التحويلات الطبية ما نسبته 43% من إجمالي النفقات التشغيلة لوزارة الصحة.
موازنة الطوارئ لعام 2023
تأخذ موازنة الطوارئ التي كشف وزير المالية والتخطيط أن الرئيس محمود عباس قد صادق عليها الأسبوع الماضي في الحسبان مضاعفة القرصنة الإسرائيلية لأموال المقاصة التي بلغ معدلها الشهري 130 مليون شيقل، الأمر الذي يؤثر سلبا على الاستقرار المالي ويفاقم فجوة العجز. كما تأخذ الموازنة في الاعتبار استمرار تضخم فاتورة الرواتب وأشباه الرواتب نتيجة التعامل مع التحديات والضغوطات المالية لعدد من النقابات وهما ما سيعني حكما زيادة العجز بنسبة 29% مقارنة مع العام الماضي،إذ ستزيد قيمة العجز بسبب مطال النقابات بنحو 120 مليون دولار سنويا.
وتعتمد الموازنة مبدأ التقنين وتحديد أسس الإنفاق على مجموعة من الأولويات أبرزها توفير الإمكانيات المالية لتمكين أجهزة الأمن من التجاوب السريع أمام التقلبات المجتمعية الناتجة عن العدوان الاسرائيلي للحفاظ على الوضع الأمني، وتوفير الإمكانبات اللازمة للقطاع الصحي من أجل توطين الخدمة للمستشفيات الحكومية، وتوفير موازنات للفئات المهمشة غير مرتبطة بالدعم الخارجي وتجنب الإنفاق على الكماليات.
وتعكس موازنة 2023 نموا بنسبة 7% في الايرادات لتبلغ 5.38 مليار دولار مقارنة مع 5.04 مليار دولار في العام 2022. كما تعكس نموا بنسبة 11.6 %في إجمالي النفقات وخدمة الدين العام بمبلغ 6.18 مليار دولارمقارنة مع 5.53 في العام الماضي يبلغ العجز بعد المنح وقبل الاقتطاعات الاسرائيلية الجائرة 359 مليون دولار و609 ملايين دولار بعد احتساب القرصة الاسرائيلية.
وترسم الأرقام صورة قاتمة للمالية العامة ما لم يتحرك المجتمع الدولي والإدارة الأميركية للضغط على الاحتلال لاستعادة المستحقات المالية الفلسطينية ومتابعة حشد الجهود لإعادة وتيرة المساعدات المالية من الدول المانحة إلى سابق عهدها وتفعيل الدور التكاملي بين سلطة النقد والقطاع الخاص والمؤسسات المالية بما يهدف لتحقيق أولويات الحكومة وتقوية التنسيق مع الهيئات الحكومية والبلديات وشركات النقل وتوزيع الطاقة لكي تتحكم المسؤوليات المناطة بها للحد من ظاهرة صافي الاقراض.
مواضيع ذات صلة