إرهاب منظم في دوما
نابلس- الحياة الجديدة- عزيزة ظاهر- ما إن تدخل قرية دوما جنوب شرق مدينة نابلس حتى تبتهج نفسك بجمال البلدة الوادعة، ويدهشك انسياب المياه العذبة من شلالاتها التي تتدفق كل شتاء وتنساب في أودية عميقة، لكن سرعان ما يستفزك منظر حزام استيطاني يلفها ويخنقها، فتحاصرها من الغرب مستوطنة "شيلو" التي أقيمت عام 1978 امتدادا للبؤرة الاستيطانية "احيا"، وفي المنطقة الجنوبية معسكر "جبعيت" والمستوطن "حنان" الذي يسيطر على خمسة آلاف دونم، ومن الجهة الشرقية مستوطنتا "معالي افرايم، وفصايل"، فيما يحاصر القرية من الجهة الشمالية الغربية "خط شارع ألون" الاستيطاني، وينعم مستوطنوها بحرية الحركة والتنقل واغتصاب أراضي المواطنين والاعتداء على أصحابها، فيما يحرم أصحاب الأرض من أبسط حقوقهم التي تنتهك يوميا من قبل سلطات الاحتلال والمستوطنين على حد سواء.
تتميز دوما التي تبعد حوالي 30 كيلومترا عن مدينة نابلس بموقعها الفريد، إذ تشكل رأس مثلث لثلاث محافظات هي أريحا ورام لله ونابلس، وجهتها الشمالية بمثابة حاجز طبيعي من الوديان التي تشكل عائقا أمام تمدد الاستيطان نحو القرية من هذه الجهة.
يبتلع غول الاستيطان حوالي 17 ألف دونم من أراضي دوما، من أصل 18 ألف دونم مساحة القرية، حتى إن القرية الجميلة الوادعة باتت مسرحا لهجمات المستوطنين، بعدما أحيطت بسلسلة من المستوطنات.
رئيس مجلس قروي دوما سليمان دوابشة، يقول لـ"الحياة الجديدة"، إن موقع القرية الاستراتيجي "فتح شهية المستوطنين لالتهام أراضيها"، وتنفيذ خططهم السياسية والاستيطانية، كونها الوحيدة الواقعة شرق شارع (ألون) الاستيطاني، وتشرف على الأغوار، وتأتي في المرتبة الثانية في الاستهداف الاحتلالي بعد القدس، ففي عام 1987 صدر من المحكمة الإسرائيلية قرار يقضي بأن هذه المنطقة محمية طبيعية، ثم صدر بعدها قرار بأنها منطقة عسكرية مغلقة، وقبل نحو عامين تعرضت القرية لهجمة هدم شرسة طالت مسجدها وبيوتا وبركسات زراعية، وأخرى لتربية المواشي، وتخريب للبنى التحتية من شبكات المياه والكهرباء والشوارع والطرقات، بهدف الحد من البناء والعمران والتقدم في مشاريع الزراعة".
ويتابع دوابشة: في مطلع الشهر الجاري اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال ترافقها جرافة عسكرية المنطقة الشرقية من القرية، وهدمت منزلي المواطنين محمد علي، وتبلغ مساحته قرابة 160 مترا مربعا، ومصطفى خالد مليحات، وتبلغ مساحته قرابة 200 متر مربع، بحجة البناء في المنطقة "ج"، وقد اخطرت بهدم عدد من المنازل في دوما، ويخشى دوابشة أن يكون هدم المنزلين مقدمة لهدم منازل أخرى وتشريد أهلها.
"هباء منثورا" ذهب شــقاء العمر يقول مصطفى مليحات لـ "الحياة الجديدة". ويضيف بألم وحزن شديدين: وحده الله يعلم حجم الديون المتراكمة على العائلة، فلم يمض 3 سنوات على إتمام عمار المنزل الذي يؤوي 17 فردا، أشعر بظلم كبير ووجع وألم لما حل بنا، ما حدث لم يكن متوقعا في أي لحظة، فمشاهد الهدم والتدمير ستظل ماثلة أمامنا وحاضرة في الذهن إلى الأبد.
وبين مليحات، أنه لم يستطع إخراج كامل احتياجاته من المنزل قبل هدمه، لدرجة أن هويات أولاده وبناته ظلت تحت الأنقاض خلال عملية الهدم، ومنعت قــوات الاحتلال أحدا مــن الاقتراب، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع ووابلا من الرصاص الحي تجاه المواطنين، وبعد الانتهاء من تنفيذ جريمتها سحبت آلياتها العسكرية والجرافات، تاركة قرابة 50 فردا يبحثون عن مسكن يؤويهــم في المكان ذاته، رافضين فكــرة الرحيل عن أرضهم وموطن أجدادهم.
مواضيع ذات صلة