عاجل

الرئيسية » تقارير خاصة »
تاريخ النشر: 21 شباط 2023

عميد أسرى رام الله.. عندما تصبح فاكهة البطيخ حلما

رام الله- الحياة الجديدة- عزيزة ظاهر- يستحق أسير بثلاثة عقود أمضاها دفين سجون الاحتلال أن يحفظ اسمه عن ظهر قلب، أن يكون معروفا لدى الصغير قبل الكبير، 31 عاما قضاها متنقلا بين السجون، يتمنى لو يرى معالم الحياة خارج أسره، ويأكل ما يشاء دون أن تصبح فاكهة البطيخ حلما، ويلبس ما يشاء دون أن يصبح اللون البني والألوان القاتمة لون شتائه وصيفه وخريفه وربيعه، دون أن يتمنى استنشاق رائحة التراب عند أول هطول للأمطار في بلدته، ودون أن يصبح الأطفال بالنسبة له كائنا يتلهف لرؤيتهم واشتمام رائحتهم الطاهرة.

لم يكن الأسير محمد فوزي فلنة (60 عاما) من بلدة صفا غرب رام الله، يملك من الأمنيات الكثير في بادئ حياته، قبل أن تنقضي طفولته، ربما فقط كان يحلم بوطن اعتيادي لا شهداء فيه بين كل خبر وخبر، ولا رائحة حرب، حتى أعطاه وطنه جزءا من الفرص المتاحة ليضحي في سبيل حريته وحرية أحلامه، فاعتقل في المرة الأولى عام 1986 وظل في سجون الاحتلال لمدة 14 شهرا بتهمة إلقاء قنبلة "مولوتوف" على دورية لجيش الاحتلال.

بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1992، اعتقل الاحتلال الأسير فلنة مجددا، على خلفية مشاركته في تنفيذ عملية تفجير حافلة مستوطنين على الطريق المؤدية إلى مستوطنة "متتياهو" بين قريتي خربثا وصفا برام الله، وأدى التفجير لمقتل مديرة مجلس المستوطنة، والتي كانت مسؤولة عن توطين المستوطنين الجدد، وجرح 9 آخرين، وبدأت بالنسبة له جولة أخرى من مقاساة الحرمان والانقطاع عن العائلة.

 هو من الأسرى القدامى المعتقلين بشكل متواصل منذ توقيع اتفاقية أوسلو، ورفض الاحتلال إطلاق سراحه ضمن عمليات الإفراج التي تمت عقب اتفاق أوسلو، وكذلك في "صفقة شاليط"، ويقبع حاليا في معتقل ريمون.

وأمعن الاحتلال في مواصلة إجرامه بحق الأسير أبو فلنة بحرمانه من زيارة ذويه لسنوات، ولم تسمح إدارة مصلحة سجون الاحتلال بزيارته إلا مرة واحدة كل عام، بحجج وذرائع أمنية وخلال اعتقاله فقد والده وشقيقته دون أن يسمح له السجان بوداعهما.

يقول شقيقه احمد لـ "الحياة الجديدة": كان خبر حكمه هذه المرة لا منطقي، صدمنا جميعا، حكم بالسجن المؤبد مدى الحياة، حُكمٌ أكل نصف عمره، ماذا يعني أنه قضى 31 عاما من حياته في الأسر؟ ماذا يعني أنه قضى نصف حياته طريح مدافن الأحياء، حتى حظي برتبة لم يتمناها يوما ألا وهي عميد أسرى رام الله والبيرة، ويقبع حاليا في معتقل ريمون؟

يستذكر السنوات التي عاشتها الأسرة برفقة الأسير، ويقول لمراسلة "الحياة الجديدة": كانت من أجمل السنوات، كان الأسير محمد حنونا محبا للجميع، شخصا اجتماعيا ومرحا ومحبوبا بين العائلة وأهل البلد، ترك المدرسة من الصف الخامس الابتدائي لمساعدة والدي في مصاريف الحياة، وعمل في مجال البناء بالداخل المحتل، أكلته المفضلة كانت الملوخية والمقلوبة، وفاكهة البطيخ والصبر، التي لم يتذوقها منذ اعتقاله.

ويتابع: أخي محمد كان إنسانا مزارعا وعاملا عاديا، عشق الأرض حتى عشقته، لدرجة أنه في إحدى الزيارات أخبرني انه لو قدر له وخرج في احدى صفقات تبادل الاسرى سيشتري مزرعة كبيرة ويهتم بفلاحة الأرض حتى وفاته، لكون الأرض أغلى من روحه وتستوطن عقله رغم 31 عاما من الفراق والأسر المتواصل والذي طال كثيرا.

ولفت إلى أن شقيقه يعاني من مرض النقرس، والتهابات حادة في المفاصل تسبب له آلاما متواصلة، ولا يتلقى علاجا سوى المسكنات.