عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 03 نيسان 2023

"أم شادي" ما زالت تعد فطور رمضان

اثنان من أبنائها شهيدان وثالث مع والده في معتقلات الاحتلال

رام الله- الحياة الجديدة- عزيزة ظاهر- في الوقت الذي تستعد فيه الأمهات لإعداد موائد الإفطار في شهر رمضان، تقلب الأم شادية غنيم، من بلدة برقين، غرب جنين، في عقلها دفاتر الذكريات، فتسترجع أيامها مع عائلتها على مائدة رمضان، حيث تتعالى الضحكات، وتمتلئ المائدة بما يطلبه الأبناء من والدتهم لتعده لهم في شهر الصيام.

فبعينين غارقتين بالدموع تستقبل الأم شهر رمضان من دون لمة عائلية على مائدة واحدة، تربط على جرح قلبها وتتحدث عن الألم الذي يعتصر فؤادها، ثم تعود لتبتسم راضية بما كتبه القدر لعائلتها بعد أن ودعت نجليها محمد (26 عاما) ونور (21 عاما) شهيدين قبل نحو شهرين خلال مجزرة راح ضحيتها 9 شهداء في مخيم جنين، فيما نجا أحمد (36 عاما) من الاغتيال جريحا ليتعافى بعد فترة ويطارده الاحتلال مجددا، في حين ما زال الاحتلال يعتقل زوجها سامي ونجلها الأكبر شادي، بعد أن حولهما للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر.

تتحدث أم شادي بنبرة حزينة لـ "الحياة الجديدة": منذ اليوم الأول لشهر رمضان وأنا أتجرع كاسات ألم الفراق، اشتقتلهم كثير، فأنا ما زلت أشاهد ملامحهم ترافقني ولا تغيب عني، ومقاعدهم الفارغة ستبقى مكانها حتى أفارق الحياة، ففراق أبنائي أحدث وجعا كبيرا شطر قلبي إلى نصفين، فلم أعد أتذوق طعم الطعام، ولا أشعر بلذة رمضان.

واستكملت الأم حديثها المحزن على فراق أبنائها وزوجها وهي تمسح دموعها، كان نور يغمر جو الأسرة في رمضان بالبهجة والفرح وكان دائم الحركة والشقاوة في المنزل، يمزح ويلهو مع كل أفراد العائلة، فمنذ إفطار اليوم الأول لشهر رمضان وأنا أتخيل أنه سيأتي متأخرا بعد أن يؤدي صلاة العشاء والتراويح جماعة في المسجد، إلا أنني سرعان ما أستفيق من حلمي وأتذكر أنه ارتقى إلي عليين، وتتذكر نجلها محمد وهو يملأ عليها البيت حيوية وشقاوة منذ طفولته حتى أصبح شابا، يأتي لها بهداياه الحلوة، وعندما تكون جالسة في البيت يأتي على غفلة من خلفها ويقبلها ثم ينام في حضنها الدافئ، وحين يقول لها: كم أتمنى أن يرزقني الله بالشهادة في سبيله، وتقول له: كفاك شقاوة يا حبيبي، ثم يضحك "محمد" ويقول لها: إن شاء الله عن قريب سوف تسمعين خبر استشهادي، ثم تبتسم وتقول له: يكفيك مزاح، الله يرضى عليك يا بني.

واختتمت قولها: إن شاء الله يكون مثواهم الجنة ومع الحور العين، ويفطروا في الجنة عند النبيين والشهداء والصديقين وحسن أولئك رفيقا.

وتتابع: رمضان عمق الحزن وزاد من شدة أوجاع الفراق، فصورهم لا تغيب عن خاطري حتى لو لحظة واحدة، خصوصا في ساعات السحور والإفطار، والتي كانت تغمرها ضحكاتهم وأصواتهم، انتهت كل المناسبات والأعياد من حياتنا، وحتى في رمضان وعيد الأم، كل الأمهات يفرحن ولكني أبكي وأتألم، لكن أملي بالله كبير وعزائي الوحيد أنهم شهداء أحباب الله.